في أول زيارة من نوعها منذ ثلاثين عاما زار السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عُمان، إيران على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع المستوى، حيث التقي كبار المسئولين الإيرانيين وعلى رأسهم المرشد الأعلى للجمهورية آية الله على خامنئي والرئيس محمود احمدي نجاد.

زيارة السلطان قابوس هي أول زيارة يقوم بها زعيم أجنبي لطهران في مستهل الولاية الثانية للرئيس نجاد وتأتي بعد رفض عُمان رسميا المشاركة في مشروع مظلة الدفاع الأمريكية لحماية أمن الخليج.

وفي مستهل الزيارة حرص العُمانيون على التأكيد انها جاءت بناء على دعوة من القيادة الايرانية وردا على الزيارات التي قام بها عدد من الرؤساء الايرانيين لبلادهم وانها لا تستهدف حل الخلافات بين ايران وبعض الدول العربية أو الوساطة بين هذا الطرف او ذاك.

كما حرص العمانيون على تهدئة مخاوف دول مجلس التعاون الخليجي بقولهم إن التقارب من ايران هدفه دعم العلاقات الثنائية في مختلف المجالات بما يخدم المصالح المشتركة والامن والاستقرار في منطقة الخليج ومضيق هرمز وبحر عُمان.

وربما يكون هذا صحيحا إلى حد كبير فقد سيطر الهاجس الأمني على المحادثات التي تمت بين القيادتين العُمانية والايرانية وأسفرت عن توقيع توقيع اتفاقية للتعاون الامني ركزت على دعم التنسيق الامنى وتبادل المعلومات ومكافحة التهريب والتسلل والجريمة.

كما وقع الجانبان على اتفاقيات اخرى لدعم التعاون الاقتصادي والتجاري ودعم التعاون المشترك في مجال انتاج سماد اليوريا والكهرباء وانشاء مركز لتعليم اللغة الفارسية في مسقط.

بالتأكيد زيارة السلطان قابوس لإيران تعكس نقلة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين في ظل التوجه العماني المتزايد للتقارب مع إيران، وهو توجه مشابه لتوجه دولة قطر، ويتعارض مع قيام موقف خليجي موحد من الخطر النووي الايراني ونشر المذهب الشيعي في الدول العربية السُنية.

صحيح أن عُمان تشعر بالقلق مثل باقي دول الخليج من إيران النووية لكنها ترى انه بالامكان التعايش معها، بالنظر إلى الدور الذي لعبته إيران في إخماد التمرد الشيوعي في ظفار غرب عُمان في السبعينات من القرن الماضي، كما لا يوجد قلق عماني من انتشار المد الشيعي استنادا الى هوية عمان الثقافية المنفصلة.

ولا يخفى العمانيون قلقهم من ان تنتهي المواجهة الحالية بين الولايات المتحدة وإيران إلى الاعتراف بالأخيرة لاعبا رئيسيا في المنطقة خاصة مع تزايد المخاوف من التداعيات المترتبة على توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية.

ولعل هذا ما دفع القيادة العمانية لتقديم رؤية مختلفة لحماية أمن الخليج من أي رد فعل انتقامي في حال حدوث مواجهة عسكرية بين إسرائيل وإيران عن طريق الدعوة إلى انجاز تفاهم أمريكي إيراني يترتب عليه ضمان أمن الخليج وحماية المصالح الأمريكية.

ومع اشتراك عمان وإيران في حقل غاز كيش الذي يحتوى على احتياطي قدره 48 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي النقي فإن عُمان تأمل في أن يؤدي الاستغلال المشترك له مع حلول عام 2012 إلى توفير احتياجاتها المتزايدة من الغاز بدلا من الاستمرار في استيراده من قطر وايران.

باختصار زيارة السلطان قابوس لإيران تعكس quot;رؤية مختلفةquot; للتعامل مع إيران النووية وتستهدف بالدرجة الأولى دعم العلاقات الثنائية وطرح صيغة أخرى لضمان أمن الخليج في مواجهة التداعيات المترتبة على أي مواجهة عسكرية محتملة بين إسرائيل وإيران!

عبد العزيز محمود