إحدى النقاط السلبية التي أضيفت لمشاكل السوق المالي
علاوة الإصدار ومسؤولية المكاتب الاستشارية الغائبة
محمد العنقري: يتم هذه الأيام الاكتتاب على شركة الأنابيب الفخارية وبأسلوب جديد في طريقة التعامل مع علاوة الإصدار، بحيث تطرح بعد التقييم بمزايدة بين الصناديق ليتم إقرار سعر الطرح بعلاوة الإصدار. ولكن نجد أن الشركة رفعت رأس مالها قبل الطرح بتاريخ 4/10 / 2006 من 40 مليون الى 150 مليون . وبذلك يكون ما ضخه المؤسسون 90 مليون ريال بينما سيتم طرح 4.5 مليون سهم بمبلغ يصل الى 202.5 مليون ريال ، بما يعني أن رأس مال الشركة ومعه زيادة 52.5 م ستعود للمؤسسين ويبقى معهم 70 % من أسهم الشركة.
ومن هذا المنطلق تطرح التساؤلات حول مثل هذه الطروحات ،وكيف تتم زيادة رؤوس أموالها قبل الطرح بفترة قصيرة. مما يلقي بظلاله حول وضع هذه الشركات والجدوى الحقيقية من طرحها ،وقد سبقها بذلك البحر الأحمر التي رفعت رأس مالها منذ 2005 من 300 ألف ريال إلى 300 مليون عبر مرحلة أولى إلى 3 ملايين ريال ثم إلى 300 مليون ريال ليجني الاكتتاب أكثر من 400 ريال وتبقى حصص المؤسسين الباقية عند 70 % أيضا ،وهناك أمثلة أخرى في السوق السعودي .
ومن هنا نستطيع القول أن أدراج شركات بعلاوة إصدار إحدى النقاط السلبية التي أضيفت لمشاكل السوق المالي في العام الفائت 2006 ،فلو نظرنا لهذه الشركات لوجدنا إشكاليات هذه الشركات تمحورت بالمجمل في هذه النقاط:
أ- صغر رأس مالها بحيث توسع بقعة شركات المضاربة بالسوق حيث أن اغلبها يقل رأس ماله عن 400مليون ريال ويطرح منها فقط 30% مما يسهل من السيطرة عليها ودخولها في مضاربات كبيرة وحادة .
ب - عدم إضافتها لنشاطات اقتصادية مهمة وذات جدوى على المدى البعيد فبعضها شركات تعتمد على الاستيراد من الخارج لمنتجات لا تصنع محليا كتجارة الكماليات والبعض مصانعه موجود خارج السعودية أي لا يستفاد منها بتشغيل الشباب العاطلين عن العمل ،وتعتمد على الفوز بمناقصات محلية وإحضار، المواد التي تصنعها من مصانعها الخارجية وتقوم محليا باعمال خفيفة لا تضيف شيئا يذكر للإنتاج المحلي والتوسع به. وإن كان الاستثمار الخارجي أمر مطلوب والانتشار أمر جيد ولكن يجب أن تكون النسبة الكبرى للإنتاج محلية وهناك شركات خدمات لها منافسين كثر ولن تستطيع أن تحقق نموا كبيرا يشفع لطرحها بهذه الأسعار .
ج - حصول المؤسسيين على علاوة الإصدار وكأنها أرباح نتيجة تأسيسهم للشركة قبل فترة زمنية مع إبقاء 70 % من أسهم الشركة مع المؤسسين وهذا يضع ألف علامة استفهام أمام جدوى وأهداف طرح هذه الشركات .
د - الاعتماد على المكاتب الاستشارية بتحديد علاوة الإصدار دون ان يتحمل المكتب إي مسؤولية قانونية ،في حال أن السوق عند طرح الشركة للتداول أعطاها تقييمها الحقيقي ونعني انخفاض السعر بشكل كبير .
ومن كل ما رأيناه من سلبيات الطرح لهذه الشركات وتقييماتها المبالغ فيها فأنني اقترح على الهيئة النظر بهذه النقاط لعلها تعالج الكثير من سلبيات ما حدث :
1-أن لا يقل طرح ما نسبته 60% من أسهم الشركة للاكتتاب العام حتى تكون القسمة عادلة والكمية المطروحة تخفف من حدة عامل المضاربة الذي يحصل على هذه الشركات ويكون للمكتتبين راي بسياسة الشركة .
2-أن لا تكون المدة بين أخر زيادة رأس مال للشركة التي تنوي التحول لشركة مساهمة عامة وبين موعد طرحها للاكتتاب بأقل من سنتين حتى تتضح جدوى زيادة رأس المال هل ذهبت لزيادة الإنتاج أو نشاطات تحقق أرباح تشغيلية حتى لا تكون هذه الزيادة لرفع رأس مال الشركة من أجل طرح كمية اكبر من الأسهم للاكتتاب .
3- تقييم جدوى الطرح اقتصاديا وماذا ستضيف للسوق وذلك من خلال نسب السعودة المحققة لدى الشركة ومدى فاعليتها بالاقتصاد وبمجال نشاطها كما يجب على الشركات أن تقدم رؤية مستقبلية لنشاطها وما تتوقعه من تقدم بأدائها خلال 5 سنوات قادمة .
4- أن يتم تحميل الاستشاري الذي يحدد علاوة الإصدار المسؤولية عن المبالغة بالتقييم وانه سيكون عرضة للدعاوي والتغريم إذا كان التقييم عالي وقام المكتتبون بالشكوى للجنة فصل المنازعات بمقام هيئة سوق المال إن هذا الأمر لو اقر فهو سيجعل المكاتب تحمي نفسها بوضع علاوة اقل من القيمة الحقيقية للشركة حماية لنفسها من التقاضي أمام المساهمين الجدد.
5-تقييد علاوات الإصدار الناتجة عن الفرق بين القيمة الاسمية وسعر الإصدار للسهم في حساب خاص يطلق عليه اسم حساب (احتياطي علاوة الإصدار) حتى يتم الاستفادة منه لتوسعات الشركة المستقبلية.
6- لا يجوز توزيع هذه العلاوة على المساهمين المؤسسين كأرباح وتسري عليها الأحكام الخاصة بالاحتياطي القانوني.
يبقى أن نقول انه من المهم طرح الشركات أيا كان حجمها في سوق المال ولكن يبقى عامل الجدوى من الطرح هو الأهم فلا يجب أن يكون الكم على حساب الكيف.
خبير اقتصادي
التعليقات