نظم معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب، خلال دورته العاشرة، ندوة بعنوان quot;صورة المرأة في السينما المصريةquot;، والتي اختصت الفيلم المصري الجديد quot;فتاة المصنعquot; للحديث عنه، باعتباره نموذج للأفلام التي تتناول قضايا المرأة المصرية. وقد حضر الندوة صُناع الفيلم وهم المخرج محمد خان، والمؤلفة وسام سليمان، والمنتج محمد سمير، والأبطال هاني عادل، ياسمين رئيس وابتهال الصريطي، وقام بتقديمها الكاتب محمد عبد الرحمن الذي أعرب في البداية عن سعادته لعودة الفنانين مرة أخرى لمدينة الإسكندرية، وتفاعلهم مع الجمهور السكندري من خلال الندوات وحضور العروض الخاصة في السينمات. وأشار إلى أن فيلم quot;فتاة المصنعquot; يحمل مجموعة من القيم التي تظهر واضحة من خلال صناعته الفنية.

تحدثت المؤلفة وسام سليمان عن فكرة كتابة الفيلم، حيث كشفت أن quot;خانquot; كان يريد عمل فيلم فكرته الرئيسية قائمة على أن البطلة تكون عاملة في مصنع، ومن هنا أصبح لدى فضول لدخول هذا العالم ومعايشة شخصيات حقيقية داخل مصنع لكي يساعدني ذلك في كتابة السيناريو، الذي أخذ مني مدة عام تقريباً، وذلك لكي تظهر الدراما في شكل quot;حدوتةquot; يستمتع الجمهور بها.
وقد أوضحت بأن الفروق الطبقية بين شخصية quot;هيامquot; ومشرف المصنع quot;صلاحquot; ليست كبيرة، فـquot;صلاحquot; من الطبقة المتوسطة التي تتطلع دائماً لكي تكون أفضل، وquot;هيامquot; من الطبقة المتوسطة الأقل والتي ظهرت مؤخراً في المناطق العشوائية الفقيرة والتي ليس لها أي دعم مادي، وبالتالي فالفروق بينهما هي فروق طفيفية، ولكن عادة ما ينظر المجتمع إلى فتيات المصانع نظرة تحمل اتهامات مباشرة، هذه الاتهامات تكون هي سبب المعاناة التي يعشنها، ولكنها في نفس الوقت هي التي تعطيهن القوة للاستمرار.
وأشارت المؤلفة إلى أنها حاولت من خلال بعض الجمل التي قيلت في الفيلم مثل quot;بيخليني اتنطط من جوايا زي الفيشارةquot; وquot;يالهوي لما الواحدة تكمل 21 سنةquot; أن تعيش الحياة الواقعية لفتيات المصنع، وتفكر بمنطقهن، وتعبر عنهن باللغة التي يتحدثن بها، بالإضافة إلى أن الخيال الفني يتدخل أحياناً لكي يغذي الواقع.
وأضافت أن الهدف من هذه الأعمال عموماً هو الإشارة إلى العدالة الاجتماعية والمساواة؛ لأن هذه الشخصيات مليئة بالتفاعلات الإنسانية التي يجب أن نُلقي الضوء عليها؛ لأن هذه هي وظيفة الفن والفنانين.

وقالت الفنانة ياسمين رئيس إنها عندما ذهبت للمصنع قبل التصوير وعاشت مع البنات اللاتي تعملن به فترة طويلة، وجدت أن السيناريو الذي كتبته المؤلفة لم يكن بعيداً اطلاقاً عن الواقع؛ لأنها بالفعل استطاعت أن تعمل في مصنع حقيقي كموظفة وعاشت تجارب كثيرة مع الفتيات بداخله، لذلك جاءت كتابتها للسيناريو بطريقة واقعية جداً جعلتني أندمج بسهولة داخل شخصية البطلة quot;هيامquot;.
أشارت إلى أن تجربة السينما بالنسبة لها تختلف تماماً عن تجربة الدراما، ففي الدراما من الممكن تصوير مشاهد عديدة في اليوم قد تصل ل12 مشهد مثلاً؛ ويكون ذلك بسبب ضيق الوقت، وهو ما يمثل عبء كبير على الممثل مهما كانت إمكانياته الفنية، ولكن في السينما فكل مشهد يأخذ حقه، وهذا ما يساعد على التركيز وبالتالي يظهر العمل بشكل أكثر مصداقية وواقعية.

وأوضح الفنان هاني عادل أنه لم يذهب إلى أي مصنع من قبل، ولكنه عندما بدأ تصوير الفيلم اعتقد في البداية أن الممثلات هن فتيات حقيقيات في مصنع؛ بسبب اتقانهن الأدوار بصورة طبيعية جداً، وهذا ما ساعده كثيراً على القيام بدور البطل quot;صلاحquot;، المشرف على البنات داخل المصنع، على أحسن وجه.
ولفتت الفنانة ابتهال الصريطي إلى أن التحضير للعمل كان له شقان، الشق الأول هو الشق العملي والذي تم من خلال تعلمها الشغل على ماكينات الخياطة، والتعرف على أوجه كثيرة من حياة الفتيات داخل المصنع من خلال التقرب منهن بصورة كبيرة، أما الشق الثاني فهو السيناريو المكتوب بمصداقية والتي تعرفت من خلاله على أبعاد الشخصية وتفاصيلها، وهذا ما جعل الشخصيات تبدو حية أمام فريق العمل جميعاً وجعلهم يندمجون في أدوارهم ويؤدونها بشكل طبيعي وتلقائي.

