لم تحب! طوت سنينها العجفاء خلف ذاکرتها المثخنة بجراح و آلام شتى وکأنها تطوي قصة حب إنتهت بزواج قاتل!
رفعت رأسها وکأنها تذکرت فجأة انه من حقها ان تأخذ شيئا من متاع الحب في هذه الحياة، لکنها تصطدم دوما بجدار واقعها الذي وجدت نفسها محشورة فيه رغم أنفها، انها حياة غريبة، حيث الکثيرون من الذين لم يحلموا أو ينتظروا ولو لحظة حب واحدة في حياتهم عاشوا أکثر من قصة حب، لکنها وهي التي حلمت دوما بقصة حب رومانسية تجعل لکل دقة قلب أو رمشة عين معنى خاص، بيد انها لم تصادف شيئا من الحب وانما ظلت منتظرة و تعيش عوالمها الخاصة.


وذات يوم وعندما وجدت نفسها باتت زوجة لأحدهم، تقبلت حياتها الجديدة إذ لم يك هنالك من أمر ينغص عليها مسار حياتها، لکن الامر الاهم انها لم تستطع ان تتقبل فکرة الحب بعد الزواج ولذلك عاشت حياتها الزوجية کما تستوجب العادات و التقاليد لکن عينها ظلت عالقة بأفق الحب سيما عندما لم تتخل عن أحلامها و خيالاتها المرهفة وظلت تنهل من فضائات النوم و تغرف من سواقي اليقظة لحظات ما، لحظات ترى نفسها وقد صارت حبيبة لفارس ما، فارس يهمس برقة ورهفة في أذنها حبيبتي! ولطالما تخيلت أو حلمت أو تصورت نفسها وهي تهتف بغنج و دلال بکلمةquot;حبيبيquot; لکن مضى العمر ولم تر شيئا سوى المزيد من الاحلام و الکثير من الانتظار. ويوما ما، رفعت رأسها للسماء وقالت: أيها الرب، لم لم أحظ بشئ من الحب في عالمك الکبير هذا؟ أهو حظي العاثر أم قد يکون قلبي أصغر من قلوب أية أنثى، أم إن هناك في الامر ثمة سر؟ اواه ياربي، لقد قال جبران خليل جبران:(لاتقل ان الله في قلب العاشقين، بل قل ان العاشقين في قلب الله) فماذا هو هذا الحب الذي يجعل من قلبك الرؤوف أيکا له؟ ليتني ذقت شيئا من الحب، ليتني ذبت في قطرة من الحب، ليتني تساميت في لحظة حب و صرت مجرد طيف شارد حول عقل و قلب رجل موله بي و بوصالي!


اواه أيتها الحياة! ليتني عشتك مرة أخرى و صادفت في أفانينك و أغاديرك الحب، حب ليس يقتله او ينسفه او ينفيه زواج ما، بل حب يفرض سطوته و جبروته على کل القيم و التقاليد، حب يجعلني الانثى الوحيدة في فکر و قلب و ضمير حبيبي و يجعله آخر رجل في العالم بنظري، هذا هو الحب الذي أريده ولأجل هکذا حب فقط أرغب بأن تعود عجلات الزمن القهقري الى الوراء، غير انني أشعر أحيانا بشئ من القلق الذي يتغشاه خوف غريب لاأعرف سره او سببه، خصوصا عندما أتسائل: هل سيکون هنالك رجل يرغب و يحلم و يريد الحب کما أفکر انا؟ وهل هنالك رجل يکف شبق نظراته المجنونة عن أناث الدنيا حبا بي؟ انا بنفسي مستعدة لأن أجعل حبيبي اول و آخر رجل في التأريخ و اجعل حضني له نثارا زاخرا بکل شموس و أقمار و نجوم الدنيا واهدهده ليل نهار بترانيم و اهازيج العشق و الغرام فهل سيکون هنالك رجل يناسب دنيا حبي تماما؟


الحب لايولد إلا غريبا! قالها لي ذات يوم أمرء مر بحياتي صدفة ومن دون سابق ميعاد، ومن يدري، لعل الحب يطل ذات يوم في سماء حياتي و يأتي بقوانين و سنن و نواميس جديدة لم تخطر على بالي أبدا، من يدري نعم من يدري لعل الحب يأتي غريبا و يقلب حياتي رأسا على عقب و يجعل من کل ذرة من کياني مناهل مخملية لحب لاينتهي أبدا!

نزار جاف