صناعة النسيج الهندية نحو العالمية


علي محمد مطر من اسلام اباد

تعتبر التصاميم ومواد النسيج والاقمشة الهندية من العوامل الهامة والمؤثرة في مخططات دور الموضة ومصانع الالبسة في انحاء العالم. فقد تكون الازرار التي تزين الكثير من تصاميم وملبوسات بيوت الازياء العالمية مصنوعة في معامل هندية حصلت على شهرة كبيرة لاتقانها لهذا النوع من الصناعة. فقد اصبحت الهند من كبرى الدول المصدرة للمنسوجات وفي صناعة الموضة العالمية.


فاذا كانت كتب الجغرافيا في الدول العربية تدرس الاطفال ان الهند من الدول المصدرة للشاي والجوت والتبغ فقط فان عليها الان ان تزيد بعض الامور الهامة الاخرى :- فالهند قد اصبحت من اللاعبين الكبار في صناعة الموضة العالمية ومن اهم موارد المنسوجات والالبسة الخاضعة لادق تصاميم الموضة.


فعندما يتحدث احد مصدري الالبسة او المنسوجات الهندية فانه قد يفاجئ الجميع وهو يشير الى كثافة الطلبات التي يتلقاها في هذا الموسم او ذاك او ان يقول ان المشترين يملؤون المدينة التي بها معمله وانه لا يكاد يتمكن بالوفاء بالتزاماته نحوهم.


ومن هم هؤلاء المشترين؟ ربما كان من بينهم ممثلون لبيوت ازياء واقمشة عالمية مثل فيدرتيد ستورز او نيكست ايند توب البريطاني او ار اتش ماكيز او تارجيت او مايرين وغيرها كثير.. او غيرها من الاسماء التي تشع ببريق خاص في مجلات الموضة او يشير اليها المهتمون بالموضة وتصاميمها.
هذه الشركات العالمية وغيرها اتجهت مثل النحل الباحث عن الرحيق الى الهند لما فيها من تنويع محير للعقل من المنسوجات والتصاميم التي يرغب المصممون العالميون ان يدخلوها في ارشيفهم وفي التصاميم الخاصة بهم.


والمدهش ان مصدري الالبسة الهنود يحاولون دائما ان يتعرفوا على الصرعات التالية في الموضة ويحاولون مجاراتها او حتى ابتكار الجديد والعمل على تسويقه ويساعدهم في ذلك مدى التقدم الذي احرزته الهند في تكنولوجيا المعلومات والتي اصبحت موردا هاما للكثير من الدول المتقدمة التي يعمل بها الكثير من الهنود والذين يقومون بدورهم بتحويل الاموال منها لبلدهم لدعم اقتصادها. ولهذا فان دور الموضة العالمية التي تتجه الى الهند تعود منها ومعها افكار جديدة ومنسوجات مختلفة وحديثة ومبتكرة وجاهزة للاستخدام وفوق هذا مواد خام لاستخدامها في التصاميم والتي تعتبر الهند من اهم مواردها.


وهناك العديد من العوامل التي تعمل على تسهيل مهام صناعات الالبسة والمنسوجات الهندية.. والتعي ياتي في مقدمتها انخفاض الكلفة في مجالات الانتاج والتصنيع وفي الحصول على المواد الخام؛ والتعاطي العاجل مع ما يمكن بيعه بسهولة ويسر؛ وقوة عمل كبيرة العدد ورخيصة نسبيا وعالية المهارة في ان واحد. هذه العوامل تجعل الهند قادرة على منح دور الموضة العالمية اسعارا منافسة ووقتا اقصر في تسليم الطلبات واحتكارا هنديا لسلسلة واسعة من الافكار والتصاميم التي تغوص في اعماق الثقافة والتراث الهندي ذي الالوان والنكهات المتعددة.


وهذه الثقافة والتراث تنتقل بسهولة ما بين التطريز على القماش باليد وهي مهارة خاصة بسكان هذا الجزء من العالم وشهرتها غطت افاق الدنيا وجهاتها الاربعة؛ وينتقل كذلك الى الملحقات المكملة لتصاميم الموضة مثل الازرار والاربطة وما الى هنالك. ومن يعرف نيودلهي من ممثلي شركات الموضة لا يجهلون سوق "صدر بازار"وهو سوق يعج بالمواد والاشياء وبالمتسوقين والزوار ايضا وهو يعرف بانه "عين المها" بالنسبة لصناعة الموضة والالبسة بالهند بل انه قد اتخذ مكانة هامة على الخارطة الدولية للموضة والالبسة. فقد تكون ازرار بنطلون الجينز الذي يرتديه الكثيرون مصنوع لدى معمل "عزيز" واولاده لصناعة الازرار او ما يسمى بـ "بتون والا" باللغة الهندية والذي يبعد آلاف الاميال عن اوروبا او اماكن ابتياع بنطلونات الجينز في لوس انجلوس.


ظل قطاع الاقمشة المطرزة يحتل مكانة هامة بالسوق الهندية وحجعل من الهند مصدرا افتراضيا رئيسيا لهذا النوع من العمل اليدوي البارع والجميل. الا ان خفض سعر الروبية الهندية مؤخرا قد ادى الى خفض الاسعار لمصلحة المشتري. ولهذا فان دور الموضة تحصل على قطع فنية من القماش تصنع بالطريقة والشكل والرسوم التي تروق لها وباسعار زهيدة للغاية. كما ان سوق الاقمشة يلقي بانطباعات كبيرة على نفس المشاهد ويجعله محتارا في الوقت ذاته من سرعة التقلبات التي تطغى على طبيعة الالوان والتصاميم والتي تتغير في السوق الهندية وفقا للتغييرات التي تطرأ على اتجاهات الموضة العالمية. ومن امثلة ذلك نزوع الموضة العالمية الى اقمشة ملائمة للبيئة والى موجة الاقمشة التي توصف بالطبيعية والتي ادت الى ظهور اقمشة مثل القطن والكتان والحرير في مصانع النسيج الهندية والتي تلقفتها بيوت الازياء العالمية.


مثل هذه الانشطة التي تتضمن صناعة هذه الانواع من القماش تتم في مناطق لم يسمع بها معظم سكان العالم مثل منطقة "شابا" بولاية "بيهار" الواقعة بالاجزاء الشرقية من الهند والتي اصبحت فيها صناعة الاقمشة مسألة عائلية تشرف عليها عائلات المدينة. اما منطقة "سورات" بولاية كوجرات باقصى الغرب الهندي فانها متخصصة بصناعة انواع مميزة من اقمشة تسمى الكريب والجورجيت والجاكواردز والتي تستخدم جميعها لتصميم الملابس البراقة التي تعرض في عروض الازياء بانحاء العاالم المختلفة. وهناك ايضا نوعية يطلق عليه اسم "مدراس جيك" نسبة الىمدينة مدراس الهندية والذي ترتديه النساء في الاجزاء الحنوبية من الهند ويستخدم كذلك في اي شيئ يفكر فيه المرء كالحقائب النسائية وبطاناتها على سبيل المثال.

ومع مرور الوقت فان مصممي موضة اجانب مثل جون باول جوتي الفرنسي يقومون باستخدام اقمشة وتصاميم هندية لزيادة التنوع في عروضهم من البسة الموضة. كما ان مصممين لهم مكانتهم في باريس مثل ديو وديديير ليكونيه وهيمانت ساجار يستخدمون الكثير من التصاميم الهندية في معروضات ازياء وملبوسات الموضة الخاصة بهم والتي عرضوا بعضا منها في نيودلهي وهو الامر الذي يساهم في انعاش الاقتصاد والسوق الهندية.