&
& &عاد الفنان التشكيلي العراقي جواد سليم (1921 - 1961) الى بغداد وهو يحمل لافتته العريضة التي انجزها عام 1961 بعد ايام من ذكرى رحيله في 23 كانون الثاني / يناير ، ليقف ازاء النصب الكبير له في ساحة التحرير في بغداد ، كأنه يعتب على عدم الاهتمام بلافتته ولا بذكراه التي صارت تمر من دون ان يستذكره الاخرون ، كان ينظر في الارجاء مستغربا ان تتساقط من قطع قاعدته الرخامية من دون ان تثير انتباه القائمين ، لكن حدثا مميزا استعاد الراحل ونصبه ولافتته، فقد نظمت دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة والسياحة والآثار، ندوة خاصة عنه تحت شعار ( جواد سليم يرفع لافتة الحرية )، تم فيه استذكاره فنانا ونحاتا ما زال يعيش في وجدان الفن التشكيلي على الرغم من مرور 57 عاما على رحيله .
& & & فقد حضر جواد سليم بكامل هيبته واثنى الحاضرون على انجازاته في الندوة على قاعة عشتار في مقر الوزارة..، في تأكيد على الدور الفاعل لجواد سليم في إرساء القيم الفنية والجمالية في مسارات الفن التشكيلي العراقي، اذ لابد للجالس هناك ان يستذكر ما قاله الناقد الراحل عادل كامل : بان استذكار جواد سليم لا يذكرنا بان نصب الحرية هو من الماضي، بل ليعيد استحداث الدوافع ذاتها التي أنتجت النصب: مقاومة التلاشي ـ والمحو..، وقوله :وليس مصادفة أن نجد الملايين تقف عند نصب الحرية، أمامه، ومن حوله، وهي تطالب بحقوقها، اليوم، ليس لاستنطاق نصب الحرية، أو استنطاق جواد سليم، بل لأن الأحلام التي دفنت في النصب، وفي مبدعه، هي أحلام هذه الملايين.

رفض لهدم النصب
& & &كانت صورة جواد وهو يقف امام بعض عناصر نصب الحرية.. تزين المكان فيما الوجوه الحاضرة تحولت الى وجه جواد الذي تشرع ابتسامته ان تعلن شكرها لمن يستذكره ويستعيد سيرة حياته ، مع التمنيات ان يكون هناك تقليد سنوي لاقامة مهرجان سنوي باسمه بالقرب من نصبه الشاخص في اجواء ساحة التحرير ، فيما استنكر البعض من الحضور ما اقترحه البعض لتهديم نصب الحرية كونه& يمثل (سوء طالع) للعراق باعتباره نوعا من (السحر الاسود) الذي اتى بالطغاة والدكتاتوريات والعنف لتحكم البلد وليسطر على مقدرات الناس بفعل المفردات التي يحملها النصب، حيث سخر البعض من ذلك مشيرين الى ان من يقول ذلك لايؤمن بالفن ويعد النحت حراما بل انه من الحانقين على هذا الابداع الخالد للفنان الخالد .
& & & ادار الندوة الاذاعي لطيف جاسم الذي اثنى على السيرة الذاتية للفنان التشكيلي جواد سليم ورائعته (نصب الحرية) التي صارت رمزا خالدا لمدينة بغداد& ، قبل ان يمد ثناءه& لدائرة الفنون التي قال عنها (أثبتت صدق مساعيها بالاحتفاء بالشخصيات العراقية الرصينة من خلال جلسات مهمة جداً، وواظبت على اقامتها بشكل اسبوعي، وهذا سيُمكن الحاضرين من الجيل القديم من استعادة ذاكرة تلك الشخصيات المهمة، كما يُمكّن الجيل الجديد من التعرف على الشخصيات المعرفية والثقافية والفنية التي كان لها تأثير في المشهد الثقافي والفني العراقي.
&
خلاصة النحت العراقي
& & &من جانبه قال المدير العام لدائرة الفنون د. شفيق المهدي: النحات جواد سليم يمثل خلاصة النحت العراقي منذ السومريين وحتى وقتنا الحالي، واضاف : هذه الندوة استذكارية حول الريادة الفنية للفنان جواد سليم ودوره الفاعل في ارساء القيم الفنية والجمالية في مسارات الفن التشكيلي العراقي.
وتابع : حين كان سليم يُقدم عملاً تشكيلياً فأننا نعدّ ما قدمه بشارة خير تُنبيء بفن عراقي راقٍ وخالص يحمل الهوية المحلية بامتياز.
وأوضح : ان النحات جواد سليم يمثل خلاصة النحت العراقي منذ السومريين وحتى وقتنا الحالي ، فلم يكن في يوم ما الا مبشراً بفن عراقي راق وخالص يحمل الهوية المحلية بامتياز& وممميزة في حضورها الشاخص اينما وجدت على اروقة المحافل الدولية ،وهكذا اراد ( جوادنا) ان يرسم خارطة التشكيل العراقي منذ توليه زمام قيادة ( جماعة بغداد للفن الحديث) مع زميله الفنان شاكر حسن ال سعيد عام 1951 ،ليكون للفن العراقي صباح جديد ومسيرة مطرز باجمل التجارب المعاصرة .. مثلما توسمت بابرز الاسماء الفنية الخالدة .

