تحتفل فرنسا هذا العام بمرور 100 سنة على رحيل نجمة المسرح سارا برنارد التي لا تزال حاضرة في الذاكرة الفنية وكأنها "أسطورة" لا يملّ الناس من استحضارها واستعادة صورتها المشرقة.
وفي مقال لها كتبت جريدة :"لوفيعارو" في عددها الصادر في العاشر من هذا الشهر تقول:" كم هو غريب الاحتفاء بمرور مائة عام على وفاة سارا برنارد هي التي لم تتوقّف على أن تموت على الركح مرات ومرات كما لم يحدث لأي أحد آخر.
لقد كان الاحتضار مهنتها. وهي توفيت مئات ومئات المرات، أمام آلاف المتفرجين في الولايات المتحدة الأميركية، وفي بلدان أميركا اللاتينية، وفي روسيا، وأستراليا. وكان المتفرجون في فرنسا، وفي جميع هذه البلدان يأتون إلى المسرح لكي يرونها وهي تلفظ أنفاسها مباشرة.
المسرح حلبة. وسارا برناد هي مُخلّصنا الفاضح والوحشي".
وترى جريدة "لوفيغارو" أن الاحتفاء بمرور مائة عام على وفاة سارا برنارد هو في الحقيقة احتفاء بهذه البطلة الفرنسية، وبهذه المرأة التي انتصرت على المحن، وبهذا "الصوت الذهبي" كما وصفها الشاعر الكبير فيكتور هوغو.
وكانت سارا برنار قد ولدت في الثالث العشرين من شهر أكتوبر -تشرين الأول عام1844. وهي ابنة بائعة هوى، وأب مجهول الهوية. وقد عاشت طفولة شقية شبيهة بحياة الأطفال المهملين في روايات البريطاني شارل ديكنز.
وفي المأوى الخاص الذي يحتضن الأطفال المشردين واليتامى وصفت بـ"الزنجية الشقراء".
أما في الدير فقد كانت الراهبات ينظرن إليها باستغراب وفضول كما لو أنها قادمة من كوكب غريب. وكم من مرة قامت تلك الفتاة العصبية بأفعال غير مُتوقعة من أي أحد. لذا نشأت منذ البداية وهي محاطة بهالة من الغموض. ومبكرا أظهرت موهبتها في الاحتفاظ في ذاكرتها بمقاطع من مسرحيات راسين. وهذا ما خوّل لها اقتحام عالم المسرح وهي دون سن العشرين لتنتسب إلى "الكوميديا الفرنسية" لتلعب أدورا في مسرحيات موليير، وراسين وألكسندر دوماس. إلاّ أنها لم تكتسب شهرتها الكبيرة التي لازمتها حتى وفاتها إلاّ عندما لعبت دورا أساسيا في مسرحية :"العابر" لفرانسوا كوبيه في مسرح "الأوديون" عام1869.
ومنذ ذلك الوقت أصبحت النجمة المحببة لكبار كتاب المسرح أمثال فيكتور هوغو، وساشا غيتري، ورايمون روستان، وأوسكار وايلد وغيرهم.
وفي عام1888، قامت بأول رحلة لها إلى الولايات المتحدة الأميركية. وانطلاقا من بداية القرن العشرين، اشتهرت سارا برنارد كنحّاتة ورسامة. وكانت تزيّن جدران شقتها الباريسية الفاخرة بلوحاها وتحفها. ورغم أنهم لم يكونوا يفهمون لغتها فإن عشاقها في موسكو، ونيويورك، وروما، وبيونس أيرس كانوا يحبون صوتها البديع وهي تردد أبياتا لراسين أو فيكتور هوغو، او مقاطع من مسرحيات موليير.
وفي عام 1915، أصيبت بسلّ العظام. مع ذلك لم تغادر الركح بل كانت تحرص على أداء بعض الأدوار وهي جالسة.
وفي السادس والعشرين من شهر مارس1923، توفيت سار ا برنارد ودفنت في مقبرة "بيار لاشيز" بباريس بعد أن ودعها عشاقها الذين حضروا جنازتها بأعدادٍ كبيرة. وقد رثاها الكاتب الأميركي مارك توين قائلا:" هناك خمسة أنواع من الممثلات: السيئات، والمتوسطات، والحسنات، والعظيمات. ثم هناك أيضا سارا برنارد".
التعليقات