روسيا تعرض غازا أرخص مقابل ابتعاد أوكرانيا عن الناتو
أحمد عبدالعزيز من موسكو
أفادت تقارير روسية بأن موسكو ستعرض صفقة على كييف للتخلي عن الانضمام إلأى الناتو مقابل تزويد أوكرانيا بالغاز بأسعار أقل. ومن المقرر أن تجري المباحثات الخاصة بهذا الموضوع خلال الأسبوع المقبل في العاصمة الأوكرانية بين رئيسي وزراء كلا البلدين ميخائيل فرادكوف وفيكتور يانوكوفيتش. الأمر الذي يفسر التصريحات الغامضة التي أدلى بها يانوكوفيتش مؤخرا حول أن ميزانية البلاد للعام المقبل تم إعدادها بحيث جرى تثبيت سعر الغاز فيها بحجم 130 دولارا لكل ألف متر مكعب.
وكانت روسيا أعلنت من قبل عن نيتها بيع الغاز لأوكرانيا بسعر يفوق السعر المذكور بمائة دولار. ورأت تقارير اقتصادية أن الجانب الروسي اقترح على أوكرانيا صفقة متكاملة تدور حول إجراء أوكرانيا استفتاء وطني عام حول موضوع انضمامها إلى حلف الناتو الذي سيسفر عن نتيجة سلبية، وذلك لأن أكثر من نصف سكان البلاد يعارضون مثل هذا المستقبل. ولم تستبعد التقارير أن يجهز الاستفتاء المذكور ولفترة طويلة على فكرة انضمام كييف إلى الناتو.
ويتضمن الجزء الثاني من الصفقة المذكورة اقتراح موسكو عدم المساس بالأسطول الروسي المرابط في ميناء سيفاستوبول حتى عام 2017 كما هو وارد في المعاهدة المبرمة بين البلدين، وإمكانية تمديدها في ما بعد. ووقعت موسكو وكييف المعاهدة الخاصة بأسطول البحر الأسود الروسي لمدة 20 سنة في عام 1997. غير أن الأحداث المحيطة بوضع الأسطول وتعرضه للتفتيش من جانب السلطات الأوكرانية لا تزال تثير قلق موسكو.
أما الجزء الثالث، فينص على أنه من اللازم أن تضمن أوكرانيا الحفاظ على التعاون في مجال الغاز مع شركة quot;روس أوكر إنيرغوquot; المشتركة لمدة لا تقل عن 5 سنوات كما ورد ذلك في الاتفاقية الموقعة بين الجانبين وعدم إثارة موضوع إعادة النظر فيها.
ويطالب الجزء الرابع من الصفقة بضرورة أن تقطع كييف على نفسها وعدا بتسلم الغاز التركماني عن طريق روسيا فقط. كما يجب على أوكرانيا، وفقا للجزء الخامس، تغيير نسبة الفوائد المثبتة التي تتسلمها لقاء عبور الغاز الروسي إلى أوروبا مقابل أن تقوم روسيا بتجهيز أوكرانيا بالغاز بسعر 130 دولارا وليس 230 دولارا.
وأفادت معطيات اقتصادية أن هذه المقترحات نوقشت في موسكو أثناء لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس وزراء أوكرانيا فيكتور يانوكوفيتش في أيلول (سبتمبر) الماضي. وبالرغم من منطقية هذه المعطيات إلا أن قيادة شركة غازبروم لم تعلق بعد على سعر الغاز لأوكرانيا. وصرح مصدر في شركة روس أوكر إنيرغو السويسرية، التي تعود 50% من أسهمها لمصرف غازبروم بنك الروسي، و50% لرجل الأعمال دميتري فيرتاش، بأن العقود الخاصة بعام 2007 المقبل تمر الآن بمرحلة التوقيع.
ووقعت شركتا غازبروم الروسية ونفطوغاز أوكرانيا الأوكرانية في أوائل العام الجاري عقدا حول تصدير الغاز إلى أوكرانيا بسعر 230 دولارا لكل ألف متر مكعب. وتضمن العقد شرطا ينص على أن غازبروم ستصدر الغاز بواسطة شركة روس أوكر إنيرغو. علما بأن الشركة الأخيرة ستبيع الغاز لأوكرانيا بسعر 95 دولارا لكل ألف متر مكعب. وسيعوض الفرق في السعر عن طريق إدراج الغاز التركماني والأوزبكي والكازاخي الذي يكلف ما بين 55 و65 دولارا لذات الكمية، ويشكل حوالي ثلثي كافة التوريدات، على ميزانية شركة روس أوكر إنيرغو.
