بغداد: توفى في العاصمة العراقية بغداد، صباح السبت، المصور الفوتوغرافي فؤاد شاكر عن عمر ناهز 65 عاما، بشكل مفاجيء اثناء سيره في منطقة الباب الشرقي، ويبدو انه تعرض الى نوبة قلبية مفاجئة لفظ على اثرها انفاسه الاخيرة.
رحل عن الدنيا في صباح الاول من اذار / مارس المصور الفوتوغرافي الكبير فؤاد شاكر الذي منحه محبوه لقب (شيخ المصورين الفوتوغرافيين)، رحل وهو يمارس هوايته اليومية في التجوال في ازقة بغداد وصولا الى منطقة الباب الشرقي ومقترباتها في البتاويين حيث استديوهات ومختبرات التصوير التي فيها اصدقاؤه،والراحل كان يعاني منذ فترة طويلة من إضطرابات قلبية اضطرته للرقود في مستشفى،فيما يؤكد المقربون منه ان (الحكومة العراقية أهملت شاكر ولم توله العناية التي تليق به باعتباره أحد الرموز الثقافية العراقية)، وبرحيل فؤاد شاكر خسرت بغداد عينا متأملة وموثقة، وستكون بغداد حزينة على هذا الرحيل،وهو القائل:( انا أبن هذه المدينة التي أحبها كثيراً، ويزداد تعلقي بها يوما بعد آخر وبناسها البسطاء وأزقتها ومقاهيها ومحالها). كما انه القائل: كل عمل من اعمالي هو قطعة من قلبي.
وفؤاد شاكر.. الذي يعد من المصورين الكبار وأفنى 45 عاما من عمره في هذا الفن، عاش منذ وقت ليس بالقصير في حالة شبه عزلة ومن يراه يشعر انه يحمل هموما كبيرا لا يقوى عليه جسده الناحل وقلبه الطيب وروحه الشفافة، يقول المقربون منه ان سبب هذا الاحباط والحزن الذي يخيم عليه هو جحود quot;بعضquot; اصدقائه، لاسيما انه تعرض الى ازمات قلبية دخل على اثرها المستشفى وعانى خلالها الكثير فيما كانت تلك المعاناة شاهدا على الاهمال الحكومي، فالراحل.. حتى قبل 24 ساعة من وفاته (ظهر يوم الجمعة) كان متواجدا في شارع المتنبي قرب معرض للصور الفوتوغرافية نظمته الجمعية العراقية للتصوير، لكنه لم يشترك به لاسباب غير معروفة، لكنه كان يقف في زاوية ما متكئا على عمود كونكريتي هناك يتطلع الى شيء ما او ربما يتأمل شيئا ما بقسمات مثقلة بالحزن،لكنه كان مهموما فعلا ومحبطا وملامحه تضج بالبؤس، لا اعرف مصدره ولا اعتقد انه يبوح ب هان حاول احد معه.
وفؤاد شاكر من القومية الكردية ولد عام 1949، في بغداد وبدأ عشقه للتصوير وهو في سن الثالثة عشرة وتمكن من وضع بصمة خاصة له على فن الفوتوغراف،وقد اشتهر بعشقه للابيض والاسود والضوء والظل وطالما كانت صوره لوحات فنية غاية في الروعة،وهي تنقل تفاصيل الحياة البغدادية بأزقتها وأحيائها الفقيرة ووجوه ناسها في مختلف الامكنة، واول صورة التقطها في بداية حياته الفنية قبل اربعين عاما كانت صورة معبرة لبساتين النخيل في منطقة المشخاب بمحافظة النجف، فيما اخر صورة له بالتأكيد عن بغداد التي يعشقها ويتجول في شوارعها ليصطاد لقطات منها خاصة انه على الدوام يحمل كاميرته بين يديه او يعلقها على كتفه يلاحق وجوه الناس وتعابيرها ويحاول أن يسجل لحظات فرحهم وحزنهم وحيرتهم ويحاول نقل همومهم بتلقائية
خلال رحلته مع فن الفوتوغراف، فيما اقام اكثر من 20 معرضا فوتوغرافيا اولها كان في عام 1967 واخرها في شهر شباط الماضي في المركز الثقافي البغدادي بشارع المتنبي في سياق الاحتفاء بمنجزه بعد أن تم تكريمه مؤخرا في مهرجان الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وضم المعرض 39 صورة فوتوغرافية تحاكي الحياة اليومية للعراقيين داخل الأزقة والأحياء الفقيرة، وكانت صوره حاضرة في العديد من المعارض المشتركة التي اقيمت في العراق وامريكا وفرنسا والاردن واليابان بالاضافة الى العديد من المعارض العربية والدولية مع مصورين اخرين، وفاز بجوائز عالمية وعربية الى جانب الشهادات التقديرية لكنه يرى ان جائزته الاهم هي قبول الجمهور واعجابهم بصوره كفنان فوتوغرافي مهم.
