بغداد: صدر للكاتب والمترجم العراقي كامل عويد العامري كتابان مترجمان عن الفرنسية،الاول بعنوان (الأدب الأيراني المعاصر /اطلالة على تاريخ النثر والشعر مع نماذج من الشعر والقصة) عن دار ميزوبوتاميا،والثاني رواية (الغفران) للروائي الفرنسي باتريك موديانو الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 2014، عن دار الجواهري،وهي اول ترجمة عراقية لهذا الروائي بعد فوزه.

الادب الايراني المعاصر&
&وقال المترجم في مقدمته : لا يزال الأدب الإيراني شبه مجهول في العديد من البلدان وخاصة بلدان الجوار، وهذا واضح من خلال الأعمال المترجمة الى اللغة العربية، وهي نادرة جدا. وقد خصّصت مجلة "أوروبا" الفرنسية عددها الأخير نحو أربعمائة صفحة، للتعريف بأبرز وجوهه ومحطاته، متوقفة أيضا عند التحولات الاجتماعية والسياسية التي شكلت إطار تطوّره على مدى القرن الماضي وحتى اليوم.
& ومجلة ( اوربا Europe) الفرنسية مجلة عريقة يعود تاريخ صدورها الى العام 1923وكان يشرف عليها رومان رولان ومن الناشطين فيها لوي اراغون وبول ايلوار وهنري ميشونيك والزا تريوليه - زوجة اراغون- وغيرهم، وقد اختار المترجم دراستين مهمتين عن النثر (قصة ورواية) والشعر وبدايات تحرره..وعزز ذلك بنماذج من شعر الشعراء وقصص القصاصين.
&& واضاف : يتبيّن أن ورشة التحديث في إيران انطلقت في بداية القرن العشرين، على إثر الهزائم العسكرية المتتالية التي تعرّض لها هذا البلد خلال القرن التاسع عشر. وفي هذا السياق، لعب الأنموذج الأوروبي دوراً مركزيا في سيرورة تطور النثر والشعر الفارسيين، فعلى مستوى النثر، تم استيراد النوع الروائي من فرنسا واستخدامه كأداة تربوية، كما يتجلى ذلك في الروايات الإيرانية الأولى، التي انحصر اهتمامها بالمواضيع التاريخية، قبل أن تنتقل بسرعة إلى المواضيع الاجتماعية ومشاكل المجتمع، وكذلك الأمر بالنسبة إلى القصة -التي ظهرت في الفترة ذاتها تقريبا- على إثر الانفتاح على الأدب الأوروبي، وانتشار المجلات الأدبية، وشكلت ركيزة رئيسة لمقاربة الواقع اليومي المعيش. ومن الرواد الذين نتعرّف عليهم في هذا العدد،علي أكبر دهخدا ومحمد علي جمال زاده.
&ويمضي المترجم بسرد تفاصيل المراحل التي مر بها الادب الايراني ابتداء من مرحلة الثلاثينيات والأربعينيات، حيث خطا النثر الإيراني الحديث خطوة نوعية مع بزرك علوي، الذي تأثر بالرومانسيين الأوروبيين ونظريات فرويد، وعلى يد الأديب الكبير صادق هدايت، الذي طغت كتاباته على حقبته، وتركت رؤيته القلقة للحياة أثرا بالغا على الأجيال اللاحقة، وصولا الى ثورة 1979 واندلاع الحرب مع العراق في الثمانينيات، حيث بدأت مرحلة جديدة للأدب الإيراني على إثر ذلك وقد عكست بعض المجلات الأدبية حيويةً كبيرة للنثر الإيراني يقف خلفها كتّاب مثل محمود دولت آبادي ورضا براهني وأحمد محمود وشهرنوش بارسيبور وإسماعيل فصيح، بين عدد من الكتاب الهجرة، وأصدروا صحفا ومجلات غزيرة في أوروبا وأميركا، مما أدى إلى تجاوز الإنتاج الأدبي الإيراني في المنفى الإنتاج المحلّي
& أما عن الشعر الإيراني، فقد اكد المترجم انه شهد حركة تحديث شاملة انطلقت في العقدين الأولين من القرن العشرين على يد دهخدا، وبهار، وإيراج وعارف، الذين حدّثوا لغتهم ومواضيعهم وإن بقيت قصائدهم كلاسيكية الشكل والنظم، موضحا ان في منتصف القرن الماضي، عرفت إيران نقاشاتٍ حادّة بين محدّثين وتقليديين، مهّدت السبيل لانبثاق شعرٍ إيراني محدّث كليا على يد نيما يوشيج، الذي ساهم في تحرير البيت الشعري من آثار النظم التقليدي، وأقدم على ربط النص الشعري بظرفه الاجتماعي،وقد تغذى الشعر الإيراني أيضا من تجربة المنفى التي جدّدت تعابيره وجمالياته نتيجة هجرة قسم كبير من الشعراء الإيرانيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة.
وبعد ان يسرد المترجم احوال الشعر الايراني في الخمسينيات تابع جيل جديد من الشعراء مسيرة يوشيج، كل واحد على طريقته، وفي الستينيات والسبعينيات، حيث برزت مجموعتان شعريتان توجّهتا نحو شعرية مبنية على الصورة واستقلالية القصيدة.
