يا لهذا الشّغيل الذي لا يتعب

من يوم ان استأجرَها الله
كي تنير له خارطةَ الكون
و هو عاكفٌ على رسمه
و حين احسّ بالتعبِ في اليوم السابع
القاها في الكون مثل كلبٍ اجرب
و اغلق بابَ الكونِ و نام
و حين مرّت الدهورُ وهي تتسكّع
بين البحار و الصحاري و الجبال
ترعى مع الماموث و الديناصورات و النياندرتالات
تراقبُ المعاركَ بين الضواري
بقلب منكسر
و بالدمع تشيّعُ مَن ينقرض
لم تَعِدْ احدا بالجنّةِ
و لم تهدّد من لمْ يعبدها بجحيمها
و في بلاط حمورابي
اشتغلتْ بالحكمة
و نقشَتْ القوانينَ على مسلّتهِ
و في مهرجانات السنة البابلية
شرِبَتْ حتى تَعْتعَها الخمرُ
و رقصَتْ حتى الثّمالة
تعرّتْ امام الرسّامين
و تشرّدت في قلوب الشّعراء
اعارتْ للفقراء و المشرّدين اسمالَها
و استأجرها مُلاّكُ الأرضِ
مربيةً للسنابلِ
حتى تبلغَ سنّ الصُفرة
في الشوارعِ تجدلُ الضوءَ للعدساتِ
دون ان يكافئها المصورونَ
بصورة واحدة
للحرية لحّنت الأناشيدَ
و في الأقبيةِ
كتبتْ للثوّارِ مناشيرَهم السرّية
في القطبِ طردَها الجليدُ من العمل
و في فرنسا و مصر والعراقِ
حينَ ارسلَتْ ابنَها تموز كي يقود الثورات
كافأها الفوضويونَ و البعثيونَ و الإخوانُ
بشطبِ تموزَ من العلاواتِ و الترفيِعِ و الروزنامة
و دعوا اللهَ كي يرجمَها بالسُّحبِ
و يعفّرَ وجهَها
بغُبارِ صلواتِهم الغاضبة
في الشواطئ تدهنُ الحسناواتِ بالسُمرة
و في الخليجِ تصنعُ لشيوخِ النفطِ
نظاّراتِهم الشمسية
و دشاديشَهم البيض
كي لا يمسّ الضوءُ ارواحَهم المُظلِمة
و حين يسدلُ نصفُ الكُرةِ ستائرَهُ كي ينام
توقظُ قلبَ الديكِ
كي يوقظَ النصفَ الثاني
يا انتِ يا شمسُ
ايتها الشغيلُ الأبديّ الذي
لم يُضرِب يوماً عن العمل
و لم يطالب الرأسماليين و الشيوعيينَ
عن ايامِ عملهِ الطويلةِ
دون اجرٍ او حقٍّ في التقاعد
لماذا تركتِنا في ليلِنا الطويلِ الطويلِ
اننا نضرعُ اليكِ عُراةً عُراة
ونحنُ نرفعُ جُثةَ تموزَ بأذرعٍنا و دموعِنا
فهل لكِ يا انتِ
يا امّنا الرؤوم
ان تمرّي على نصفِنا المُظلم
كي توقظي ديكَنا الطاعنَ
في النّوم !!؟؟

* شاعر عراقي مقيم في النرويج