وهذه أيضا إلى جواد كاظم غلوم

&

1
... هكذا مرّت تلك الظهيرة:

لمْ نجد ديوانَ تيد هيوز: "الصَّقر تحت المطر"

رغم أننا بَقينا أكثرَ من ساعةٍ

نَبحثُ عنه،

فاضل عباس هادي وأنا

في المركز الثقافي البريطاني

بمنطقة الوزيريّة.

حتّى العاملون في المكتبة

لم يعرفوا أين ولّت النُّسخة...
خرجنا
وفي الطريق
رأينا جان دمّو.

وإذا به يرينا "الصَّقر..."،

وهو يترنّح ضحكا... ويُردّد:

"بابا هذا مجنون".

2
في مثل هذه اللّيلة،

ازدَحِمنا كلُّنا،

في مقهى المُعقّدين،

شاخصةً عيوننا في شاشة التلفزيون،

بانتظارِ مقابلةٍ مع عزيز الحاج،

سمعنا، قبل أيّام

عن عمليات للقيادة يقودها في الأهوار.

ولمّا بُثّت المقابلة،

ساد صمتٌ مُريع،

بحيث المقهى باتت أشبَه

بمونولوغ داخلي.

لمْ تستغرقْ سوى أربعينَ دقيقة

لكنّها أحدَثَتْ

-لا نَزال نراه في مرايانا -

شَرخاً في الذاكرة.

&

كانت الثامنة مساء

لا أتذكّر

أيٌّ مِنّا

تَرَكَ أوّلا.

&

3

كنّا

نتكمّش بأيّ جَديدٍ

رغبةً أو ادعاء.

نَتوَزَّع فئات في المقاهي

توحّدُنا "فلتةُ الصَّداقة".

نقضي الوقتَ بالدومينو والشِّجار:

"شِعر" أم "الآداب".

نَعرفُ آخرَ الأفلام،

آخرَ كتاب.

بعضُنا يقرأُ كببغاء،

والآخرُ

إلا ما يحتاج.

نَجهلُ كلَّ شيء

وفي الوَقتِ ذاتِه

نَتبحّرُ فيه.

نهتمُّ سراً

بما يُعبّرُ عن أحْلامِنا

حتّى لا نُتَّهم كيَمينيين

أو شاذّين.

كنّا سادة النّشر

ومع هذا لمْ نَصنعْ ثقافةً،

وإنما عَصَفت بنا ثقافاتٌ

صَنَعت منّا

جيلاً لا دورَ له

سوى دورِ اللّعب

كجِيل.

&

4

الحنين العراقي يلاحقُك،

من بابٍ مفتوحةٍ أو مسدودة،

يدخل طائراً إليك.

تفتحُ دفترا عتيقاً، حبرُه يلطّخك.

تنام في فندق، يوقظك بملابس الخادم.

تنتحر، يُلغيك من الذاكرة،

فتضطر إلى أن تبرهّن.

تَتفُلُ عليه، نصفُك يَضمحل.

&

الحنين العراقي

شَبَحٌ

ينتزعُ كلَّ ما فيك.