غادر العراق اواخر التسعينيات الى اميركا لكنه لم يستطع التأقلم فعاد بعد عام 2003 الى بغداد ليحتضنها، و في امريكا استطاع فؤاد ان يقيم معرضا لصوره المعبرة في ولاية اوهايو وقد اشترى الجمهور الامريكي 11 صورة من صور معرضه مما يدلل على اهمية موضوعاته وطريقته في التصوير التي جعلت الاجنبي يفهم مغزاها ودلالاتها
يقول عن تجربته الفوتوغرافية: بدأت تجربتي الفوتوغرافية في عام 1962 وكان عمري آنذاك 13 عاماً ومن هنا بدأت رحلتي مع التصوير في بعض الاستوديوهات بتلوبن الصور وتصحيحها حين كانت الصورة بالاسود والابيض) وبعدها انتقلت الى عالم الثقافة وانا مصور فوتوغرافي مهني تبحر عدسته في عالم الواقعية وكان ميداني هو الافق المفتوح (اي الفوتوغراف الحي) وساعدني ذلك للانتقال الى الصحافة والعمل في مفاصلها رغم انها مهنة المتاعب). ).
وعن فلسفته في عمله الفني يقول: هناك الكثير من المصورين يبحثون عن صورتهم في اماكن متباعدة ويسافرون من اجل ذلك، ولكني ارى ان الصورة تجدها حولك وتحيط بك في كل مفاصل الحياة، في الاماكن العامة، في المحلات الشعبية والشوارع، وانت في مكانك ولا تحتاج للسفر، سواء كانت صوراً جمالية ام غيرها وتكمن اهمية التصوير في الضوء، والضوء هو دائماً الاهم لكل فنان فوتوغرافي وهو غاية المصور ومطلبه، اتعامل مع تفاصيل الحياة بحياد تام وانا اميل للواقعية رغم اجادتي لكل التقنيات الصورية وعلى الفنان ان ينتزع الصورة من الواقع انتزاعاً خلاقاً ومهمة المصور ان يتعامل مع الواقع بأمانة وانا فعلت، فقد تعاملت مع الواقع بكل امانة ونقلتها الى العالم كما يجب ان يراها.).
وقال ايضا: كنت اميناً على إظهار علاقة الإنسان القديمة بالمكان، انا أبن هذه المدينة التي أحبها كثيراً، ويزداد تعلقي بها يوما بعد آخر وبناسها البسطاء وأزقتها ومقاهيها ومحالها، وان الصور عن بغداد التي التقطتها مابين عامي 1960 و2013، صممت في كتاب عنوانه (فؤاد شاكر ذاكرة المدينة والرماد) الذي سيتم طبعه في الشارقة قريبا ويوثق الحياة البغدادية، ونتيجة عملي لسنين طويلة تم تكريمي بلقب (رائد) في جمعية المصورين العرب في الشارقة واحتفوا بي احتفاءا كبيرا في الجامعة الامريكية في الشارقة وعرضوا فيلما وثائقيا يتحدث عن تجربتي بحضور 23 ممثلاً عن الدول العربيةrdquo;
فؤاد..رحمه الله، كانت لديه مشاريع كثيرة يستعد لإنجازها منها في واشنطن حيث عرضت اعماله هناك وايضا في اليابان إضافة الى العراق خاصة حيث كان ينوي إقامة مشروع فوتوغرافي لبغداد، وأنه أقام معرضا عن الحياة اليابانية في جمعية التشكيليين العراقيين عام 2011، يقول عنها تجربتي تجاوزت المحلية الى العالمية، والمحلية هي الميزة الحقيقية التي تجعل الدول تعجب في بيئتك ومحيطك الذي عشت فيه وعشت مفرداته، لذلك فإن وصولي الى العالمية كانت أنطلاقتها من تجربتي المحلية.