& ويختتم بالقول : من خلال قراءة الشعر الأيراني خلال العقود الثلاثة الأخيرة، يتبيّن أن الشعر الإيراني تغذّى أيضا من تجارب عديدة بما في ذلك تجربة المنفى التي جدّدت تعابيره وجمالياته وأضافت على مواضيعه المألوفة مواضيع جديدة، مما أضفى عليه طابعاً شاملاً وإيرانياً في الوقت ذاته، كما يتجلى ذلك بقوة في شعر إسماعيل خوئي.

&رواية الغفران لباتريك موديانو&
&كما صدرت للمترجم كامل عويد العامري ترجمة رواية ( الغفران) لباتريك موديانو الحائز على جائزة (نوبل 2014 ).
وتدور احداث الرواية حول بيت يتكون من طابق واحد، بواجهة من اللبلاب، في قرية بضواحي باريس، من هناك يروي لنا الراوي ( باتوش ) الذي عاش فيه هو وشقيقه، بعد ان سافرت امهما لتمثل في مسرح جوال، بيت لايعيش فيه سوى نساء، في حقبة كانت تطرح فيها الكثير من الأسئلة: من هو المغامر؟ وماهي " السلسلة السوداء". أيعود اليوت سالتير، ماركيز دو كوساد الى قصره، مثلما كان قد وعده أب الأطفال في أثناء تناول الغداء؟.هناك الكثير من الحيرة : يتساءل ( باتوش)...لم لاتستجوبنا الشرطة؟ ويضيف :" ومع ذلك فان الأطفال ينظرون ويسمعون أيضا ".من دون شك لم يبق أي شيء سوى علبة سجائر آني وابتسامة جان د.وسيارة روجيه فانسان الفارهة في ذاكرة الراوي، وهو الذي لم ينس البيت والنساء ومدعويهن. ينظر باتوش ويسمع، وهو يعرف تماما ان شيئا ما قد حدث في غاية الخطورة.
&وفي مقدمته يقوم المترجم بالتعريف بالمؤلف قائلا : انه باتريك موديانو: Patrick Modiano) (مواليد 30 يوليو 1945، بولون-بيانكور) هو روائي فرنسي، حائز على جائزة نوبل في الأدب عام 2014. كما حاز على الجائزة الكبرى للأكاديمية الفرنسية للرواية سنة 1972، وجائزة غونكور سنة 1978.
ألف أكثر من عشرين رواية، وطرح روايته الأولى ميدان النجم وهو في الثالثة والعشرين. حمل بعضها مأساة طفولته ومراهقاته، كما نقل مشاهد العديد من المصائر الإنسانية. وتتمحور معظمها حول مدينة باريس خلال الحرب العالمية الثانية، يصف فيها أحداث مأسوية على مصائر أشخاص عاديين.
وذكر المترجم الكثير عن نشأة موديانو ودراسته ومسيرته الادبية واصداراته وبيان الأكاديمية السويدية عنه وقولها أن موديانو كُرّم بفضل فن الذاكرة الذي عالج من خلاله المصائر الإنسانية الأكثر عصيانا على الفهم وكشف عالم الاحتلال، وان التوحد، التوحش، الإنغلاق النفسي، الحب الضائع، فقدان الذاكرة، ضياع، جنوح، ألم، البحث عن الجذور والهوية، إخفاء الإسم والهوية، العذابات الشخصية، الماضي، الحرب، المطاردة، البحث عن الأماكن والساحات التاريخية منها والحاضرة، النبش في الماضي والصور لإعادة تركيبها في مشروع عبثي يهدف الى معاودة رسم الحياة هي المواضيع الرئيسية في روايات هذا الكاتب العظيم. إنها معالجة فنية رائعة لفترة الأربعينات من القرن الماضي وأحداث الحرب العالمية الثانية بأبعادها الاجتماعية وتأثيراتها العبثية والفوضوية.
& واشار الى الخطاب الذي القاه موديانو أمام أعضاء أكاديمية نوبل للآداب بستوكهولم بالسويد وحديثه عن الأسباب التي جعلته ينشر كتابا تلو الآخر منذ عام 1968 قائلا:" أشعر كأنني أقود سيارة على جليد وفي ليلة ظلماء ودون أية رؤية. في تلك اللحظة، لا يوجد أمامي خيار ثان سوى مواصلة السير إلى الأمام مع التمني أن تتحسن أحوال الطقس وينقشع الضباب".
وأضاف إن المهمة الأولى لأي كاتب هي تنبؤ المستقبل وكشف الأسرار المدفونة في أعماق كل شخص. متحدثا عن موضوعين أثرا كثيرا على حياته الأدبية، وهما مدينة باريس، والاحتلال النازي الذي سمح لوالديه أن يتعارفا. وقال في هذا الخصوص:" الناس الذين عاشوا في باريس المحتلة يريدون أن ينسوها بسرعة"، موضحا أنه أدرك الصعوبات التي كانت تميز هذه السنوات، عبر صمت والديه".
واضاف مخاطبا الحاضرين :" لا أريد أن أقلقكم بحياتي الخاصة لكن أعتقد أن بعض المواقف التي عشتها عندما كنت صغيرا أثرت كثيرا في كتاباتي".
ودعا موديانو إلى مكافحة مشكلة النسيان وتعثر الذاكرة، مشيرا أن هدفه هو إعادة إظهار بعض الأحداث التي محاها الزمن مثل جبال الجليد التي محتها مياه البحار".
وأنهى الكاتب الفرنسي خطابه قائلا:" لقد أفرغت اليوم كيسي" بعبارة أخرى لقد قلت لكم كل شيء.
&