الشخصية الطارئة أو البديلة هي الشخصية التي تُفرزها الذات أو يخترعها "العقل" بغية التكيُّف مع وضعٍ جديدٍ ناتجٍ عن وقوعِ حدثٍ طارئٍ أو فاجعةٍ يصعبُ تحمُّلها. فتأتي هذه الشخصية لتملأ الفراغ الذي يظهر نتيجة غياب الأنا في هذه الفترة ريثما تستوعب الصدمة وتعود إلى رشدها ووضعها الطبيعيّ من جديد.
إذاً، فالشخصية البديلة هي ذلك الجسر الذي يربط ما بين الأنا ما قبل المصيبة وبين الأنا ما بعد تقبُّل المصيبة.
عندما يصل إلى مسامع الإنسان خبرٌ عن فقدِ شخصٍ عزيز (كوفاة أمٍّ أو خسارة عشيقة...) أو اكتشاف وجود مرض من قبل الطبيب... تقوم الأنا بمقاومة الخبر بالتكذيب واللامبالاة، وفي هذه اللحظة تحديداً تأتي الشخصية البديلة لتأخذ مكان الأنا ولتسدَّ الفجوة النفسيَّة والذهنيَّة الحاصلة.
وباختصار، فإن الشخصية الطارئة هي ذلك "البالون" الذي ينتفخ، أثناء وقوع حادث، ليحميَ رأس السائق من الارتطام بمقود السيَّارة.
العمر الزمنيّ لهذه الشخصية مرهونٌ بالوقت الذي تحتاجه الأنا لتجاوز الصدمة والعودة من جديد لاستلام مقاليد السيطرة على الذات، وبالتالي فإنه لا يمكننا تحديد الفترة الزمنية التي ستشغلها هذه الشخصية، وذلك بسبب الفوارق الفردية واختلاف تجربة كلّ شخص عن تجربة الشخص الآخر.
أخبرني أحد الأشخاص عن حالةٍ غريبةٍ أصابته بعد وفاة والده مباشرةً، وقد كان هذا الشخص في الخمسين من عمره حين مات والده في المستشفى أمام عينيه، وكان هو المسؤول الوحيد عن القيام بمراسم الدفن. وبعدما اجتاز تلك المرحلة صار يُراجع سلوكه حينها ويعجب لذلك الأمر: "لقد كنتُ طيلة تلك الفترة بكامل وعيي على الرغم من شعوري بأنَّ أحدهم قد قام بتنويمي وتسييري كيفما يشاء، حيث كنت أمشي وأجلس وأتحدَّث إلى الناس كأنني رجل آلي"!
الشخصية الطارئة هذه ليست هي "التابع النفسيّ"، وليست بالتأكيد إحدى الهلوسات البصرية، بل هي شخصية مرحلية (غير اضطرابية) تنبثق من الإنسان نفسه لتساعده على التواصل وعلى تدبير الحال في الوقت المستقطع، ريثما تستعيد الأنا توازنها.

باحث سوري في علم النفس التحليلي.