بعد أن كسر حاجز أل 500 مليار جنيه مصري
quot;شبح quot; الدين المحلى quot;يطارد quot; الحكومة المصرية الجديدة
محمد نصر الحويطى من القاهرة
لم نصل بعد إلى مرحلة الخطر ..لا زلنا بالمنطقة الامنه....كل تلك التصريحات الوردية اعتاد المسئولين في مصر الخروج بها علينا ليؤكدوا أن الديون المصرية ليست كثيرة مقارنة بحجم الإنتاج المحلى, ولكن الحقيقة- والتي تبدو واضحة وضوح الشمس كما أكدتها الإحصائيات الأخيرة للبنك المركزي المصري - تؤكد أن العام 2005 قد لملم أوراقه تاركاً وراءه عبئا كبيراً لم يزل يهدد الحكومة المصرية .....بالطبع انه الدين العام المحلى والذي وصل نهاية العام المنقضي إلى ما يقرب من 511 مليار جنيه مصري بما يعادل 88.8 مليار دولار اميركى مقابل 435 مليار جنيه (75.6 مليار دولار اميركى) في نهاية العام السابق عليه.
وبعيدا عن التصريحات(الوردية) التي تبشر بتراجع الدين العام المحلى في مصر كان لابد من التعرف على الأسباب الرئيسية وراء تلك الزيادات في حجم ذلك الدين والذي وصلت أعباء خدمته إلى ما يقرب من 24.2 مليار جنيه بما يوازى 4.2 مليار دولار مع نهاية العام 2005 , هذا ما تقصته (إيلاف) في السطور القادمة.
عجز الموازنة العامة
بكرى عطية أستاذ الاقتصاد المصري والرئيس السابق للأكاديمية العربية للعلوم المصرفية ارجع التزايد الضخم في اجمالى الدين العام المحلى إلى سبب رئيسي واحد وهو العجز المستمر في الموازنة العامة للدولة والذي يعود -وفق رأى بكرى ndash; إلى الأنفاق الباهظ من جانب الحكومة المصرية على مشروعات غير مدروسة عادة ما لا تحقق أرباحا لا تذكر.
كما المح بكرى إلى أن السياسات الاقتصادية المحلية غير مقننة الأمر الذي يتجلى في إصدار الحكومة لسندات وأذون خزانة لتغطية العجز في الموازنة العامة للدولة وهو ما يعطل بدوره القوى الشرائية ويساهم في زيادة حجم الدين المحلى والعام أيضا.
ويستطرد بكرى أن توجيه السياسة المصرفية في مصر من قبل الحكومة أحد أهم الأسباب التي يجب أن تأخذ في الاعتبار وتحديدا عمليات الإقراض والتي هي من أهم اولويات البنوك المصرية الأمر الذي سيساهم دون شك في التقليل من أعباء الأنفاق الحكومي ويساعد على تقليص حجم الديون المتراكمة.
الخسائر المتلاحقة
ومن جانبه يؤكد الدكتور أسامه عبد الخالق عضو مجلس ادراة الجمعية المصرية للإدارة المالية والخبير الأقتصادى بمنطقة العمل العربية فيوضح الطفرة التي شهدتها زيادة حجم الدين العام في مصر ترجع بالدرجة الأولى إلى زيادة الخسائر المتلاحقة التي تحققها الهيئات الاقتصادية العامة (شركات قطاع الأعمال) خلال السنوات السابقة وهى خسائر من المتوقع زيادتها في ظل إصرار الحكومة المصرية على التمسك بسياسة الدعم العيني وعدم التحول إلى سياسة الدعم المالي (النقدي) التي تتحقق معها الشفافية في الأسعار وخضوعها للعرض والطلب الأمر الذي يدفع بهذه الكيانات الكبيرة إلى الخروج من دائرة الخسارة إلى منطقة الأرباح.
ويتوقع الخبير الأقتصادى بمنظمة العمل العربية زيادة حجم الدين العام في مصر خلال العام الحالي خاصة إذا لم يتم تقليص عمليات الأنفاق الحكومي وكذلك عمليات الاستثمار الغير مدروس مشيرا إلى أن تجاوز الحدود الأمنه لا يمكن مقارنته بمعدل النمو الأقتصادى إلا إذا كان ذلك يدعو للعودة إلى الوراء خاصة وان الدين المحلى اصبح يلتهم كل الإنجازات التي تحققها الدولة فضلا عن أن العديد من الإحصائيات أشارت إلى أن أعباء خدمة هذا الدين تأكل ما يزيد عن 90% من معدل النمو الأقتصادى وهو الأمر الذي يعنى أن الاقتصاد المصري لا يزال يتسم بالجمود وعدم القدرة على حل مشكلاته المزمنة والتي يعتبر تضخم الديون من أهمها.
اقتراض الحكومة المصرية
الفترة الماضية شهدت عمليات اقتراض كبيرة من جانب الحكومة المصرية للتوسع في إنشاء الكثير من المشروعات والتي لم تدر أية أرباح تذكر هذا ما ساهم بشكل مباشر في رفع حجم الدين العام للدولة هذا ما يقوله الدكتور نبيل حشاد رئيس المركز العربي للدراسات الاستثمارية المالية والمصرفية والذي يؤكد أن الفترة الماضية تحديدا شهدت زيادة غير عادية في اقتراض الحكومة من بعض الهيئات الخارجية.
ويشير نبيل حشاد إلى أن الحكومة المصرية لجأت خلال الفترات السابقة تحت ضغط هذا الدين إلى الاقتراض من هيئة التأمينات والمعاشات وهو الأمر الذي أثار العديد من الانتقادات نظرا لأنها تمثل حقوق المواطنين ومعظمهم من الفقراء ومحدودي الدخل مما لا يمكن معه القبول بالمخاطرة بأموالهم حتى ولو حتى تحت سعى الحكومة لمبادلة هذه الديون بممتلكات وأصول الهيئات الاعتبارية الخاصة في صورة حقوق ملكية .
ويؤكد رئيس المركز العربي للدراسات الاستثمارية والمصرفية على أن الأيام القادمة تحتاج من الحكومة المصرية مراعاة التقليل من حجم الأنفاق الحكومي وتقنينه وتوجيهه لصالح مشروعات رابحة فضلا عن حسن استغلال عوائد الخصخصة وإعادة إصلاح القطاع العام والشركات الحكومية بما يساهم في تقليص حجم التنامي الرهيب في الديون المصرية.
ولكن وبعد ما تم سرده من أسباب يعتبرها الكثيرون هي المحك الرئيسي وراء تفشى ظاهرة تنامي الديون العامة والمحلية بمصر يبقى سؤالا ملحا يحتاج إلى إجابة واضحة وهو ما إذا كان العام الجديد سيشهد انفجارا في حجم هذه الديون ..أم انخفاضا بها؟ ..هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة.
التعليقات