علي نزار هاشم:لا أقصد في ما سيلحق، quot;جيم كاريquot; (Jim Carrey) الإنسان، إذ ربما كان شخصية مركبة تستحق أن يتعرف عليها الإنسان ndash; أي إنسان ndash;، لكنني أقصد هنا، quot;جيم كاريquot; الممثل، أقصد الشخصية (character) التي يلعبها في أفلامه، وهي متعددة، وليس الشخص (person). واحدة من هذه الشخصيات هي دوره في فيلم quot;الفخمquot; أو quot;الملوكيquot; (The Majestic)، الذي أنتج عام (2001)، حيث يمكن القول أن دوره في الفيلم جيد، إلا أنني لم أقدر على التقارب (أو التماهي) معه بشكل متكامل.شعرت أثناء مشاهدتي له أنه ذا بعد واحد، يمكنني القول أنه سطحي، أو على الأقل، ليس بهذا العمق الذي أراه عند آخرين. وينسحب هذا على جميع شخصياته التي قدّمها، حتى ولو كانت متعددة في الفيلم الواحد.
لا أقول أن موهبته التمثيلية سيئة، بل أشعر أنه ينقصها شيء ما، هناك بعد ما، هناك هذه المقدرة على الإقناع أن ما يحصل معه في الفيلم هو حقيقة، أن أفقد في لحظة ما الشعور بأنني أمام فيلم، وأن أنغمس لدرجة الشعور بأن هذه الشخصية هي حية فعلاً، وأنها تحزن وتفرح وتتألم، هي إنسان من لحم ودم وانفعالات، وليس مجرد حبر وورق وصور ! جيم كاري
ربما يكون فيلم quot;استعراض ترومانquot; (The Truman Show) (1998)، الأقرب من ناحية تركيبه للشخصية، إلا أنه فيلم ضمن فيلم، ولذا شعرت بالتركيب، لذا قدرت على تخطي حالة الشخصية إلى الشخص.
إن معظم الشخصيات التي شاهدتها لممثلين آخرين من نفس الدرجة، شعرت أن الممثل طبيعي فيما يقوم به، حتى ولو استطعت تشكيل نموذج لشخصيته الحقيقية التي لا يقدر على إخفائها حين التمثيل، ومع ذلك، يدفعني لأن أنسى الإطار الذي أُسْكِنه فيه، فأستغرق بشخصيته الجديدة وبالإطار الذي يفرضه عليّ. بينما مع quot;جيم كاريquot;، أجد أنني سجنته ضمن إطار لا يمكن له النفاذ منه، فلا أقدر على تصديق أنه الشخصية التي يؤديها !
تقول الفكرة أن على الممثل أن يعيش الشخصية، وبذلك يقدر على إقناع المشاهد بأن ما يراه على الشاشة هو الحقيقة. لكن تبقى هناك بعض الأمور التي تعبّر عن حقيقة هذا الممثل، فتطفو على سطح جميع شخصياته، ويمكن لنا بعد مشاهدة عدد من أفلامه أن نمسك بها، فيصبح لدينا نموذج يمكّننا من فهم الشخص خلف الشخصية، يمكّننا من فهم الإنسان خلف القناع.
وربما لينجح الممثل، على هذه الأمور ألا تطفو بسرعة، أو أن يباعد بين أفلامه، فلا يرهق ذاته المبدعة، أو أن تكون الشخصيات التي يؤديها على قرابة مع لاوعيه، فيقدر عندها على التماهي، ويختفي حينها الحد الفاصل بين الشخص والشخصية، فيصبح ما يعيشه الممثل هو حقيقة لأنه كذلك بالنسبة له، فيحصل الإقناع والتعاطف عند المشاهد.
بينما مع quot;جيم كاريquot;، تطغى ذاته الواعية عند التمثيل، فلا يقدر المشاهد على تصديق الشخصية التي يراها، لأنها تختلط مع الشخص !
وربما لا يحصل التماهي بشكل سليم، فيشعر المشاهد بالإبتعاد، ولا يقدر على التعاطف مع الشخصية، فلا يفرح لفرحها، ولا يحزن لحزنها، بل ربما سبّب له حزنها ضحكاً !
أو ndash; وهذا ما أظنه ndash; يطغى الشخص على الشخصية، فلا يقدر على الإنغماس كلية في الدور، أي أن الشخص يسحب الشخصية تجاهه، فتمسي هي quot;جيمquot;، وليس العكس !
إنه لا يعطي نفسه كلية للشخصية، بل يبقي الجدار قائماً للحماية، حيث تصبح كل شخصية قريبة من quot;جيم كاريquot;، وكأنه يعيش حالة شيزوفرينيا !
كان من المفترض أن يلعب الشخصية ndash; أن يمثّل ndash;، حيث يختفي quot;جيم كاريquot;، لتظهر شخصياته : حقيقيّة، حيوية، ملوّنة، نتألم لألمها، ولا نضحك عليه ! وهذا ما يحدث مع معظم ممثلي الدرجة الأولى، على الأقل هذا ما أحدسه. بينما quot;جيم كاريquot; يلعب دوره الوحيد الذي يعرفه، quot;جيم كاريquot; يلعب دوماً دور quot;جيم كاريquot; !
التعليقات