محمد الحمامصي من القاهرة: يأتي هذا الكتاب (فاروق ملك مصر.. حياة لاهية وموت مأساوي) للكاتب الأمريكي وليم ستادين والذي ترجمه الكاتب أحمد هريدي وصدر هذا الأسبوع عن (كتاب الجمهورية) ليستكملحالة رفض الكثير من الكتاب والمؤرخين المصريين (أوردها المترجم بنهاية الكتاب تحت عنوان الملك فاروق وجهات نظر) للصورة والرؤية التي شكلتها الكاتبة لميس جابر وأخرجت تليفزيونيا في مسلسل (الملك فاروق) والذي أذيع ويعاد إذاعته الآن، حيث يكشف الكتاب أن فاروق لم يكن هذا الملك الذي خرج المسلسل محاولا إعادة اعتباره له وللملكية ولعهدها في مصر، مشيرا إلي أمورا خطرة في علاقات الملك وعائلته، لا يملك المرء حيالها تصديقا أو تكذيبا، خاصة وأنه ليست هناك مراجع ومصادر يمكن التأكد أو التحقق من ثقتها، هناك أمثلة كثيرة خاصة تلك التي المرتبة بالنساء أو لعب القمار، لكني سآتي أولا علي مثال صعب علي الأقل من وجهة نظري يقول وليم ستادين :( انغمس فاروق في علاقة حسية غير شرعية مع الأميرة فاطمة طوسون زوجة ابنة عمه الأمير حسن طوسون في قصره المطل علي نيل حلوان ) من أين أتي بذلك ومن أين أتي بالكثير مما ذكره في كتابه؟ لا إجابة ولا أعتقد أن ما أشار إليه المترجم من عودة وليم ستادين إلي التقارير الدبلوماسية البريطانية والأمريكية يعد كافيا لتصديق كل ما أورده وليم ستادين حول الملك فاروق وسآتي علي بعض منه، هذا الملك الذي لست ضده أو معه ولكن الأمر بالفعل يستوجب المراجعة لكل ما جاء في هذا الكتاب وأيضا ما جاء في المسلسل.
ثم يضيف وليم ستادين: ثم كانت علاقته بأرين جونل اليهودية الإسكندرانية المطلقة، ثم البريطانية باربارا سكيلتون، ولكن النساء في حياة لم يقتصرن علي خليلاته الرسميات أرين جونل و باربارا سكيلتون فقط، فقد كان أنتوني بولي لا يكل ولا يمل من تمشيط الأندية الليلية بالقاهرة والإسكندرية لكي يجلب لفاروق ما يروق له من أصناف النساء، ولم يترك بولي ركنا في مصر دون أن يبحث فيه عن امرأة يقدمها للملك حتى بيوت الدعارة والمواخير، بحث فيها بولي عن نساء لفاروق، من أجل أن يكسب رضا ملكه وصديقه، ذلك الرضا الذي اتخذ شكل قطعة مجوهرات ثمينة مقابل كل امرأة تنال الرضا.
أصبح فاروق يهوى اقتناء كل أنواع النساء، تماما مثل هوايته اقتناء الأشياء من زجاجات الكوكاكولا الفارغة، إلي العملات والآثار المصرية القديمة والأعمال الفنية الأوروبية، لقد كان فاروق شديد الرغبة في أن يجرب كل شيء وكل شخص، وكانت نجمات الرقص الشرقي من بين أصناف النساء اللاتي أحبهن فاروق: تحية كاريوكا وسامية جمال وحكمت فهمي.
مثال أخر يستوجب التوقف لأنه لا يقل عما سبق خطورة يقول وليم ستادين : بالرغم من أن فاروق عبر لأرين جونل عن عدم قبوله لتشرشل الذي وصفه بأنه (إنجليزي بدين آخر) إلا أن الملك فاروق قام بتوجيه الدعوة لتشرشل للقاء في فندق مينا هاوس المواجه للأهرامات، لكن المفاجأة التي عقدت ألسنة الحاضرين علي مائدة العشاء الضخمة، عندما لم يجد تشرشل ساعته في جيب معطفه، تلك الساعة التي كانت قد أهدتها الملكة آن لجده الدوق مارلبورو في مناسبة انتصاره في معركة بلينهايم. اتجهتكل أنظار الحاضرين إلي فاروق، لأن الجميع يعلم دروس النشل التي حصل عليها فاروق مؤخرا علي يد نشال كان يقضي فترة عقوبة في سجن طره، وعفا عنه فاروق لكي يكون معلمه الذي يعلمه حركة خفة اليد، وبالفعل اجتاز فاروق الاختبار الذي أجراه معلمه له، وأصبح ماهرا في مهنة النشل، بعد ما يقرب من ربع الساعة من البحث والتنقيب عن ساعة تشرشل نهض فاروق من مقعده وكأنه شارلوك وهلمز، اختفي فاروق عشر دقائق وعاد وعلي هيئته ملامح الفوز ممسكا الساعة في يده ومدعيا أنه استطاع بمهارة التوصل إلي الفاعل وهو موظف صغير بالقصر مريض بمرض هوس السرقة، عبر تشرشل عن شكره لفاروق، لكن لامبسون كان علي علم بكل ألاعيب فاروق.
