محمد الحمامصي من القاهرة: البساطة التي حملها كتاب أستاذنا ومعلمنا الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل الأخير (علي هامش صراع الحضارات) الصادر عن دار الشروق أخيرا بدت لي مزعجة، كون القضية التي يثيرها في صفحات قليلة جدا، منذ ظهرت علي السطح من خلال مقال quot;صدام الحضاراتquot; لصامويل هنتجتون الذي نشرته مجلةForeign Affairs في صيف عام 1993 ثم تحوله لكتاب بعنوان quot;صراع الحضاراتquot;، والأفواه تلوكها ليلا ونهارا علي صفحات الجرائد والمجلات وشاشات التليفزيونات هنا وهناك في عالمنا العربي والإسلامي، دون أن تقول كلمة فيها quot;الشفاءquot; توضح لشعوبنا حجم المأساة التي يعيشونها، حتى بدا الأمر كـ quot;عجين الفلاحةquot; من كثرة التناقضات في الرؤية والفكر لدى كتابنا ومفكرينا، الذين حولوا الأمر إلي دعوات ومؤتمرات ووفود تخرج هنا إلى هناك للحوار ودحر المقولة مقولة صدام أو حوار الحضارات. الوهمية.
في حين أن بساطة هيكل لغة وأسلوبا ورؤية قبضت علي جوهر القضية أنها سياسية وليست فكرية quot;أغلبها سياسية وفي أقله فكر أن طرحه في التوقيت الذي طرح فيه كان سياسة أكثر مما كانquot;، وأن عمق رؤيته وبعدها الفكري والتاريخي انعكس علي معالجته، ليصدق عليه قول الجاحظ quot; البيان بصر quot;، فقد رأي أن الإمبراطورية الأمريكية لن يكفها أن تحتكر موارد الطاقة وتستأثر بحقوق الملكية العلمية والفنية وتتميز تجارتها في كل الأسواق وترفض أي مساءلة مهما فعلت، بل إنها quot; تريد أن تستولي بوضع اليد علي الحضارة الإنسانية بأسرها لتختم طابعها علي المحيط بأسره تأكيدا نهائيا وتقنينا شرعيا لتفوق أبديquot;.. وفي محاولاتها quot; لجأت الإمبراطورية إلي حروب رخيصة تستغل بطش الصدمة والرعب في مناطق ضعيفة ورخوة بأقل التكاليف، كي تظهر هول الجحيم الذي أعدته لم يعصىquot;.
ويشير إلي أن غلبة القوة لا يصح أن تنسينا أن شراكة الرصيد الإنساني لمحيط الحضارة فوق أي إمبراطورية أو لغة.
القضية الأكثر أهمية في سياق هذه الرؤية العميقة لهيكل حين يقولquot;إن حقائق الحضارة تمنع الإستيلاء عليها لحساب طرف كما ترفض التنازل عن الحق فيها تحت أي وصفquot;
وأنه يترتب علي التمسك بالحق الحضاري ورفض أي استدراج إلى الإزاحة أو العزل بمقولات الصراع والحوار ـ لابد أن يصاحبه إدراك وتصميم يصون هذا الحق عن التورط في صدام أعمى أو في جدل عقيم ـ وذلك وضع يشبه إلي حد ما وضع من يتمسك بحقه في أرضه.
وفي ضوء هذا يفسر قدرة العالم العربي والإسلامي علي استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يعتبر الصهيونية نوعا من أنواع العنصرية، ثم بعد سنوات ومع حلول العجز العربي والإسلامي كان العرب المسلمون من صوتوا لإسقاط هذا القرار، ليصدر قرار يعتبر مناقشة المحرقة اليهودية سواء في وقائعها أو في أعداد ضحاياها جريمة إنسانية تستوجب العقاب.
quot;لم يكن القرار الأول مجرد ازدواجية معايير لصالح طرف، ولا كان القرار الثاني مجرد ازدواجية معايير لصالح الطرف الآخر، لكنه في الحالتين كان حركة موازين ترجح أو تخف وفق ما يسندها من إرادة الفعل ـ قدرة الفعل! quot;
ويعلن هيكل أنه من سوء حظ الثقافة العربية ـ الإسلامية بتأثير ما ترسب فيها من شوائب وعوالق، وما أصابها من ضعف ووهن، وما لحق أصحابها من عقد بسبب طول مقاساة غلبة الفاتحين وسيطرة المستبدين ـ كانت مهيأة على نحو ما لمحاولة الإقصاء والاستبعاد من شراكة الحضارة.. وحين قلنا بصراع الحضارات ـ فقد اعترفنا بالعزلة.
هكذا نحن في حين quot; إن ثقافات الصين والهند والتي كانت الأبعد بالمسافات عن البحار المركزية الأولى للتدفق الثقافي إلي المنبع وإلي البحر وإلي المحيط ـ أظهرت تمسكا وثيقا بحقهاquot;
quot; والغريب أننا حين قبلنا فكرة صراع الحضارات أو حتى حوار الحضارات بالمنطق الذي قدم لنا ـ فإننا سلمنا بالقسمة، أي أننا تنازلنا عن الشراكة من أول لحظة، ودخلنا في حوزة الآخرين وعلي جدول أعمالهم.
