إسرائيل تواجه استحقاقات فواتير حرب لبنان


أسامة العيسة من القدس


يتضح من القضايا التي عالجتها الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، أن تبعات الحرب على لبنان الاقتصادية تهدد التحالف الحكومي في إسرائيل، على خلفية إصرار ايهود اولمرت رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير ماليته إدخال تقليصات على ميزانية الدولة، تشمل المجالات الاجتماعية وهو ما يعارضه حزب العمل الذي كان برر مشاركته في هذه الحكومة بعد اتفاق في الشأنيين الاقتصادي والاجتماعي مع حزب كاديما الذي يترأسه اولمرت.


وتوقعت صحيفة معاريف في موضوعها الرئيسي أن يؤدي الخلاف حول التقليصات المالية، إلى أزمة تهدد بشكل جدي التحالف الحكومي. وكان اولمرت ووزير ماليته، التقى أمس عمير بيرتس وزير الدفاع ورئيس حزب العمل، لمناقشة التقليصات، وحين طلب بيرتس زيادة ميزانية الدفاع، قال له اولمرت بأنه يتوجب عليه اذن أن يوافق على إدخال تقليصات في الجوانب الاجتماعية، وهو ما رفضه بيرتس الذي بقي متمسكا بالبرنامج الذي دخل حزبه على أساسه الحكومة.


ونقلت صحيفة يديعوت احرنوت عن قياديين في حزب العمل قولهم بأنهم لن يتنازلوا عن برنامجهم الاجتماعي وخططهم لمساعدة الطبقات الفقيرة وتوفير الأموال اللازمة للرفاه الاجتماعي، وتنفيذ الاتفاق السابق حول رفع الحد الأدنى للأجور.


ويبدو ما يتمسك به حزب العمل يكاد يكون مستحيلا بالنسبة لحزب كاديما، وكشفت الصحف عن مقترحات سيقدمها اليوم مختصون من وزارة المالية لوزراء في الحكومة الإسرائيلية كي يناقشوها في اجتماعهم المقبل لإقرارها.


ومن بين هذه المقترحات رفع الأقساط الجامعية بنسبة تصل إلى الثلث، مع فتح المجال لمنح قروض طويلة الأمد للطلبة، وإلغاء الميزانية الخاصة لحماية الحافلات العامة التي فرضتها العمليات التفجيرية الفلسطينية، وإعادة الأمر إلى الشرطة لتولي حماية هذه الحافلات، وفصل 3 الاف موظف حكومي من المؤسسات المدنية والأجهزة الأمنية، وتجميد الوظائف الجديدة حتى عام 2010، وإعطاء الصلاحية لمدراء المؤسسات الحكومية لفصل الموظف دون المرور بلجان تحقيق، وتقليص العمالة الوافدة في قطاع البناء من 12 ألف عامل إلى 6 الاف، وتجميد أية وظائف في قطاع البناء.


والتوصية التي يتوقع أن تثير بيرتس بشكل خاص هي إرجاء القرار الخاص برفع الحد الأدنى للأجور، حيث كان بيرتس تفاخر خلال حملته الانتخابية بأنه سيرفع الحد الأدنى للأجور إلى ألف دولار شهريا.


ومن التوصيات التي ستلاقي معارضة أيضا التوصية بتوحيد 60 سلطة ومجلس محلي، الأمر الذي يتوقع أن يثير غضب هذه المجالس المحلية التي يعني توحدها تقليص ميزانياتها.
وتوجد توصيات أخرى من بينها فرض رسوم مقطوعة، على كل طالب يريد أن يتقدم لامتحان البجروت وهو الامتحان الموازي للثانوية العامة في الدول العربية.
وفي حين بدت وزارة المالية وكأنها من تتحكم بالحياة السياسية في إسرائيل الان، عن طريق إبرازها للفواتير المتوجب تغطيتها بسبب حرب لبنان، فان مراقبيها اخذوا بالصراخ عندما قدمت المؤسسة العسكرية لهم فواتير واجبة التسديد تشكل جزء من تكلفة الحرب على لبنان.


وحسب الأرقام التي نشرتها الصحف الإسرائيلية اليوم فان ثمن الذخيرة التي قدمها سلاح الجو تصل إلى 3,5 مليار شاقل، بينما وصلت تكلفة الطعام إلى 76 مليون شاقل، و300 مليون شاقل بدل رواتب لجنود الاحتياط، ومثلها لدفع التعويضات للجنود المصابين، و300 مليون أخرى ثمن وقود.


