خلال الاجتماع السنوي العام الذي انعقد في مقرّ الأمم المتحدة بنيويورك في شهر أكتوبر-تشرين الأول1973، طالب رئيس الزائيير أنذاك موبوتو سيسي سيسكو الامبراطوريات الاستعمارية القديمة بإعادة الكنوز الفنية التي نهبتها إلى البلدان الأصلية قائلا: "نحن فقراء ليس على المستوى الاقتصادي فقط، بل وأيضا على المستوى الثقافي. لذا أطلب من هذا الاجتماع العام التصويت لفائدة قرار يُطالب الدول الغنية التي تمتلك أعمالاً فنية من بلدان فقيرة أن تُعيد جزءًا منها لكي نُعلّم أبناءنا وأحفادنا تاريخ بلادنا".
ولقد صوتت الأغلبية الساحقة لذلك القرار إلاّ أن الامبراطوريات الاستعمارية القديمة امتنعت عن التصويت.

بعد ذلك بأربعين عاما، قال الرئيس الفرنسي ماكرون في خطاب ألقاه في واغادوغو عاصمة غينيا بساو أمام جمع غفير من الطلبة بإن التراث الفني الأفريقي لا بد أن يكون محلّ اهتمام لا في باريس فقط، بل وأيضا في داكار، وفي لاغوس، وفي كوتونو، مؤكدا أن ذلك سيكون من ضمن اهتماماته مستقبلا. وأضاف الرئيس الفرنسي قائلا:" أريد انطلاقا من الآن وعلى مدى السنوات الخمس القادمة أن تتوفر الظروف الملائمة لإعادة الكنوز الفنية وقتيا أو نهائيا إلى أفريقيا".

والمرحلة الأولى بدأت في شهر نوفمبر -تشرين الثاني2021 حيث قامت فرنسا بإعادة 26عملاً فنيا إلى دولة البنين. بعدها قام الرئيس ماكرون بتكليف المدير السابق لمتحف "اللوفر" بهدف إعداد مشروع قانون يسهّل عملية إعادة الكنوز الفنية في المتاحف الفرنسية إلى بلدانها الأصلية.

ويوجد هذا المشروع الآن بين يدي وزيرة الثقافة ريما عبد الحق اللبنانية الأصل، التي تقول بإنه من الضروري سنّ قانون يصادق عليه البرلمان لكي تتم عملية استرجاع الكنوز الفنية المنهوبة من قبل البلدان الأصلية في كنف الشرعية والشفافية. ورادّة على المعارضين لهذه العملية الذين يقولون بإن المتاحف الفرنسية سوف تفقد الكثير من قيمتها، بل قد تصبح فارغة، قالت وزيرة الثقافة بإن الفن له رسالة كونية. لذلك ليس مسموحًا للغربيين بأن يحتكروا هذه الرسالة، وأن يُنصّبوا أنفسهم أمناء عليها.

ومساندا الوزيرة الفرنسية، يقول الفرنسي روبير فالوا المتخصص في الفنون الأفريقية، والذي يمتلك أعمالا كثيرة منها: "الأعمال الفنية لها أبعاد كونية. وهي ليست ملكًا لأي أحد سواء كان شخصًا أم دولة ام مؤسسة. ما هو مهم هو أن يطلع أكثر عدد ممكن على هذه الأعمال لأنها تنتمي إلى تاريخ الإنسانية برمتها".