ويرى هيكل أن التفاعل بين عوار الشرعية الذي أصاب الدول العربية الراهنة ـ مع ضغوط التطور في الداخل على النظم ـ مع دواعي الخطر من العناصر الخارجية ـ كل هذا أدى إلي فجوات واسعة سمحت بالتدخل الدولي في الشأن الداخلي للمنطقة، علي أنه لسوء الحظ أن بعض النفاذ الخارجي إلي المنطقة لم يكن ضيفا ثقيلا دعا نفسه وإنما وصل مدعوا مرغوبا فيه لمناورات الساسة الداخلية وتوازناتها المتصورة أو المتوهمة!
في حين أن بساطة هيكل لغة وأسلوبا ورؤية قبضت علي جوهر القضية أنها سياسية وليست فكرية quot;أغلبها سياسية وفي أقله فكر أن طرحه في التوقيت الذي طرح فيه كان سياسة أكثر مما كانquot;، وأن عمق رؤيته وبعدها الفكري والتاريخي انعكس علي معالجته، ليصدق عليه قول الجاحظ quot; البيان بصر quot;، فقد رأي أن الإمبراطورية الأمريكية لن يكفها أن تحتكر موارد الطاقة وتستأثر بحقوق الملكية العلمية والفنية وتتميز تجارتها في كل الأسواق وترفض أي مساءلة مهما فعلت، بل إنها quot; تريد أن تستولي بوضع اليد علي الحضارة الإنسانية بأسرها لتختم طابعها علي المحيط بأسره تأكيدا نهائيا وتقنينا شرعيا لتفوق أبديquot;.. وفي محاولاتها quot; لجأت الإمبراطورية إلي حروب رخيصة تستغل بطش الصدمة والرعب في مناطق ضعيفة ورخوة بأقل التكاليف، كي تظهر هول الجحيم الذي أعدته لم يعصىquot;.
ويشير إلي أن غلبة القوة لا يصح أن تنسينا أن شراكة الرصيد الإنساني لمحيط الحضارة فوق أي إمبراطورية أو لغة.
القضية الأكثر أهمية في سياق هذه الرؤية العميقة لهيكل حين يقولquot;إن حقائق الحضارة تمنع الإستيلاء عليها لحساب طرف كما ترفض التنازل عن الحق فيها تحت أي وصفquot;
وأنه يترتب علي التمسك بالحق الحضاري ورفض أي استدراج إلى الإزاحة أو العزل بمقولات الصراع والحوار ـ لابد أن يصاحبه إدراك وتصميم يصون هذا الحق عن التورط في صدام أعمى أو في جدل عقيم ـ وذلك وضع يشبه إلي حد ما وضع من يتمسك بحقه في أرضه.
وفي ضوء هذا يفسر قدرة العالم العربي والإسلامي علي استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يعتبر الصهيونية نوعا من أنواع العنصرية، ثم بعد سنوات ومع حلول العجز العربي والإسلامي كان العرب المسلمون من صوتوا لإسقاط هذا القرار، ليصدر قرار يعتبر مناقشة المحرقة اليهودية سواء في وقائعها أو في أعداد ضحاياها جريمة إنسانية تستوجب العقاب.
quot;لم يكن القرار الأول مجرد ازدواجية معايير لصالح طرف، ولا كان القرار الثاني مجرد ازدواجية معايير لصالح الطرف الآخر، لكنه في الحالتين كان حركة موازين ترجح أو تخف وفق ما يسندها من إرادة الفعل ـ قدرة الفعل! quot;
ويعلن هيكل أنه من سوء حظ الثقافة العربية ـ الإسلامية بتأثير ما ترسب فيها من شوائب وعوالق، وما أصابها من ضعف ووهن، وما لحق أصحابها من عقد بسبب طول مقاساة غلبة الفاتحين وسيطرة المستبدين ـ كانت مهيأة على نحو ما لمحاولة الإقصاء والاستبعاد من شراكة الحضارة.. وحين قلنا بصراع الحضارات ـ فقد اعترفنا بالعزلة.
هكذا نحن في حين quot; إن ثقافات الصين والهند والتي كانت الأبعد بالمسافات عن البحار المركزية الأولى للتدفق الثقافي إلي المنبع وإلي البحر وإلي المحيط ـ أظهرت تمسكا وثيقا بحقهاquot;
quot; والغريب أننا حين قبلنا فكرة صراع الحضارات أو حتى حوار الحضارات بالمنطق الذي قدم لنا ـ فإننا سلمنا بالقسمة، أي أننا تنازلنا عن الشراكة من أول لحظة، ودخلنا في حوزة الآخرين وعلي جدول أعمالهم.
ويرى هيكل أن التفاعل بين عوار الشرعية الذي أصاب الدول العربية الراهنة ـ مع ضغوط التطور في الداخل على النظم ـ مع دواعي الخطر من العناصر الخارجية ـ كل هذا أدى إلي فجوات واسعة سمحت بالتدخل الدولي في الشأن الداخلي للمنطقة، علي أنه لسوء الحظ أن بعض النفاذ الخارجي إلي المنطقة لم يكن ضيفا ثقيلا دعا نفسه وإنما وصل مدعوا مرغوبا فيه لمناورات الساسة الداخلية وتوازناتها المتصورة أو المتوهمة!
الكتاب : علي هامش صراع الحضارات
المؤلف : محمد حسنين هيكل
الناشر : دار الشروق
سنة النشر : 2009
عدد الصفحات : 64 صفحة
المؤلف : محمد حسنين هيكل
الناشر : دار الشروق
سنة النشر : 2009
عدد الصفحات : 64 صفحة
التعليقات