quot;رفيق علي أحمدquot; حكواتي يحرك المسرح عبر حركة درامية كوميدية ساخرة
تستعيد دلالات المسرح السياسي

سعاد نوفل من عمان: لا شك بأن دوره كرجل تجاوز الخمسين من عمره مهزوزاً، مكسوراً.. رجلجعل منه القهر متمرداً.. ولأكثر من ساعة ونصف متواصلة كشفت خلالها quot;الجرصةquot; قدرة رفيق علي أحمد على امتلاك المسرحوالتحرك بين جنباته بكل احتراف، حيث كان يتنقل بكل ليونة ومهارة وينقل الجمهور معه من حكاية إلى أخرى، يعرفنا على شخصيات حكاياته المفترضة المختبئة خلف ديكور خشبي بسيط، و يعبث في خيال الجمهور كيفما يشاء، ينقلنا من زوجته المتذمرة إلى أولاده الذين باتوا يعيشون في عصر الإنترنت والعولمة.. فإلى صديقه الذي جمعته معه صداقة عمرها أكثر من 30 عاماً وكانت كفيلة بأن تنسيه أسمه، فإلى quot;الضيعةquot; التي تركها من أجل الفن، فتارة نجده مقهوراً.. وتارة ما يكون ساخراً.. وأخرى ثائراً.. رافضاً لكل ما يدور حوله.

وتندرج مسرحية quot;الجرصةquot; التي عرضت في العديد من المهرجانات وعرضت مؤخراً في عمان وعلى مسرح مركز الحسين الثقافي في سياق الحفلالختامي لمهرجان حكايا السنوي إلى مسرح المونودراما حيث يلقى رفيق علي أحمد بظلاله على الساحة اللبنانية والواقع السياسي والاجتماعي مستخدماً في العرض مفردات لبنانية مجردة سواء من الشمال أو الجنوب أو البقاع حيث يخاطب من خلال هذا العرض جميع الطوائف اللبنانية ويدعو إلي عودة الروح الطيبة إلي اللبنانيين ونبذ الفتنة والمحسوبية، ومع رفيق علي أحمد يصعب عدم الحديث في واقع السياسة وهو المسرحي المعني بالشأن العام الذي يستقي حكايا أعماله من الناس، من أحوالهم وأحاسيسهم فيضع الأصبع في الجرح ويفضح المكنونات السياسية والداخلية والنفسية بطريقة مضحكة مبكية تجعل ما يقوله أقرب الى الجرصة.

وتبدأ المسرحية بثورة الرجل على زوجته صارخاً بأعلى صوته quot;نعم أنا فاشل جنسياًquot;، ليصل في النهاية إلى فشله كإنسان ، ممثل، ومواطن وأب من خلال أداء صادق، يعكسما في ذاته من وجع مقرون بالقهر، فتسأله ابنته إن كان حقا ممثلاً معروفاً: quot;بابا أصحابي لا يعرفونك في المدرسةquot; هل أنت مثل فضل؟؟!!

ويحوّل الحكواتي رفيق علي أحمد المسرح إلى منبر يخاطب من خلاله الجمهور ويكشف أمامهم الوضع المتردي السائد في المجتمع، عبر حركة درامية كوميدية ساخرة تستعيد دلالات المسرح السياسي من خلال مجموعة من الحكايات القصيرة، ومن هنا يأتي ارتباط المسرحية بمهرجان حكايا السنوي والذي يرتكز على الحكاية وquot;الحكيquot; كأداة رئيسية ومحركة وقادرة على التغيير، كما يتطرق رفيق علي أحمد إلى التلوث التكنولوجي والغزو الثقافي الذي أصاب شبابنا وسرق منا أولادنا كما سُرقت أحلامنا منقبل فنجده سعيداً ومقهوراً في آن عندما رأى فرحة أبنه وهو ينتعل الحذاء الرياضي الذي ابتاعه بـ 200 دولار تحت إلحاح ولده قائلاً له quot;ثمنه يا ولدي راتب عائلة لبنانية مكونة من أربعة أفراد لمدة شهرquot;.

ونجد من الصعب أن يمتلك أحد الفنانين الجرأة في تعرية نفسه أمام الجمهور كما فعل رفيق علي أحمد في quot;جرصةquot;، إذ كشف أوراق حياته وآلامه وأحلامه التي لم تكتمل بفعل حروب متتالية عاشها لبنان وأيضا وضع سياسي يراوح بين الصعود والهبوط من خلال البدء بالشأن اليائس وصولا إلى أجواء القهر ومن ثم تمرد رفيق علي أحمد على كل شيء يدور حوله حتى على الفن. (الصور خاصة بايلاف)