تحذير مما يحصل لنصب الحرية
& & &أما الناقد التشكيلي قاسم العزاوي فحذر من تداعيات ما يحصل لنصب الحرية ،وقال : جواد سليم قدم أعمالاً معاصرة وحداثية مكنته من أن يكون حاضراً معنا في كل زمان، فنصب الحرية يقارن بـ (جورنيكا)& بيكاسو ، فيما هو أول من اشتغل المنحوتات النصفية .
& واضاف: ومن المؤسف ان اشير الى الانتهاكات التي يتعرض لها النصب حاليا ، فضلاً عن التشويهات منذ بداية تنفيذه وحتى الآن، فلا بد من الاسراع في تكريم جواد سليم عبر الاهتمام بمنجزه والمحافظة عليه ،ومن هنا نطالب لجنة الثقافة النيابية بتخليد اسم النحات من خلال تسمية أحد شوارع بغداد باسمه، فقد خلّد جواد سليم ذاته من خلال تركه أثره على كل جدار في المدينة وكل شارع فيها ، فلسمته وروحه حاضرة أبداً.

مثل اعلى
& & & &الى ذلك اكد الكاتب والفنان علي الدليمي ، ان جواد سليم أضحى مثلاً أعلى للكثير من الفنّانين التشكيليين وخاصّة النحّاتين العراقيين، وقال : الفنان الخالد جواد سليم ونصب الحرية العملاق هما القطبان البارزان الشامخان بل صنوان متلازمان بقوة في المشهد التشكيلي داخل وخارج العراق، وقد بدأ بالسمو والعلو يوماً بعد آخر، وسنة بعد أخرى، منذ بروزهما مع بداية العقد الستيني الى يومنا هذا.
واضاف:لقد اختزل النحات الراحل اسماعيل فتاح الترك بجملة بلاغية استشرافية عندما قال : كل النحت العراقي سيمر من تحت نصب الحرية.
& & & &يذكر ان جواد سليم توفي صبيحة يوم 23 كانون الثاني 1961 ، وشيع جثمانه بعد الظهر من معهد الفنون الجميلة في منطقة الكسرة (آنذاك) بجمع مهيب الى مثواه الأخير في مقبرة الأعظمية . من أبرز مرافقي النعش الفنان الكبير فائق حسن ، وأخ جواد الفنان سعاد ، وأسماعيل الشيخلي ، وفرج عبو، وعميد المعهد والشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري .
&