عزت مصطفى من صنعاء:تمد اليمن أرجلها على استحياء محاولة الدخول ثانية وسط الأضواء السينمائية عبر محاولات فردية لبعض فنانيها في ظل غياب ثقافة سينمائية انقطعت عن هذا البلد منذ أواسط السبعينيات. ورغم ضيق البؤرة التي يحاول من خلالها فنانيين اثنين أو أكثر الدفع برأس السينما اليمنية لترى النور في ولادة ثانية لها تبدو متعثرة إلى الآن، يطل تفائل سينمائيين هنا بإمكان نجاحها وخروج أعمالهم للمشاركة بين أفلام تحمل خاتم دول ذات خبرة ووفرة انتاج وتقنيات، ما يبعث أملاً ضوئياً جديداً.

من فيلم الرتاج المبهور

في تشرين أول (أكتوبر) المقبل تشارك اليمن بفلمين روائيين قصيرين في مهرجان غرضه التقريب بين الثقافتين العربية والأسبانية، إذ يقول مخرج الفلمين أن إدارة مهرجان الأمل الدولي للفيلم العربي الأوربي قبلت مشاركته وأن عدسة ضوئية ستشع بصور أفلامه على الحائط ذاته الذي ستعرض لصقه أفلام من دول ذات حضور سينمائي مشهود.

حميد عقبي فنان يمني، يدرس السينما في بعثة دراسية إلى فرنسا، وقد أخرج وأنتج عدة أفلام قصيرة عبر مشروعه الذي يعمل عليه فنياً ودراسياً، وهو quot;سينمائية القصيدة الشعريةquot;، إذ يعالج عقبي النص الشعري درامياً لتؤول اللفظة فيه إلى صورة متحركة في فيلم قصير، ولعل أشهر ما أنتجه عبر هذا المشروع فيلميه quot;ستيل لايفquot; وquot;الرتاج المبهورquot; الذين سيذهبان إلى اسبانيا لتمثيل اليمن.
quot;ستيل لايفquot; كان قبل ذلك قصيدة شعرية بعنوان quot;حياة جامدةquot; للشاعر العراقي سعدي يوسف، إلا أن عدسة عقبي استطاعت أن تنثر سينمائياً قصيدة أحد أهم الشعراء العرب، أما quot;الرتاج المبهورquot; فهو فيلم لقصيدة بنفس العنوان للشاعر الكويتي عبدالعزيز البابطين، ومن خلاله يقنع حميد عقبي جمهوره أن العمود الشعري الثابت يمكن أن يهتز في الصورة السينمائية المتحركة.

ورغم الإنقطاع الزمني عن السينما في اليمن إلا أن فنان بريطاني من أصل يمني أستطاع العام قبل الماضي أن ينتج أول فلم روائي طويل حاز اندهاش الجمهور في الداخل والخارج، إذ كان quot;يوم جديد في صنعاء القديمةquot; أول فلم يمني يذهب إلى quot;كانquot;، و(كان) هنا بين الفعل والمهرجان تعني الكثير لليمنيين الذين لا يملكون دار سينما واحدة في عاصمة بلدهم.
ومنذ أن أخرج البريطاني اليمني بدر بن حرسي quot;يوم جديد في صنعاء القديمةquot; عام 2005م، لم يصل يمني آخر إلى الفن السابع في وسط اجتماعي وثقافي يفتقد كثيراً للفنون كلها، ويعجز عن ترتيبها كأولويات للوصول إلى سابعها.

انتاج سينما يمنية ليس من سابع المستحيلات وهو ما يحاول قوله فنانيين يمنيين اثنين، خاصة وأن نقاد فنيين يثبتون أن مدينة في جنوب الجزيرة العربية شهدت الولادة الأولى للسينما في المنطقة من خلال أول فيلم روائي في بداية سبعينيات القرن الماضي انتج وبث في عدن كان quot;من الكوخ إلى القصرquot; للمخرج الراحل جعفر بهري.
من فيلم ستايل لايف
في بداية السبعينيات كانت السينما حاضرة في اليمن ndash;على الأقل- من خلال دور عرض كبيرة ومحترمة، تسبق في عرضها آخر منتوج الفن السابع بلداً مثل مصر، إذ لم تكن الصالات السينمائية منتشرة في عدن وحسب التي شهدت انفتاحاً ثقافياً نتيجة الاستعمار البريطاني لها، بل أن مدن مثل صنعاء في الشمال وكذا مدينتي تعز والحديدة ملكت امتياز اقامة دور عرض شهيرة، قبل أن تتحول مبان الدور السينمائي فيها إلى أثر متهالك يشهد أن أعمالاً عظيمة مرت للعرض عبرها.

من الناحية الرسمية فشلت وزارة الثقافة اليمنية في الدفع بتسريع ولادة السينما ثانية هنا، فيما ظل الفنانيين مربوطين بحل سري إليها تحاشا كلاهما قطعه، إذ يبدو أن التحضير لمهرجان صنعاء السينمائي 2008م قد ألغي بعد خلاف بين صاحب الفكرة الفنان حميد عقبي والوزارة حول تمويله، كما أن عزم الحكومة الذي أعلنته عام 2005م بدعم انتاج فيلم مصري يمني حول حرب التحرير في جنوب اليمن ضد الاستعمار البريطاني يبدو قد اثبط، ليؤجل النصر السينمائي اليمني على الاستعمار الذي ولجت السينما هذا البلد أثناء حكمه، إذ أنقطع الصوت والصورة عن أخبار انتاج فلم quot;عملية صلاح الدينquot; الذي تدور احداثه بين عامي 1964-1965م، وكان مفترضاً ان يخرجه الفنان المصري الشهير علي بدرخان، ويقوم ببطولته النجم محمود حميدة.