يجسد دور شهريار في مسرحية من تأليفه

يوسف يلدا من سيدني: عاد الروائي البيروفي ماريو فارغاس يوسا يوم الأربعاء الماضي، ليقف، وللمرة الثالثة، على خشبة المسرح الى جانب الممثلة الإسبانية آيتانا سانجيث خيخون، و التي كانت قد شاركته، قبل ذلك، في مسرحية (حقيقة الأكاذيب) في العام 2005، وفي المسرحية التي إقتبسها عن كتاب هوميروس (أوديسا وبينيلوب) في العام 2006. واليوم يعود فارغاس يوسا ليعتلي خشبة المسرح ممثلاً خلال إفتتاح مهرجان (مواسم الصيف في فيليا) للفنون المسرحية،الذي يقا في العاصمة الإسبانية، مدريد، حيث يقوم بتجسيد دورالملك شهريار، في مسرحية أعد أجوائها وإستلهمها من أحداث قصص (ألف ليلة وليلة)، وتحمل العنوان ذاته (ألف ليلة وليلة)، ويقوم بإخراجها خوآن أوليه. وستقدم المسرحية في ثلاث مراحل: المرحلة الأولى يظهر كل من البطل والبطلة، فيها، كما في حياتهما الحالية، والثانية سوف يجسدان فيها دور الملك شهريار وزوجته شهرزاد، في حين تعكس المرحلة الثالثة في ما يدور من حكايات بين كل من الملك وزوجته.
ماريو فارغاس يوسا
وكما هو معروف، فأن المسرح يعد الحب الحقيقي الأول في حياة مؤلف رواية (حوار في الكاتدرائية)، ليس بمثابة كاتب، بل بصفة ممثل، وإن كلفه ذلك الكثير من الوقت والجهد في محاولة منه لتجنب فشل التجربة. تجربة التمثيل التي بدأها بخطوات خجولة في مسرحية (حقيقة الأكاذيب)، متقمصاً فيها دور الراوية الذي يدفن نفسه في كرسيّ، ويمسك كتاباً يقرأ فيه. وبعدها، في مسرحية (أوديسا وبينيلوب)، التي بدا فيها متقدماً خطوة واحدة بإتجاه التمثيل، حيث توفرت له حرية الحركة والتنكر على المسرح. واليوم يعود ليحتمي تحت ظلّ الممثلة الاسبانية المعروفة آيتانا سانجيث، التي تؤدي دور شهرزاد، يستمع الى حكاياتها، التي لا نهاية لها، في عمل مسرحي إستوحاه من حكايات ( ألف ليلة وليلة).

يقول فارغاس يوسا، الذي إنطلق صيته كأبرز روائي عالمي بعد صدور روايته (المدينة والكلاب)، في محاولة منه للكشف عن عشقه للمسرح وفشله في بلوغ الرئاسة في بيرو في الثمانينات: quot;أتمنى أن أكون في مجال التمثيل أفضل مما أنا عليه في مجال السياسة، وإلاّ فستقع كارثة كبرىquot;.
فارغاس يوسا وآيتانا سانجيث
بدأ عرض المسرحية في الثاني من الشهر الجاري، في مدريد، والذي قد يمتد حتى نهاية فصل الصيف، على أن يتم عرضها، أيضاً، في إشبيلية يومي 17 و18، وفي سانتا كروث بتينيريفة يومي 26 و27 من الشهر الجاري أيضاً.
وقد تحدّث فارغاس يوسا عن مشاعر الخشية والتردد حيال تجربته الجديدة هذه، وإن كانت السعادة بادية عليه، في الوقت ذاته، رغم أن هذه ليست المرة الأولى التي يعتلي فيها خشبة المسرح. و هو الذي يؤكد على أن الوقوف على المسرح يعد أمراً مشرّفاً، ونادراً ما يصادف أن يقوم كاتب بتجسيد شخصية في مسرحية من تأليفه.
وقد عمد فارغاس يوسا الى إختيار القصص غير المعروفة في حكايات (ألف ليلة وليلة)، وتحرك بحرية مطلقة من أجل الربط فيما بينها والخروج بنص متكامل في بنيته. وكانت حصيلة ذلك عملاً مستوحياً من أشهر الكتب الكلاسيكية في الأدب، الغرض الأول من إخراجه يتجلى في صورة تكريم لحكايات في غاية القدم، كما هي اللغة.
والى جانب تجسيد فارغاس يوسا لدور الملك شهريار، وآيتانا سانجيث لدور الزوجة شهرزاد، فأن كلا منهما سيقوم أيضاً بتمثيل الكثير من الشخصيات التي ستظهر في حكايات شهرزاد المتعددة، والتي سترويها للملك شهريار.
وقد عاش الكاتب فارغاس يوسا، والذي يرى في نقل هذا العمل الأدبي الكبير الى المسرح مهمة في غاية السهولة، تجربة غنية قدمت له الكثير من الخبرة والمعرفة، وخرج منها بالمزيد مما يغنيه ويتعلق بشؤون المسرح. غير أنه يجهل السبب الحقيقي الذي يقف وراء عدم تجسيده لشخصيات مسرحياته التي كتبها، وإن كان يعتقد أن الخجل ربما يكون السبب الرئيسي في ذلك.
وأكد فارغاس يوسا، الذي غالباً ما كان ينسى الحوار المطلوب منه حفظه أثناء إجراء البروفات والتحضيرات للمسرحية قبل عرضها قائلاً:quot;عشت أحلى اللحظات خلال مرحلة الإعداد للمسرحية، لأنني كنت في قمة السعادة، وليس لدي أدنى رغبة في التغيير من شخصيتيquot;.