وأوضح المنتج محمد سمير بأنه كانت هناك صعوبات كثيرة فيما يخص إنتاج الفيلم، حيث تم الاعتماد كثيراً على التمويل، كما تعاون فريق العمل بأكمله في عملية تنزيل الأجور. مؤكدا أنه كان يريد أن يكون جزءا من عمل محترم، رافضاً أن يساهم في الانهيار الثقافي الذي حدث للسينما مؤخراً.
وأضاف quot;الإنتاج الطبيعي لأي عمل فني، حتي في الخارج، يأخذ من سنتين إلى أربع سنوات، حيث يجب أن يكون هناك تناغم بين الممثلين والمخرج والمنتج، وهذا ما جعل هذا الفيلم يتأخر في ظهورهquot;.
وأكد سمير على أن كل أعضاء الفيلم قد شاركوا في الإنتاج، وليس كما يعتقد البعض بأن المنتج هو المحرك الرئيسي للعمل الفني، كما أنه من حقه كشاب أن يخوض تجربة الإنتاج في سن صغير، فليس شرطاً أن يكون المنتج كبير السن.

وقال محمد خان أن هذا الفيلم هو اهداء منه لروح الفنانة الراحلة سعاد حسني، حيث يرى أن سعاد حسني مازالت تعيش حتى الآن في وجدان الفتاة المصرية، ومن هنا جاء وضع الجرافيتي على سور المترو في الفيلم وعليه صورة سعاد حسني، وكذلك ربط الفيلم بفواصل غنائية لها.
ورأى خان على أن إظهار quot;هيامquot; في صورة البنت القوية التي لديها عزة وكرامة تم توظيف بطريقة متعمدة عند كتابة السيناريو، وقد ظهر ذلك من خلال عدة مشاهد مثل مشهد النذر ومشهد الرقصة الأخيرة التي حاولت فيه هيام أن تحرر نفسها من كل القيود.
أوضح خان أن سبب ابتعاده عن السينما فترات طويلة لم يكن متعمداً، ولكن هناك العديد من المشروعات التي لا تتم لأسباب خارجة عن ارادته، فما بين فيلم quot;في شقة مصر الجديدةquot; وفيلم quot;فتاة المصنعquot; كان هناك أربعة أعمال أخرى لم تتم. وأشار إلى أن إنتاج الأعمال الفنية لا يتم بسهولة، فهذا الفيلم قد أخذ سنة لكي يبحثوا له عن تمويل وسنتين لكتابة السيناريو.ولم يكن هناك موعد محدد متفق عليه لعرض الفيلم، ولكن بعد أن انتهت مشاكل التمويل واجراءات التصوير والتوزيع تم عرضه مباشرة.
وأكد على أنه يهتم في أفلامه بالشخصيات التي تأتي من الحياة سواء كانوا فتيات في مصنع أو فتيات يعملن في وسط البلد أو مدرسة جاءت من المنيا أو لاعب كرة شراب، فهذا هو المهم بالنسبة له، أما بالنسبة للأفلام التي تهتم بالعلماء والبحث العلمي فيمكن لغيره من المخرجين أن ينفذها.
وأضاف خان أنه كان من السهل عليه؛ بسبب مشاكله الإنتاجية مع هذا الفيلم، أن يلجأ إلى النجوم الكبار، وبالتالي سيكون ذلك أسهل إنتاجياً وسوف يتم دعمه بمبالغ مالية كبيرة، فوزارة الثقافة قامت بدعم هذا الفيلم بمليون ونصف جنيه فقط وهذا بالطبع قليل جداً لإنتاجه، ولكنه أكد على أنه يهتم دائماً من خلال أعماله بالظهور بنجوم المراحل الموجودة حالياً.
وقال خان فيما يخص قدوته في الإخراج، بأنه درس السينما في إنجلترا وتأثر بالسينما من جميع أنحاء العالم، فكانت هناك ثورة سينمائية من أوروبا وآسيا ومصر.. هو لم يتأثر بمخرج بعينه، ولكنه انجذب لأعمال المخرج الايطالي quot;أنطونيو مارجريتيquot;.
وفي رد لـ quot;خانquot; على نقد مُقدم للفيلم فيما يخص مشهد المظاهرة، قال إن الفيلم لم يتدخل في الثورة، ولكننا لا يمكن تجاهلها أيضاً، فالمظاهرة لم تكن مُقحمة على الفيلم، ولكن يجب أن نشير إلى أن البلد في حالة توتر شديد، وبالتالي فالمظاهرة تعتبر فقط خلفية للفيلم وليست القصة الأساسية للفيلم، فهتافات quot;عيش، حرية، عدالة اجتماعيةquot; مازالت موجودة ونسمعها كل يوم.
وفي نصيحة أخيرة منه للفنانين الشباب، أكد على أن الدور دائماً ما يجد صاحبه، فلا يوجد وساطة في الفن، ويجب على الممثل أن يجتهد، حتى لو دعاه ذلك بالبدء بأدوار صغيرة، ولكنه في يوم من الأيام سوف يجد الدور الذي يليق به، فالمسألة هي مزيج من الموهبة والحظ معاً.
وطالب خان الدولة بضرورة تدخلها في دعم الفن والفانين؛ لأنه يرى أن مبلغ 20 مليون جنيه كل سنتين هو رقم قليل للغاية، فجمهور السينما من الشباب أكثر من الأعمار الأخرى، وبالتأكيد الشباب يريد مشاهدة أفلام عن شباب مثلهم، وبالتالي يجب على الدولة دعم ذلك.
وأشار محمد عبد الرحمن إلى أن الفيلم يُعرض حالياً في أربع دول خليجية، وهو ما يُعد بداية لعودة السينما المصرية تجارياً للبلاد العربية.