قالتْ:
هَلُمُّوا خارجًا
لتنبشوا قبرَ رجلٍ ميِّت،
اتَّخذَ له وِجارًا
في بقعةٍ ما مِن الأرض،
اصفَعُوا وجهَهُ
باستهزاءٍ فاحش
ثم بكلبٍ وجوادٍ طارِدُوه،
فهو أسوأُ الرجال الموتى جميعهم.

بين الفَلَقِ والغَسَقِ
صارَ جيشُ الدنماركيين
مدحُورًا،
أمرٌ كهذا ظلَّ الجميعُ
لزمنٍ مديدٍ في مِريةٍ منه،
كانَ ملكُ أيرلندا
ونصفُ الملوكِ قد ماتوا،
لكن كُلَّ شيءٍ
قبلَ وقُوبِ الشَّمسِ
كانَ قد بلغَ تمامَهُ.

في هذا النهار
كانَ مورا، ابنُ ملكِ أيرلندا،
يتقهقرُ مستبسلًا
خطوةً في إثر خطوة،
هو وسُلافةٌ
من جنودِهِ الصناديد
هنالك اعتنقوا فَنَاءهم
وقد تلاصقتْ أظْهُرُهم،
لكن الدنماركيين فَرُّوا فازعين،
وقد رَوَّعتْ قلوبَهم
هَجْمةٌ مُبَاغِتة،
وصيحةٌ من رجلٍ خَفِيٍّ؛
أما مورا فقد اقتفى أثرَهُ
وذَهَبَ مَحفوزًا بالامتنانِ
-دامغًا الأرضَ ببصماتٍ دامية
لقدميِهِ الناقعتين بالَّدمِ-
إلى شجرةِ زُعرورٍ عتيقة
حيث احتجبَ الرجلُ الخَفِيُّ:
في كافةِ الأنحِيَة حملقَ مورا مليًّا،
فلم تَظفَرْ عيناه
إلا بشجرةِ الزُّعرور الشائكة،
وعلى الرَّغمِ من هذا صَاحَ
"مَن الصديق الذي يبدو لنا
جسدًا من الهواءِ
ومع ذلك يُنعِمُ علينا
بهذي البطشةِ البديعة؟"
حينها تجلَّى لناظريه
رجلٌ في شَرْخِ شبابِهِ وهو يقول
"الإلهةُ الخالدة إيفا،
ذاتُ القلبِ المقدودِ من الصَّخرِ،
إذ أنها اشتهتْ أن تُبقيني
رهينَ أصفادِ حُبِّها،
إذ أنها أبَتْ أن ترى موتي،
تناولتْ دَبُّوسًا
وفي قميصي أغمدَتْهُ،
ووعدتني أنه من جرَّاء الدَّبُّوسِ
لن يراني أحدٌ فليُلحقَ بي أذىً؛
لكنني الآن قد اكتفيتُ؛
لن أستبقيَ حُظوةً صارتْ مَعَرَّتي
بينا أتأملُ، يا ابن الملك،
في جِرَاحَاتٍ أدهقتْ جسدَك."
قالَ هذا بصراحةٍ صارمة،
لكن عندما أسبلَ الليلُ أستارَهُ
كان قد خانني ومضى إلى قبرِهِ،
إذ هو وابنُ الملك كانا قد ماتا.
لقد وعدتُهُ بمئتي عامٍ من العُمر،
وحين لم يعبأ
بكُلِّ ما قلتُ وكُلِّ ما فعلتُ
ولم يكترثْ
بدموعٍ ذرفتها عيوني الخالدة
وأعلنَ أن حاجةَ وطنِهِ هي الأقدس،
أنقذتُ حياتَهُ، ولكنه من أجلِ
صديقٍ جديد استحالَ شبحًا.
ما يَعنِيه لو تصدَّعَ قلبي؟
أريدُ مِجرفةً وجوادًا وكلبًا
لكي نُداهمه