قبول الهاجري من الرياض: أكد عدد من الخبراء والمراقبون للشأن الاقتصادي في السعودية أن فوائض الميزانيةquot;وقتيةquot;ومعرضة للتراجع،بسبب اعتماد الميزانية السعودية على إيرادات الإنتاج النفطي،وبسبب سياسات الإدارة الغير متواكبة مع مكانة البلد في المنظومة الاقتصادية العالمية،واعتبار النفطquot;عنصراً ناضباquot;مما يعني أن هناك مخاوفاً بشأن الرخاء الاقتصادي والتنمية المستدامة التي يطالب بها المختصون.
ولفت المراقبون إلى أن مواقف الجهات الحكومية المخولة بإدارة فوائض الميزانية غير شفافة وواضحة للعيان،كما أن الأرقام تحاط بسرية تامة.وأضاف المراقبون أن مصروفات الميزانية هي الأخرى بدورهاquot;غير منطقيةquot;نظراً لإنفاقها في مشاريع غير منتجة على المدى البعيد.ولما تعيشه السعودية منquot;رخاء ماليquot;بسبب الفوائض المتواصلة منذ خمس سنوات،لارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية،قفز محورquot;إدارة الفوائض المالية وأساليب تطويرهاquot;كأبرز محاور منتدى الرياض الاقتصادي والذي تبدأ فعالياته مساء اليوم ولمدة ثلاثة أيام،مناقشاً العديد من القضاياquot;الفعالةquot;في البيئة الاقتصادية.
وفي هذا السياق،قال أحمد الراجحي،مقدم دراسة فوائض الميزانية وأحد الأعضاء المشرفين على دراسات المنتدى، في حيدث خاص لـquot;إيلافquot;أن فكرة الدراسة انبثقت من طبيعةquot;دخل quot;السعودية والمرتبط بالنفط،والذي يتأثر بدوره بأسعار برميل النفط في الأسواق العالمية. وأضاف أن هناك فترات يكون فيها الدخل متدني وبالتالي تواجه البلد مشاكل في الصرف على المشاريع الحكومية. وقد مرت السعودية ومنذ اكتشاف النفط فيها في 1938 مرت بطفرتين مالية بسبب ارتفاع أسعار النفط عالمياً.
وأوضح الراجحي أن الفترة ما بين 1976-1982 وصلت فيها فوائض الميزانية إلى 320 مليار ريال سعودي،لكنهاquot;مع الأسفquot; صرفت دون استثمارها ،مما أدى إلى عجز في سنوات لاحقة. لكن من ناحية أخرى فإن الفترة الحالية التي نمر بها وصلت فيها فوائض الميزانية إلى 650 مليار ريال خلال الفترة من 2003-2006 والتي يمكن وصفها بـquot;الاستثنائيةquot; و قد لا تتكرر لاحقاً.واستدل الراجحي على quot;استثنائيةquot; الفوائض المالية خلال هذه الفترة بنمو أموال الحكومة السعودية في الخارج والتي تدار من قبل مؤسسة النقد العربي السعوديquot;ساماquot; من 145 مليار ريال سعودي في 2003 إلى 826 مليار ريال سعودي في عام مطلع 2007 أي بزيادة بنحو ستة أضعاف.
وشدد عضو فريق الدراسة على أنه من الضروري استثمار فوائض الميزانية بشكلquot;احترافيquot; لتقليص ارتباط الميزانية السعودية بعائدات النفط.على إثر ذلك طالبت الدراسة الخاصة بــquot;إدارة فوائض الميزانية وأساليب تطويرهاquot; بتحويل صندوق الاستثمارات العامة إلى شركة مساهمة مملوكة بالكامل للحكومة السعودية تقوم باستثمار فوائض الميزانية.
وأضاف أن إقامة مثل هذه الشركة لا يقف عند حدود الاستثمار المالي بل يتعداه إلى نقل التقنيات الصناعية الحديثة في الخارج إلى السعودية،وذلك عبر شراء شركات قائمة في العالم والاستفادة من خبراتها على المستوى المحلي.
وعلى صعيد متصل قال الراجحي أن الدراسة عرض على الدولة الاستغناء على عدد من الأجهزة الحكومية والهيئات التي تشكل عبء على الدولة وذلك عبر خصخصتها وطرحها للقطاع الخاص،كما حدث بالنسبة لقطاع الاتصالات ومشروع خصخصة الخطوط السعودية.
