كان الأميركيون متشككين في هوليوود في ثلاثينات وبداية أربعينات القرن الماضي، وخشي القائمون على صناعة السينما وضع أعمالهم ضمن قائمة سوداء في حال لم يقطعوا علاقات مفترضة مع الحزب الشيوعي.

إيلاف: ربما لا يزال يتذكر كثيرون حقبة عرفت بحقبة "قائمة هوليوود السوداء"، حيث نُشر فيهل كثير من المؤلفات والمقالات عن حياة ممثلين، وكتاب سيناريو ومخرجين، اعتبرتهم استوديوهات هوليوود غير صالحين للتعامل معهم نظرًا إلى صلتهم، الفعلية أو المزعومة، بالحزب الشيوعي.

علاقات متوترة
وفي مسعى من جانبه إلى تسليط الضوء بشكل أكبر على تلك الحقبة الغامضة إلى حد كبير، قدَّم الكاتب البارز توماس دوهيرتي في كتاب جديد له بعنوان "Show Trial: Hollywood, HUAC, and the Birth of the Blacklist" صورة كاملة ومستفيضة عن وضع علاقات العمل المضطربة في صناعة السينما الأميركية، والتي أدت إلى فتح العديد من التحقيقات في هوليوود، وبلغت أوجها عام 1947.

قائمة سوداء أبطالها صناع السينما الأميركية

وكما أوضح دوهيرتي في كتابه، فإن العلاقة بين اتحاد عمال صناعة الترفيه والاستوديوهات لطالما كانت متوترة، وكان ذلك الاتحاد، الذي يعرف بالتحالف الدولي لموظفي المسرح (IATSE)، هو من أبقى على توتر العلاقات خلال ثلاثينات ومطلع أربعينات القرن الماضي. 

نوه دوهيرتي أيضًا بالتحقيقات التي فتحها النواب الديمقراطيون في مجلس النواب خلال ثلاثينات القرن الماضي لمعرفة أبعاد النفوذ الراديكالي في هوليوود، واتهام النائب، جيرالد ناي، في العام 1941 رؤساء استوديوهات هوليوود اليهود بانخراطهم في حرب دعاية. 

سيرك إعلامي
وبينما أسدل الهجوم الذي تم شنه على ميناء بيرل هاربر في جزر هاواي الستار على التحقيق الذي كان يجريه ناي، فقد استهدف الكونغرس هوليوود مرة أخرى، بعد الحرب العالمية الثانية، حيث ركز وقتها على احتمال تمتع الشيوعية بنفوذ أو تأثير في هوليوود.

شدد دوهيرتي أيضًا على أن تلك اللجنة التي شُكِّلَت، وعُرِفَت بلجنة الأنشطة لغير الأميركيين، والتي كانت منوطة بفحص الوسط في هوليوود، كانت "سيركًا" إعلاميًا مكتملًا.

وكتب دوهيرتي: "لم تكن تلك المحاكمة العلنية التي أقامها الكونغرس زيجة مشاهير، انفصالًا فاضحًا أو طيشًا مفاجئًا، وإنما كانت تتناول بجدية أشياء متعلقة بالشيوعية في مواجهة الديمقراطية، وكذلك الأمن القومي في مواجهة حرية التعبير".

معسكرا هوليوود
أسفرت التحقيقات التي أجرتها تلك اللجنة عن انقسام هوليوود إلى معسكرين، هما تحالف الصورة المتحركة المناهض للشيوعية، والمنوط بالحفاظ على المثالية الأميركية، ولجنة التعديل الأول المناهضة للجنة الأنشطة لغير الأميركيين. 

وفي نهاية جلسات الاستماع، بدا من الواضح أن معظم الأميركيين كانوا متشككين في هوليوود. وبالتالي، ما لم يقم القائمون على الصناعة في هوليوود بقطع علاقاتهم مع الشيوعيين، فكان يخشى أقطاب الصناعة أن يقوم رواد السينما بوضع صناعتهم في القائمة السوداء. 

وتبيّن من الكتاب أن دوهيرتي لم يسرع في مهاجمة أو انتقاد هوليوود بشكل لاذع، لأنها تعرّضت لموقف صعب فُرِضَ عليها من جانب الحكومة.

أعدت "إيلاف" التقرير نقلًا عن صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، المادة الأصلية على الرابط
https://wapo.st/2HSBvCS