يكشف كتاب صدر حديثًا وجهًا غير مألوف لصدام حسين، إذ ينقل مؤلفه أنه وبحسب حرّاسه الأميركيين الذين قضوا معه أيامه الأخيرة كان ودودًا يقف إلى جانبهم&في مصائبهم ويحاول مساعدتهم حتى إنهم حزنوا لإعدامه رغم أنه كان من أشد أعداء بلادهم.&
إيلاف: شهادات عدة جمعها المؤلف ويل باردنويربر تسلط الضوء على علاقة الصداقة التي نشأت بين صدام حسين وحراسه الأميركيين خلال فترة اعتقاله وحتى محاكمته وتنفيذ حكم إعدامه في 2006.
صدام حسين كما لم يعرفه أحد |
في تلك الفترة، كان عدد من العسكريين الأميركيين قد أطلقوا على أنفسهم اسم The Super Twelve يتولون حراسة صدام الذي كان يواجه سلسلة اتهامات بالمسؤولية عن قتل الآلاف من أبناء شعبه بحسب "نيويورك بوست".
في 2006 أرسل العسكريون الأميركيون إلى بغداد في الأساس لحراسة مستشفى ومرافقة الوفود، لكنهم بعد ذلك كلفوا بمهمة جديدة، وهي حراسة "معتقل مهم"، حسب تقرير لصحيفة نيويورك بوست تناول الموضوع.
بساطة الفرح
جمع باردنويربر، الذي كان ضابطًا في سلاح المشاة، وخدم في محافظة الأنبار، مجموعة من شهادات هؤلاء الحراس في كتابه "السجين في قصره.. صدام حسين وحراسه الأميركيون، وما لم يتحدث عنه التاريخ". "the prisoner in his palace... saddam hussein, his american guards, and what history leaves unsaid" (صادر هذا الشهر من دار سكريبنر مكون من &272 صفحة، وتباع النسخة منه بـ 26$). يقول إن تعليمات صارمة كانت لدى حراس صدام بالإبقاء عليه حيًا، وبألا يتعرّض للأذى خلال محاكمته.
سنحت لصدام وحراسه خلال تلك الفترة الفرصة لتبادل الأحاديث خلال أوقات الفراغ، فنشأت علاقة صداقة بين "الديكتاتور" السابق وعدد منهم. يؤكد أحد هؤلاء الذين تحدثوا مع مؤلف الكتاب أن صدام بشكل عام كان "مسرورًا".&
ويقول آخرون إنه كان يستمتع بأبسط الأشياء في زنزانته الصغيرة، رغم اعتياده على حياة القصور الفخمة، مثل الجلوس على كرسي في الفناء، والجلوس على مكتب خصص له، ووضع علم عراقي على الحائط خلفه، كي تبدو الأمور أكثر رسمية. كان يحب أيضًا تدخين سيغار كوهيبا، والجلوس في المنطقة الترفيهية التي خصصت له خارج الزنزانة، ورشّ المزروعات بالماء.&
خوف من التسميم
يقول الكاتب إنه "كان يعطي المزروعات أهمية كبيرة كما لو كانت ورودًا". ويضيف: إن صدام كان كثير الارتياب من الطعام الذي يقدم إليه، وكان يتناول طعام الفطور على دفعات، فقد كان يبدأ بعجّة البيض (الأومليت) ثم قطعة الكعك، وبعدها يأكل ثمرة فاكهة طازجة.&
وإذا كانت عجّة البيض مقطعة فإنه لا يتناولها. كان صدام مولعًا بالاستماع إلى المغنية الأميركية ماري بلايدج، فعندما يقلب محطات الراديو كان يتوقف عند المحطة التي تبث أغانيها. يقول حراسه السابقون إنه كان دائمًا يسألهم عن أحوال حياتهم الشخصية وعائلاتهم، بل إنه كتب قصائد لزوجة أحد الحراس. وكان يروي لهم ذكريات مضت.&
معاقبة عديّ
يتذكر أحد الحراس قصة رواها صدام عن ابنه عديّ، قال فيها إنه أطلق النار خلال حفل، ما أدى إلى مقتل وإصابة العديد من الحاضرين، بينهم أخ غير شقيق لصدام. هذا "الخطأ الجسيم" أغضب صدام كثيرًا، فقرر معاقبته بحرق كل سياراته. والمعروف أن عدي كان يمتك أسطولًا من السيارات الفاخرة، مثل بورش وفيراري ورولس رويس. في اليوم الأخير من حياة صدام حسين، وقبيل تسليمه إلى الجهات العراقية لتنفيذ الحكم بإعدامه، قام صدام باحتضان حراس الزنزانة وودعهم.
يرد في الكتاب على لسان جندي أميركي أن سلوك صدام يمكن أن يفسر بمعظمه على أنه "تمثيلي"، و"قد يكون يخبئ مشاعر إنسانية حقيقية، لكنه لا يفصح عنها بوضوح".
حزن غريب
وبحسب المؤلف والحرس السابق لصدام، فـ"لعل أغرب الأمور أن الجنود الأميركيين الذين كانوا محيطين به حزنوا عليه لحظة إعدامه، برغم أنه كان يصنّف عدوًا لبلدهم". وعندما أخرجت جثة صدام من غرفة الإعدام أمام الجميع كانت ثمة حشود تبصق عليه وتمطره بأبشع الشتائم، أو تضرب جسده الميت.
مقابل ذلك، فإن الحراس الأميركيين الـ 12 الذين أمضوا شهورًا في مراقبته، كانوا قد فزعوا لذلك المشهد، كما يروي المؤلف، مؤكدًا أن أحد الحراس حاول التدخل، لكنه أوقف من قبل زملائه.
كائن آخر
يقول المؤلف إن صدام كان قد أصبح قريبًا جدًا من الحراس الذين كانوا ينظرون إليه كالجد الحنون، فذات مرة أخبره الممرض العسكري إليس بخبر وفاة شقيقه، فقام صدام على الفور بعناقه، وقال له: "سأكون أخاك".! إضافة إلى أنه كان قد وعد أحد حراسه بأنه سوف يتكفل بالنفقات الجامعية لابنه، إذا ما تمكن من الحصول على المال.
ينقل الكاتب أن أحد زملائه الحراس قال إن صدام حسين كان عندما ينام يبدو "مهيبًا ومسالمًا". لكن - يتابع مستطردًا - "إذا نزعت عنه النظارة فسوف ترى كائنًا آخر".
يذكر أن الكتاب صدر هذه الأيام لكن عشرات التعليقات سبقت صدوره الرسمي على موقع غودريز، حيث ثمة إشادات واسعة به وكيف أنه يكشف صورة أو وجهًا آخر لصدام حسين.
التعليقات