وأفادت معطيات مؤسسة الأبحاث الاجتماعية بأن 60% من مواطني أوكرانيا يعارضون انضمام البلاد إلى حلف الناتو، وأن نتائج الاستفتاء، إذا جرى، ستكون متوقعة تماما. وكما أظهرت نتائج الدراسات الاجتماعية التي أجرتها مؤسسة نيقولاي غافريلوف التحليلية الأوكرانية خلال الفترة من 1 إلى 3 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، فإن 75% من الأوكرانيين لا يؤيدون فكرة الانضمام إلى الناتو وحتى لو منحت أوكرانيا عضوية الاتحاد الأوروبي مقابل ذلك.
وكانت فكرة حل الموضوع الخاص بالناتو من خلال معرفة إرادة الشعب الأوكراني أحد البنود المبدئية في برنامج حزب الأقاليم المعارض الذي يرأسه يانوكوفيتش الذي أصبح في ما بعد رئيسا للحكومة. كما أدرج نفس البند على ما يسمى بلائحة الوحدة الوطنية التي وقعها الرئيس الأوكراني فيكتور يوشينكو ورؤساء ائتلاف مكافحة الازمة يوم 4 آب (أغسطس) الماضي. وأعلن رئيس الوزراء فيكتور يانوكوفيتش في نفس الشهر عن ضرورة تجميد تبني ورقة العمل الخاصة بالعضوية في الناتو بسبب الاطلاع المتدني للسكان على هذا الموضوع. وعقب ذلك أصدرت الرادا العليا (البرلمان) قرارا صادقت فيه على موقف رئيس الوزراء. وأيد مجلس الوزراء موقف رئيسه لأنه يأخذ بعين الاعتبار ميول المجتمع الأوكراني.
وردا على هذه الخطوات التي دفعت الغرب إلى معاودة التفكير مليا في موقفه من أوكرانيا، صرح مصدر في القسم الصحافي لحلف الناتو بأن أبواب الحلف ستبقى مفتوحة أمام أوكرانيا. غير أن عملية الحصول على العضوية تتوقف على إحراز البلاد مكاسب فعلية. وكانت إحدى النتائج الأساسية لذلك هو عدم تسلم أوكرانيا دعوة للمشاركة في قمة الناتو التي ستعقد في ريغا في الفترة من 28 إلى 29 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وأعلن رئيس القسم الصحافي بوزارة الخارجية الأوكرانية أندريه ديشيتسا أن مسؤولي وزارة الدفاع واثقون من أن هذا القرار اتخذ في بروكسل عقب إعلان يانوكوفيتش عن عدم استعداد أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. ومع ذلك فإن النائب الأول للمدير العام بمركز التكنولوجيا السياسية بوريس ماكارينكو يعتقد أن يانوكوفيتش غير مستفيد من تعجيل موضوع إجراء الاستفتاء العام. وقال إن اوكرانيا لن تنضم ما لم يجر الاستفتاء، ومن ثم ستتوفر أمام يانوكوفيتش فرص واسعة لإجراء مساومات مع روسيا. والمهم بالنسبة لرئيس الوزراء الأوكراني، الذي يعتبر اليوم أقوى شخصية في الساحة السياسية الأوكرانية، هو عدم توتير العلاقات سواء مع الغرب أو مع روسيا. وأعرب ماكارينكو عن ثقته بأن يانوكوفيتش سيبعث إشارات إلى كلا الجانبين ليتأكد في ما بعد من أي من الجانبين يقدم مساعدات أكبر. أما بالنسبة للرئيس فيكتور يوشينكو فإن موقفه الآن ضعيف إلى درجة أن إثارة موضوع الناتو غير مفيد إطلاقا بالنسبة له، إذ أنه من المحتمل أن يخسر الكثير.
التعليقات