بانوراما واسعة للانتاج الروائي المغربي
هدى ايراهيم من طنجة: يعرض مهرجان الفيلم الوطني للسينما المغربية في دورته التاسعة التي انطلقت في 18 تشرين الاول/اكتوبر ولمدة عشرة ايام عددا كبيرا من الاشرطة الروائية يصل الى 25 شريطا طويلا تمثل بانوراما واسعة لمجمل الانجاز المغربي في حقل السينما. هذا المهرجان الذي يعد اكبر التظاهرات التي تعنى بالسينما المغربية يقام كل سنتين تقريبا ويجمع كل ما انتج في المغرب من افلام روائية طويلة وبعض القصير ليتيح بذلك القاء نظرة شاملة على هذا الانتاج والتعرف على المواضيع التي شغلت اهتمام السينمائيين في المغرب.
من فيلم المغربي وداعا امهات
لكن اذا كانت السينما المغربية نجحت في فرض نفسها في المهرجانات الدولية وفي صالات اوروبا من حين لاخر ولا سيما فيما يخص الروائي الطويل الا ان حضور السينما المغربية يكاد يكون منعدما في البلدان العربية. فالفيلم المغربي لا يوزع في سوريا ولا في مصر او في لبنان علما انها فاقت في تطورها وكمية انتاجها سينما جيرانها في تونس والجزائر والتي كانت متقدمة عليها في الثمانينات.
ويعتمد المركز السينمائي المغربي منذ بضع سنوات سياسة تشجع الانتاج السينمائي لكن من دون ان تفرض شروط جودة صارمة على نوعية الفيلم وتحديدا القصير ما جعل الانتاج في هذا المجال يتكاثر كما على حساب النوع ليتفوق عليه نوعيا انتاج بلدان اخرى لا تقدم مساعدات للانتاج السينمائي مثل لبنان وفلسطين وما يعرف اليوم ب quot;السينما المستقلةquot; في مصر. وفيما يخص الاعمال الوثائقية تتساوى هذه البلدان او تتقارب مع المغرب في هذه الاعمال التي نشطت وامتازت في السنوات الاخيرة في جميع هذه الدول.
وعلى هذا الصعيد يسعى المغرب الى تأسيس مهرجان خاص بالافلام الوثائقية لينضم الى قائمة المهرجانات السينمائية الطويلة لهذا البلد والتي تقارب العشرة سنويا. فطنجة وحدها تستضيف مهرجانات الفيلم القصير المغربي والقصير المتوسطي ومهرجان الفيلم الوطني بينما تحتضن تطوان مهرجان الفيلم المتوسطي على انواعه وتحتضن خريبكة مهرجان الفيلم الافريقي فيما تقيم مراكش مهرجانا دوليا كبيرا ومكلفا.
واذا كانت هذه البانوراما تمثل مجمل الانجاز المغربي في حقل السينما وتبرز حركة هذا الفن المتجهة صعودا فان فيلم داوود اولاد السيد quot;في انتظار بازولينيquot; الذي كان يفترض ان يشارك في مهرجان البندقية الماضي يعتبر الاكثر تميزا وترقبا بين الافلام المعروضة. ومن هذه الافلام ايضا عملان لمخرجتين هما quot;درب العيالاتquot; لفريدة بورقية الذي عرض قبل ايام ضمن تظاهرة quot;مخرجات عربياتquot; في quot;مهرجان الشرق الاوسطquot; في ابو ظبي ويتناول قصة امرأتين تلتقيان على الطريق خلال رحلة موجعة بحثا عن الرجل ولدا وزوجا.
وquot;انهض يا مغربquot; العمل الاخير للمخرجة نرجس النجار حول ذكريات لاعب كرة قدم سابق يعيش بمفرده مع حفيدته على جزيرة منعزلة قرب الدار البيضاء.
وتتطرق الافلام المعروضة الى كافة المواضيع مثل الهجرة والعودة كما في افلام quot;القلوب المحترقةquot; لاحمد المعنوني حول مهندس شاب يعود الى فاس قبل وفاة عمه والى ذكريات الطفولة ومواجهة الماضي. وايضا وبطريقة غير مباشرة مسألة هجرة يهود المغرب الى اسرائيل من خلال قصص محلية يمكن ان تكون احداثها حصلت في الواقع كما في فيلم quot;فين ماشي يا موشيquot; لحسن بنجلون.
ما حسن زيتون في فيلمه quot;الجمال المبعثرquot; فيعود الى بداية القرن العشرين ليروي قصة شابة تعمل كالرقيق وتتعلم الموسيقى في بيت احد المدرسين الذي يريد لها ان تكون تلميذته. هذه السينما الاجتماعية نجدها ايضا في شريط quot;سميرة في الضيعةquot; للمخرج لطيف لحلو حيث يعمد والد سميرة الى تزويجها غصبا باقطاعي تكتشف انه عاجز جنسيا. واضافة الى الاجتماعي والسياسي يوجد البوليسي كما في quot;نانسي والوحشquot; لمحمود فريطس وquot;ريح البحرquot; لعبد الحي العراقي الذي تدور احداثه في قرية للصيادين الذين يتمردون على الفساد وعلى احد تجار المخدرات دفاعا عن كرامتهم. ويصور quot;الحلم المغربيquot; لجمال بلمجدوب حمى الارتقاء واحلام المال والشهرة لمجموعة من الشباب تعيش في جبال الاطلس وتحلم بتغيير احوالها المعيشية.
وكانت الجائزة الكبرى للمهرجان منحت في الدورة الثامنة للمخرجة ياسمين قصاري عن فيلمها quot;الراقدquot; الذي شارك في مهرجان كان السينمائي وحصل على اكثر من جائزة في عدد من المهرجانات فيما حصل المخرج جيلالي فرحاتي على الجائزة الخاصة للجنة التحكيم عن فيلمه quot;ذاكرة معتقلةquot; الذي يصور قصة سجين سياسي في مغرب الحسن الثاني وحصل محمد العسلي في حينه على جائزة العمل الاول عن فيلمه quot;فوق الدار البيضاء الملائكة لا تحلقquot; الذي حصل هو الآخر على الكثير من الجوائز خارج المغرب. ويمنح المهرجان الوطني ايضا جوائز للتصوير والموسيقى والمونتاج والتمثيل كما يمنح جائزة كبرى للفيلم القصير.
التعليقات