نعمة خالد من دمشق: منذ مدة والشغل الشاغل للمثقفين الفلسطينيين في سورية انتظار صدور العدد الأول من مجلة الكاتب الفلسطيني. وكان من المفترض أن يعاد إصدارها بعد لقاء قد تم بين وفد من كتاب فلسطينيين مع الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، إلا أن الوفد اقتصر على أعضاء الأمانة العامة المزعومة التي تم الادعاء أنها منتخبة من مؤتمر عام للكتاب أقصى العديد من أعضائه تحت اليافطة السياسية. وكان أن منح رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد الوفد مبلغ مليون ليرة سورية كدعم للاجتهاد ونشاطه وإثراء الحياة الثقافية الفلسطينية.
وأدعى الوفد أن هذا المبلغ سيتم استخدامه في إطار إعادة إصدار مجلة الكاتب الفلسطيني التي توقفت منذ عقود. كما ادعوا أنهم سيطبعون مؤلفات لأعضاء اتحاد الكتاب الفلسطينيين أسوة باتحاد الكتاب العرب والاتحادات الإقليمية العربية.
وقد مر على هذه المنحة ما يقرب الشهور الستة، وما زالت مجلة الكاتب الفلسطيني على كرسي جورج قرداحي تنتظر أن تربح المليون من جيوب أعضاء أمانة الاتحاد في سورية. وقد تسرب للأوساط الثقافية الفلسطينية أن مبلغ سبعين ألف ليرة سورية قد منحت لكاتب لطباعة كتابه، إلا أن هذا الكاتب ما زال مجهولاً لكثيرين من المثقفين الفلسطينيين.
واستعاد الاتحاد نشاطه ليس من خلال نشاط ثقافي فلسطيني، بل من خلال نشاط سياسي، يغرد في سرب من يدفع للجيوب أكثر، فكان النشاط عن مستقبل منظمة التحرير الفلسطينية، الذي مولته حماس، ودعت إليه العديد من الساسة الذين تحدثوا عن تاريخ النضال الفلسطيني واختصروه إلى سنوات عشرين هو عمر حماس في إطار العمل السياسي الفلسطيني.
واعتبرت بعض الفصائل الفلسطينية أن هذا المؤتمر الذي لا ينتمي إلى مهام اتحاد الكتاب الفلسطينيين بديل عن مؤتمر دمشق الذي كان من المزمع عقده قبل مؤتمر أنا بوليس، والذي ألغي نتيجة بعض الترتيبات السياسية في المنطقة.
ويتساءل المثقفون الفلسطينيون في سورية: كم من الإصدارات لمؤلفين فلسطينين أصدر الاتحاد منذ تسلمهم للمنحة السورية؟ هذا إذا حيدنا إعادة إصدار مجلة الكاتب الفلسطيني، التي ربما يقدم بعض القائمين على الاتحاد حجة مفادها أن موادًا للمجلة لم يتم تجميعها بعد.
إيلاف استضافت الباحث والكاتب الفلسطيني حمد موعد الذي قال: بداية سوف أعلق على ما جاء على لسان حمزة برقاوي من الأمانة العامة المزعومة في جريدة الأخبار اللبنانية، فما تفضل به حول أنه لا يفصل السياسي عن الثقافي في الاتحاد، فهذا كلام حق يراد به باطل.
ففي حياتنا اليومية والعامة معروف أن السياسي لا ينفصل عن الثقافي، وإن كان المستوى الثقافي لا يستوي مع السياسي، لأن في الثقافة مبادئ وأصول وعقائد، أما في السياسي فهناك مناورات وأحابيل ودسائس، وهذا يحيلنا إلى المبدأ التالي: ما هو اتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين إذا كنا ننظر إليه كمؤسسة نقابية إحدى منظمات المجتمع المدني القائمة على أساس أنها متحد طوعي اختياري وجدت لخدمة مصالح منتسبيها، ولتشكل وشائج تدعم وجود الشعب الفلسطيني ونضاله، فبالتالي لا بد أن تعيش هذه المنظمة حياتها النقابية، ولا يجوز استغلالها من طرف معين لفرض إرادته السياسية من خلال رفع شعارات لا علاقة لها بالعمل النقابي، وتصبح القضية مهزلة عندما يلتقي الأبيض والأسود (المتوكل طه وحمزة برقاوي) بما يمثلان ويرأسان من اتحادين ليتقاسما مصالحهما الخاصة على جسد الثقافة الفلسطينية واتحادها.
أما بالنسبة إلى مبلغ المليون ليرة التي قدمت كمنحة من الجمهورية العربية السورية، فهل تضيع لتغطية نفقات مستورة لا يعلمها إلا الله أو لشراء المؤلفة قلوبهم؟
في الحقيقة أتفق مع ما قدمه الباحث حمد موعد، وقد ترجلت مجلة الكاتب الفلسطيني عن كرسي جورج قرداحي لأنها يئست من معرفة أسرار الجيوب وربما خسرت وتاهت صفحاتها في الطريق الواصلة ما بين الجيوب والمطبعة. أو ربما امحت بعض أوراقها لحساب مهمة دفعت لممثلين عينوا أنفسهم كرعاة للثقافة الفلسطينية في البحرين، في الوقت الذي أعلن في المتوكل طه للكاتب وليد أبو بكر الذي دعي للسفر إلى البحرين على نفقته الخاصة، أن لا إمكانية لصرف مهام، في الوقت الذي صرف فيه له مهمة كاملة.
وأتساءل أيضًا بصفة المتوكل طه رئيسًا للاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين ومنسقًا عاليًا مع الأمانة العامة للاتحاد في سورية: إلى أي مدى هو على علم بالمبلغ الذي ضاع في سراديب الاتحاد، أم هو من المؤلفة قلوبهم الذين تحدث عنهم الباحث حمد موعد؟
وهل قدر الثقافة والمثقف الفلسطيني أن يكون رهين المحبسين، المتوكل وحمزة وأتباعه؟ سؤال ممض، والإجابة عليه أكثر مضاضة، ما دام القائمين على السياسي يفتحون الدرب لهؤلاء ليكونوا عرابي الثقافة، وسيقى الكاتب والمثقف الفلسطيني، يباع على عتبات الثقافة العربية، ما دام الأبيض والأسود هم من يقررون من يتحدث أو يمثل هذه الثقافة.
على كل حال رفقًا بمجلة الكاتب الفلسطيني التي ما زالت تلهث في سراديب الانحاد، وهل من أعمى ما يقودها إلي جيب مثقوب، يمنحها إجابة شافية: لن تربحي، ستظلي في خسرانك ما دمنا واقفين.