عبد الجبار العتابي من بغداد:يواصل مثقفون وادباء وفنانون عراقييون دفاعهم عن حرية الرأي والتعبير في العراق التي كفلها لهم الدستور العراقي ومعبرين عن احتجاجهم على كل اساليب تكميم الافواه والتهديد والوعيد الذي يتبعه بعض السياسيين مطالبينهم باحترام هذه الحرية، وتجيء هذه الفعاليات على خلفية ما تعرض له الشاعر والصحفي احمد عبد الحسين من انتقادات قاسية بسبب مقال نشره في جريدة الصباح حول حادثة سرقة مصرف الزوية ببغداد، فقد اقيم في مقر اتحاد الادباء والكتاب في العراق صباح الاربعاء تجمع للتضامن حول حرية الرأي والتعبير حيث رفع الحاضرون لافتتين مقتبستين من الدستور الاولى (تكفل الدولة حرية الرأي بكل الوسائل / الدستور العراقي المادة 38)، والثانية (لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة/ الدستور العراقي المادة 42)، وحضر التجمع عدد كبير من مثقفي وفناني العراق، وقد استهل بتقديم للناقد علي الفواز قال فيه (ما هذا الحضور الا تأكيد على ان العراق الجديد باق وان الحياة تمشي كالقطارات دون توقف، واننا نصنع الحرية والامل والسلام لاننا نؤمن ان هذه المنظومة هي اقصر الطرق التي توصل الى الجنة، واضاف: من أهم ما تحقق بعد العام 2003 هو هذه الجرعة العالية من الحرية، هذه المكتسبات النبيلة والتي منها الديمقراطية هذا الافق الجميل، واصبنا بالدهشة ان الابواب والشبابيك فتحت على عالم جديد تنسمنا من خلاله اجواء الحوار والحرية وأن يمارس الجميع حقوقهم في القول والرأي والتعبير دونما ضغوط إكراه أو تعسف، والاقسى هو كيف نحافظ على هذا المتحقق، الحكمة تقول ليس المجد في المجد ذاته، بل في الكيفية التي تحافظ عليه، وهنا نلتقي عند هذا الخط، خط اننا نسعى كمثقفين ان نحافظ على قيم الديمقراطية الجديدة ونحولها من مجرد وصايا في الدستور والقانون الى عوالم نعيشها ونتأملها.

ثم تحدث رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق فاضل ثامر الذي اشار الى وجود تطمينات كثيرة بخصوص قضية احمد عبد الحسين وقال (اتصل بي الدكتور عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية وطمأنني على ذلك، كما انه اتصل باحمد ذاته وطمأنه)، كما اشار الى (نحن لا نريد ان نترك فرصة للمتصيدين في الماء العكر لاستغلال هذه القضية، وموضحا ان القضية التضامنية هي للدفاع عن حرية الرأي والتعبير وليس عن شخص احمد ذاته الذي ربما يدفع حياته ثمنا للرأي وهذا ما لا نريده، وقال فاضل ايضا: هذا يوم استثنائي من أيام التضامن دفاعا عن حرية التعبير وكرامة المثقف، نحن تضامنا وحاولنا لملمة الموضوع لكي لا يحتسب فيه ابعاد سياسية ولا اريد ان ينجر اليها الاتحاد والوسط الثقافي، واجبنا ان نتضامن مع زميلنا احمد عبد الحسين وعلينا ان نعبأ الرأي العام وهو معبر عن قدرة المثقفين العراقيين عن التعبير، وهذا ما نقوله للجميع: حاضرون للاعتصام وللتظاهر ولتلقي الرصاص إن وجب الأمر.

واضاف: إننا لا نريد توظيف المنابر للتهديد، وان على الدولة معرفة إننا لا نرتضي ثلم كرامة المبدع، وهذا ما تكرر أكثر من مرة، نحن اشرف من الكثير من السياسيين المزورين واللصوص، وليكن هذا الدرس درسا للثقافة العراقية فلايمكن ان نمرر اي قانون ضد حرية الرأي، نحن حققنا نصرنا ويجب ان نعزز هذا النصر ليكون صوت المثقف مسموعا.

تحدث بعده الشاعر زاهر الجيزاني قائلا: نريد التذكير بإن بند حرية التعبير وحماية الرأي والمعتقد أهم بند في الدستور العراقي، انه يرتبط بمستقبل البلاد،الحضاري والديني والثقافي، مشيرا الى ان المثقفين العراقيين لن يتهاونوا أو يسترخوا تجاه قضية حرية التعبير وحماية الرأي.

بعدها تحدث الشاعر حميد قاسم قبل قراءة بيان المثقفين العراقيين للدفاع عن حرية التعبير عن الرأي، فقال مؤكدا على الحضور: اننا لا نريد للاجتماع ان يكون ذا ابعاد سياسية وعلينا ان نفوت الفرصة على الارهابيين والبعثيين استغلال هذه القضية، اننا نتفق ونختلف من اجل ان ينجو شعبنا من المآزق، واننا لن نتضامن مع زميلنا احمد بشخصه بل لقضية اكبر هي قضية التعبير عن الرأي، ثم القى البيان الذي وجاء فيه: ندعو كل من اشترك بالعملية السياسية أن يحترم اشتراطاتها ومنها الإيمان بالفكر الديمقراطي ونهجه كاملا،لا الاكتفاء بآلياته سبيلا للوصول الى السلطة، وان تكف هذه القوى ورموزها عن استخدام العنف لفظا وفعلا،وتعبر عن احترامها لدماء العراقيين والعراقيات، وان تعبر صدقا عن إيمانها بحق الاختلاف في الرأي وان تحترم الآخر، لا ان تقصيه أو تهمشه، ولا يكون ذلك إلا باعتماد الحوار والسبل القانونية في حل الخلافات والاحتكام إلى القضاء بوصفه سلطة مستقلة لا سلطان لأحد عليها وفق القانون.

وتواصلا مع الفعاليات هذه سيشهد شارع المتنبي صباح الجمعة تظاهرة يشارك فيها مثقفون وكتاب واعلاميون وناشطون مدنيون ومنظمات غير حكومية تدعو الى احترام حرية التعبير بما يكفل حرية الصحافة وفقا للدستور والاعلان العالمي لحقوق الانسان.