والقائمة التي قدمها قادة الجيش الإسرائيلي طويلة وفيها تفاصيل كثيرة، ورد مراقبو وزارة المالية باتهام مؤسسة الجيش بالمبالغة في تقدير التكاليف، مما يزيد من الاحتقان الداخلي.
وتوعد مراقبو وزارة المالية بمناقشة كل بند وكل تفصيل في الفواتير التي قدمها الجيش وفحص كل شيء مهما كان صغيرا.


ورغم هذا التشدد الذي أبدته وزارة المالية تجاه الجيش فإنها تهاونت في موضوع آخر له علاقة بالجيش، حيث عمدت بالتعاون مع النيابة العامة، إلى التعاقد مع محامين في دول أوروبية، ليكون جاهزين للدفاع عن قادة وأفراد في الجيش الإسرائيلي، يمكن أن يزوروا دولا أوروبية ويجدون أمامهم قضايا في المحاكم رفعتها جهات عربية او حقوقية على خلفية ارتكابهم جرائم حرب.


وكان عدد من مسؤولي الجيش والأجهزة الأمنية واجهوا قضايا مثل هذا النوع سابقا، وكثير منهم يتجنب السفر إلى دول أوروبية خشية الملاحقة على خلفية ارتكاب جرائم حرب خلال انتفاضة الأقصى، وتزيد المخاطر بالنسبة لقادة الجيش من الملاحقة القضائية بعد الاتهامات الموجهة لهم بارتكاب مجازر بحق المدنيين في لبنان، خلال الحرب الأخيرة على هذا البلد.


وفي حين يواجه قادة الجيش الإسرائيلي احتمال ملاحقتهم قانونيا خارج البلاد، فانه اصبح من المؤكد أن يواجه ايهود اولمرت المحاكمة، بعد أن أوصى مراقب الدولة بالتحقيق معه جنائيا على خلفية تعيينات سياسية اقدم عليها ومدير مكتبه عندما تولى حقيبة الصناعة في حكومة ارئيل شارون.


وكان مراقب الدولة رفع سابقا تقريرا، للمستشار القضائي للحكومة ميمي مزوز، عن اتهامات تتعلق بإقدام اولمرت على تعيين أعضاء من حزب الليكود في مناصب بوزارة الصناعة لأغراض حزبية، ولكن مراقب الدولة لم يوص حينها بمحاكمة اولمرت وهو ما فعله في التقرير الجديد الذي رفعه لمزوز، وفيه وثائق تؤكد الاتهامات لاولمرت، ورفض العاملون في مكتب مراقب الدولة تبرير تغيير موقفهم اتجاه اولمرت، وسيقدم مزوز الوثائق التي وصلته إلى النيابة التي ستفحص إمكانية فتح تحقيق جنائي مع اولمرت ومدير مكتبه.


وزاد موقف مراقب الدولة الجديد من اولمرت من الاحتقان بينهما، فالمراقب كان أبدى استياء عندما عينه اولمرت للتحقيق في جهوزية الجبهة الداخلية خلال حرب لبنان، لانه سمع بذلك من وسائل الإعلام، ولم يبلغه اولمرت بذلك مباشرة أو بشكل شخصي، مما أثار غضبه وها هو الان يثير سخط اولمرت ويرد له الإهانة بطريقة قانونية محكمة.


ويبدو أن إسرائيل ستضطر لدفع فواتير أخرى نتيجة الحرب مع لبنان لا تتوقف عند الوضع الداخلي، وهذه المرة استحقاقات سياسية، ووفقا لصحيفة معاريف فان إسرائيل تدرس بشكل جدي إمكانية الموافقة على أمور جزئية في مبادرة السلام العربية التي حسب الصحيفة تتصدر الترويج لها مصر، رغم أنه من المعروف ان السعودية هي من طرحتها في مؤتمر القمة العربية في بيروت المنعقد في نيسان (أبريل) 2002.


وقالت الصحيفة انه خلال شهر ستبلور إسرائيل موقفا ترفعه لمنظمة الأمم المتحدة، بهذا الشان، وهو ما يعد تطورا في هذا الشان، ولكن لا يعرف إلى أي حد مصداقية هذا الخبر.
وإذا كانت إسرائيل، حسب معاريف، ستمد يدها أخيرا وعلى طريقتها للدول العربية، فإنها من جانب آخر يتعلق بمصر أيضا، سيكون موقفها مختلفا، فحسب معاريف، فان الإسرائيليين توسعوا في زراعة نبات شبيه بمخدر المارخوانا في منازلهم، وقالت بان زراعة هذه النبتة تشهد ازدهارا في منازل الإسرائيليين، وهي أقوى في تركيزها 30 مرة من المارخوانا المصرية التي يتم تهريبها إلى إسرائيل، ولذا يتوقع أن يستغني الإسرائيليون عن المخدر المصري بعد أن ابتكروا مخدرا خاصا بهم يتناسب مع أزمات ما بعد حرب لبنان.