في الذكرى الـ 20 لافتتاح معجزة القرن الماضي
جسر الملك فهد رمزالعلاقات الأخوية السعودية البحرينية

كتب ndash; فادي عاكوم

يخيل للناظر الى جسر الملك فهد بن عبد العزيز أنه مارد عملاق تسمر في منتصف البحر بين البلدين مادًا يديه ليساعد العابرين للوصول الى كلا الضفتين، فطالما شكلت فكرة انشاء جسر يربط بين الساحل السعودي والساحل البحريني حلما جميلا لدى القيادتين والشعبين في البلدين المتجاورين بسبب الروابط الاجتماعية التي تربط العائلات في كلا الجانبين، بالاضافة الى الدور الاقتصادي الذي كان من اسباب التعجيل بانشاء الجسر حيث تعود العلاقات التجارية بين البلدين الى فترة قيام الدولة السعودية الاولى عام 1745م، وتعود فكرة الجسر بشكلها الجدي الى العام1965وكانت تبلورت الفكرة خلال الزيارة التي قام بها الملك فيصل بن عبد العزيز واثنا لقائه برئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، وبعدها خلال زيارة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة للملك فيصل بن عبد العزيز، وفي العام 1968 تم تشكيل لجنة مشتركة سعودية بحرينية لدراسة كافة النواحي الاقتصادية والمالية والاتصال بالبنك الدولي للمساهمة بانجاح المشروع.

صورة ارشيفية لافتتاح الجسر عام 1986

وبعد ارساء العطاءات على افضل العروض المقدمة من الشركات العالمية بدا العمل الفعلي على الارض يوم 29 ايلول(سبتمبر) 1981، وثبتت اول قاعدة يوم الاحد 27 شباط(فبراير) 1982، ومنذ 20 سنة بالضبط وفي السادس والعشرين من شهر تشرين الثاني(نوفمبر) 1986 تم الافتتاح من قبل خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك فهد بن عبد العزيز والشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة ، وقد أطلق أمير البحرين الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة اسم الملك فهد على هذا الجسر عرفانا بما قامت به المملكة العربية السعودية من التمويل الكامل لإقامة هذا المشروع الذي‮ ‬يعكس مدى عمق العلاقات بين المملكتين وما امتازت به من وحدة الترابط والمصير المشترك‮، وقد وصف الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود الجسر بمعجزة القرن العشرين لما امتاز به من هندسة مائية متقنة وبناء حضاري‮ ‬متميز.

الاهمية الاقتصادية

و يعتبر الجسر من ابرز القطاعات السياحية التي‮ ‬تعتمد عليها البحرين ومعبرا مهما لدخول 94 ‬٪‮ ‬من الزائرين‮ ، وقد ‮ ‬استمد الجسر أهميته نتيجة تمتع البحرين بوجود بنية تحتية متقدمة من شبكات كهرباء واتصالات تتميز بتعدد خدماتها وتطورها إلى جانب وجود شبكة واسعة ومتكاملة من وسائل النقل البري‮ ‬والبحري‮ ‬والجوي‮، ومنذ إنشاء جسر الملك فهد ودعت البحرين محيطها البحري‮ ‬والتحمت بالـبر السعودي‮، حيث شكل الجسر قناة رئيسية لتواصل مملكة البحرين بدول المنطقة وأسهم فى انتعاش الاقتصاد البحرينى من خلال الأعداد المتزايدة لعدد المسافرين وحركة البضائع المستمرة بالزيادة.

وقد بينت الإحصائيات منذ افتتاح جسر الملك فهد التزايد المستمر في‮ ‬عدد المسافرين والمركبات بأنواعها وارتفاع عدد الشاحنات والبضائع على الجسر، إذ بلغ‮ ‬عدد المسافرين منذ الافتتاح حتىنهاية يونيو2006 حوالي130 مليون مسافر، والمعدل الحالي‮ ‬للمسافرين أكثر من 37000 ‬مسافر‮ ‬يوميا،‮ ‬والمركبات أكثر من 16000 ‬مركبة‮ ‬يوميا،‮ ‬أما شاحنات البضائع فقد بلغت بأكثر من‮006 شاحنة‮ ‬يوميا.