و في الإطار عينه، قال الدكتور محمد القحطاني،الخبير الاقتصادي، أن هناك إشكالية كبيرة تتجلى فيquot;ديمومةquot; الفوائض المالية وهذا خطأ كبير يتطلب الحذر الشديد لتلافي عجز يطال الميزانية لاحقاً. و أضاف أن أغلب الإنفاق الحكومي هو على أصول quot;غير إنتاجيةquot; في حين أن الاستغلال الأمثل للميزانية يجب أن يكون في الاستثمار في العنصر البشري. واستطرد موضحاً أن التعليم وقضايا التدريب وقضايا التقنية يجب أن تكون محور الاهتمام في الوقت الحالي،وذلك للتعويض من ما فقد من مواد ناضبة.
وتساءل القحطاني ما إذا كان إنتاج قرابة 12 مليون برميل نفط يومياً هو من quot;مصلحتنا الوطنيةquot; ،وتابع قائلاquot;إذا كنا نبحث عن تنمية مستدامة،فيجب أن ننظر لمستقبل الأجيال القادمة،لأن الإنتاج على المستوى الحالي من الممكن أن يعجل بنضوب النفطquot;.كما أشار إلى عدد من المقالات والدراسات الأجنبية في مجال صناعة النفط في بلدان الخليجية وبالأخص السعودية،والتي كان من المفترض،بحسب رأيه، أن ترد عليها وزارة البترول والثروة المعدنية والتي أشارت إلى إمكانية نضوب النفط في وقت قريب.
وعاد القحطاني للغة التساءل مرة أخرى مستوضحاً عن نتائج خطة التنمية الأولى في عام 1970 والتي ركزت على أهمية تنويع مصادر الدخل.
وبحسب الموقع الخاص بالمنتدى فقد انتهجت الدراسة الخاصة بمحورquot;إدارة الفوائض المالية وأساليب تطويرهاquot; كلاً من المنهج التاريخي المقارن، والمنهج الوصفي ، وكذلك المنهج الاستقرائي في البحث المكتبي، وأسلوب الاستبيان لمرئيات الخبراء في الدراسة الميدانية .فقد أعد فريق الدراسة استبانه وزعت على عدد من رجال الأعمال ومسئولي بعض الجهات العامة ذات العلاقة وعلى المفكرين والاقتصاديين وأساتذة الجامعات ، هدفت إلى استشراف مواقفهم من بعض الاقتراحات التي توصل لها الفريق, كما قام الفريق بإجراء مقابلات شخصية مع عدد كبير من رجال الأعمال ومن أساتذة الجامعات والمختصين والمسؤولين في الشأن الاقتصادي العام، ممن يتوخى فيهم القدرة على إثراء البحث وتزويد الفريق بآراء وتوجهات وملاحظات كان لها فضل كبير في تطوير الدراسة واثرائها, وقد ناهز عدد هؤلاء 70 شخصية .
كما تم استعراض نتائج كل مرحلة من مراحل الدراسة من خلال حلقات نقاش قامت أمانة منتدى الرياض الاقتصادي بتنظيمها ضمت مجموعة كبيرة من المتخصصين في الشأن الاقتصادي العام من مسؤولين حكوميين وأساتذة جامعات ورجال أعمال وسيدات أعمال.
و تم استعراض عدد من تجارب وخبرات عدد من الدول الأخرى ، ولاسيما تلك التي تتماثل مع المملكة في هيكل اقتصادها أو في توفر الفوائض المالية لديها ، و كيفية تعاملها مع ما ينشأ لديها من فوائض مالية عامة وهذه الدول هي النرويج، الكويت، أبوظبي، ماليزيا والصين الشعبية، وقام عدد من أعضاء هذا الفريق الذي أعد هذه الدراسة بزيارة إلى سنغافورة اطلع فيها ميدانياً على تجربة هذه الدولة محط اهتمام جهات عالمية عديدة والتقى مطولاً بمسئولي الشركات الحكومية المكلفة بإدارة الفوائض المالية فيها ، وتمت الاستفادة من العديد من الجوانب الإيجابية التي تحققت في هذه التجارب عند محاولة اقتراح سبل لتطوير أساليب إدارة وتوظيف الفوائض المالية في المملكة .
التعليقات