تونس:&صدرت للكاتب التونسي حسّونة المصباحي اخيرا رواية جديدة حملت عنوان:”أشواك وياسمين" .وهي تتضمن العديد من ألأحداث المتشابكة تتصل بماضي وحاضر تونس وبفترات مختلفة من التاريخ التونسي.
وقد أحال سقوط نظام الرئيس التونسي الاسبق زين العابدين بن علي في الرّابع عشر من يناير ( كانون الثاني)2011 حسونة المصباحي إلى فصول ساخنة ليستحضر وقائع "ثورة العربان" التي آندلعت ضدّ طغيان البايات عام 1864. كما يستحضر نهاية القائد البربري يوغرطة الذي خاض حروبا طويلة ضدّ روما، والتي تشبه إلى حدّكبير نهاية علي بن غذاهم ، قائد ثورة العربان إذ أن الخيانة هي التي أدت الى مقتل كلّ واحد منها.وتعيد قضايا الفساد التي أدّت إلى آنهيار نظام بن علي الكاتب إلى القرن التاسع عشر ليروي لنا سيرة كلّ من محمود بن عيّاد،ومصطفى بن اسماعيل اللذين نهبا خزينة المملكة، ممهّدين لاحتلالها من قبل فرنسا في 12 مايو(ايار)1881. وأمّا بروز الحركات السلفيّة المتطرّفة، فيحيل الكاتب إلى زمن الفتن التي عرفتها تونس في القرن التاسع، والعاشر، والحادي عشر، والتي ادّت إلى خراب القيروان،وأشاعت الدّمار والضّغائن في كامل انحاء البلاد ملطّخة أرضها بالدماء،ومفضية الى مجازر فظيعة آقترفتها الفرق الدينية المتصارعة.
ولا يغفل الكاتب عن رواية أحداث كثيرة أخرى قديمة وحديثة راويا قصة مراد الثالث الذي حكم تونس في النصف الثاني من القرن السادس عشر، والذي كان يخرج للناس يوميا رافعا سيفه لقتل المزيد من الضحايا الذين كان يشوي لحمهم ويأكله بلذة أمام حاشيته.
ولا يغفل المصباحي ايضا عن الإشارة الى فصول من سيرته متّصلة آتّصالا وثيقا بالاحداث التي عاشتها بلاده. وقد آختار الكاتب ان يوزّع فصول روايته على الفضاءات التي أقام فيها وهو يعدّ لكتابة روايته ،أو هو يكتبها. لذا يحضر "بيت هاينريش بل" قرب كولونيا، والذي أقام فيه في خريف 2011.كما تحضر القاهرة التي زارها قبل بضعة أسابيع من آندلاع الإنتفاضة التي أدّت إلى سقوط نظام مبارك. وفي والدار البيضاء يتخيّل الكاتب محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه يوم 17 ديسمبر(كانون الاول& )2010 عائدا من العالم الاخر ليروي جوانب من سيرته . وفي براغ، مدينة فرانز كافكا يستحضر الكاتب كوابيس الإنسان العربي في ظلّ أنظمة الإستبداد والقهر، والتي تشبه الى حدّ كبير كوابيس شخصيّات كافكا في مختلف رواياته. و في لوس أنجلس التي أمضى فيها الكاتب تسعة أشهر خلال عام 2012، نجده يعود بنا الى فصول من طفولته خصوصا عندما اكتشف اميركا للمرة ألأولى من خلال الافلام والكتب من دون أن يغفل عن سرد العديد من الوقائع والأحداث المتصلة بتونس في ماضيها وفي حاضرها.وفي هذه الرواية تتابع القصص على طريقة "الف ليلة وليلة"، وتختلط ألأزمنة وألأمكنة ،وتتعدد ألأساليب اللغوية والتقنية.&كما تتعدد الشخصيات والأصوات.
وفي روايته هذه، يتجاوزالمصباحي الأنماط المعتادة في كتابة الرواية ، مبتكرا أساليبه الخاصّة في رواية الاحداث المختلفة في أزمنتها وأمكنتها عملا بما قاله الكاتب ألألماني زيبالد بإنه على المبدع الحقيقي أن يعمل دائما على تجاوز الأنماط المعتادة والمألوفة ليبتكر أساليبه الخاصة. وكان من الطبيعي أن يستعين المصباحي بالوثائق التاريخية ، غير أنه لم يسلك سلوك المؤرخ الدقيق، بل تعامل مع الأحداث والشخصيات بطريقة الروائي الذي يلجأ الى الخيال ليضيف مسحة فانتازية على الواقع. وهو لم يكن يرغب في اعطاء دروس في التاريخ، وإنما كانت غايته السباحة في التاريخ مستخرجا ما يستجيب مع خياله كروائي يحب أن يحكي وهو يتنقل بين الأزمنة والأمكنة&بحرية كاملة.