الجزيرة الوسطية


اما الجزيرة الوسطية فانها تضفي طابعاً سياحياً على الجسر، بسبب المرافق الترفيهية المنوعة التي تضمها، والتي تجعلها مقصداً للزائرين، خاصة انها تتخذ شكل الساعة والمكونة من 4 سدود ركامية في منتصف الجسر.

وتزدحم الجزيرة الوسطية للجسر بالزوار، الذين يقصدون المطاعم وخاصة المطعمين في أعلى البرجين المقامين على جهتي الحدود، ويمكن للجالس في المطعم أن يشاهد طلائع مدينة الخبر كالكورنيش والمباني، كما يمكنه أن يستشف في الأفق جزيرة كبيرة هي البحرين.
تتكون الجزيرة من جزءين مساحة كل منهما ستة كيلو مترات مربعة، وهي تضم مكاتب للإدارات الحكومية والجمارك والجوازات والأمن العام وسلاح الحدود والدفاع المدني، وأبنية الادارة العامة للجسر ومسجد والخدمات المرافقة ومطاعم متنوعة ومحلات تأجير السيارات وبنوك وسفريات ومكاتب لشركات الاتصالات. بالإضافة الى قاعة الضيوف، ومعمل تحلية المياه ومعمل معالجة القاذورات ومهبط لطائرات الهيلوكبتر. وتم انشاء مركزي المعلومات بالجانبين لايضاح المعلومات الموثقة عن انشاء الجسر ومراحله والاحصائيات والافلام والصور والمجسمات وغيرها. كما تم شق طريقين على جانب الجزيرة صمما للمساعدة على سهولة وسرعة التدفق الضروري، هذا بالاضافة الى معابر لسيارات الركاب تفصلها عن السيارات المخصصة للشحن. وهناك مجموعة من الأبنية ومجزءات علوية لتسهيل حركة السير والمرور ومناطق لوقوف السيارات ومعابر للمشاة.

عالمية المواصفات

يعتبر جسر الملك فهد الأطول في الشرق الأوسط كما أنه أكثر جسور العالم تكلفة حيث بلغت كلفة إنشائه 564 مليون$ أميركي، لكنه في الوقت نفسه يعتبر احد اهم المنجزات الحضارية على الصعيد المعماري في المنطقة في العصر الحالي كما انه أهم جسر بحري في العالم يصل بين طرفي اليابسة حيث استغرق التفكير فيه والدراسات اللازمة له 25 عاماً واستغرق تنفيذه أربع سنوات ونصف السنة، كما يعدّ جسر الملك فهد من أهم المنافذ على مستوى دول الخليج من حيث كثرة المسافرين واتباع التقنية والأساليب الحديثة لانهاء اجراءات السفر وخاصة الجوازات إذ تتم مباشرة مع المسافر دون الحاجة لنزوله من سيارته، كما ان التفتيش الجمركي يتم لمجموعة من السيارات في آن واحد.

ومن ضمن الاحصاءات الضخمة التي سجلها الجسر أنه يشمل 345 الف متر مكعب من الكنكريت و25 ألف طن من الخرسانة المسلحة و10 آلاف طن من الفولاذ مسبق الاجهاد، وهي كميات استخدمت في انشاءات الركائز والقواعد الاساسية والتجسيرات.

في حين بلغ مجموع التربة التي رفعت خلال الانشاءات ما قيمته 9.5 مليون متر مكعب. وبلغت تكاليف الكيلومتر الواحد من السدود الركامية المكونة للجسر 18 مليون دولار. كما استخدم لتثبيت دعامة واحدة بالجسر 6 كيلومترات من المواد الجوفية و9 آلاف عينة و16 الف تجربة وعملية مختبرية و8 آلاف صفحة لتسجيل النتائج. ووصل عدد القوى العاملة التي استخدمت بالجسر في ذروة عمليات التنفيذ خلال السنوات الاربع 1500 عامل في البحرين.

مصدرالارقام والاحصائيات والصورة الارشيفية: ملحق صحيفة الوسط البحرينية