ويقول وليم ستادين : كان فاروق يعتقد اعتقادا جازما في أعمال السحر والخرافات وكذلك في أقوال العرافين وتكهناتهم، وذلك منذ أيام والده الملك فؤاد الذي كان اعتقد مثلا في أن حرف الفاء يجلب له الحظ السعيد، كما كان الملك فاروق في جناح الحريم بالقصر يشاهد عرافة والدته نازلي المقيمة بصفة دائمة، من جانبها اعتقدت الأميرة نازلي اعتقاداراسخا في إمكان معرفة ما يجري في المستقبل من خلال كرات الكريستال وأوراق نبات الشاي وأوراق اللعب وأمعاء الحمام وهي الأدوات التي يستخدمها المنجمون.
كانت فريدة في الأيام الأولي من زواجها بفاروق تستيقظ من نومها فتجد في سريرها الملكي عظاما مدماة وخصلات شعر وضعها فاروق كتعويذة تجلب له الحظ السعيد والابن الذي يرث العرش من بعده.
وكان فاروق يطلب من بناته اللاتي أخطأهن الحظ فلم يولدن ذكورا القفز بعدد معين من القفزات بلا زيادة أو نقصان في الوقت الذي كان يحرق فيه البخور ويطلقه في اتجاههن إيمانا منه بأن مثل هذه الحركات ستأتي له بالوريث الذكر.
وعن علاقاته بنساء يهوديات يقول وليم ستادين : اليهودية هيلين ميسوري كانت الصديقة الحميمة لفاروق التي يتصل بها في أي وقت من أوقات النهار والليل ليطلب منها إعداد حفلة للعب القمار، وأرين اليهودية أحب خليلات فاروق والتي هددها بعد تركها له لتتزوج من ضابط بريطاني أنه سيشن حربا علي اليهود إذا هي لم ترجع إليه وحتى ينسي فاروق أرين بدأ في علاقة غرامية جديدة مع اليهودية الاسكندرية لليلان كوهين أو كاميليا المغنية والراقصة في أوبرج الأهرام بالقاهرة وكانت تغني وترقص لفاروق في القصر أغنيات ورقصات فولكلورية يهودية ودائما كانت ترتدي نجمة داود في عقد حول رقبتها.
ويتابع وليم ستادين سفه وبذخ وهويفاروق من مصر لأوروبا حيث يتابع رحلة موكبه الملكي لمدة ثلاثة عشر أسبوعا الذي يضم ستين عضوا باليخت وبالسيارات الكاديلاك، وغزواته النساء وعلي موائد القمار وغيرها، ولكنه في إحدي المرات يستدرك قائلا : ربما الإذلال السياسي الذي تعرض له فاروق من لامبسون (المعتمد البريطاني في مصر آنذاك ويقصد هنا حادثة 4 فبراير ) والعار العائلي الذي لحقه من علاقة أمه نازلي بمعلمه أحمد حسانين، فضلا عن عدم إنجابه للوريث الذكر الذي يرث عرشه، هو الشيء الذي جعل فاروق شخصا لا يهمه إلا الاستغراق في المتع والملذات؟! ربما أيضا إحساسه باهتزاز كرسي العرش الذي يجلس عليه، هو الذي أدخل التشاؤم إلي نفسه وجعله غير متفائل بما سوف يأتي به الغد.
والكتاب حافل بالأمثلة التي تحتاج بالفعل إلي مراجعة، ليس لكون الأمر يمس ملكا حكم مصر ولكن لكونه يمس فترة من تاريخ مصر ومن حق الشعب المصري أن يعرف ليس كل الحقيقة ولكن بعضها في إطار موثق من المراجع والمصادر.