م. أمين من برلين: تنعقد غدًا القمة الأميركية الصينية للبحث عن حلول للمشاكل الاقتصادية بين البلدين، حيث تشكو الولايات المتحدة من إغراق السوق العالمية والأميركية بالبضائع الصينية الرخيصة بحيث تؤثر على التبادل التجاري غير المكافئ والعادل بين الدول ، كما تقلص فرص العمل في الولايات المتحدة نفسها. ومع أن الحكومة الصينية رفعت بعض الشيء سعر صرف العملة الصينية (اليان) مقابل الدولار عشية انعقاد القمة إلا أن المحللين الاقتصاديين يعتبرون ذلك مجرد جراحة تجميلية لا تحل عقدة الأزمة بين الطرفين.

وللإحاطة بجانب من الأزمة نشرت ألمانيا الاتحادية تقريراً عن واردات ألمانيا من الشركات الصينية ، و قالت إن الصين تمكنت في العام الماضي من تجاوز الولايات المتحدة في التصدير إلى ألمانيا وأجبرتها أن تنحدر في صادراتها لتأتي خلف صادرات الصين. ويكتب المعلق الاقتصادي الألماني شتيفان كاوفمان بهذا الصدد عن السوق الألمانية ومزاج المواطنين وعن الميزان التجاري فيقول : quot;يُعتبر الألمان فيما يخص التبضع من الشعوب المقترة. اي انهم أكثر وعياً بالأسعارquot; ويعلق على تهافة الألمان لشار البضائع الصينية الرخيصة التي أخذت تغرق السوق في السنوات الأخيرة بأن الأمر هو بمثابة وصلة اقتصادية تشير إلى حقيقة تغلغل الاقتصاد الصيني إلى معظم البلدان quot; وينعكس هذا الأمر على نحو ما في الميزان التجاري الألماني فيما يخص الوارداتquot;.

و في العام الماضي ( 2006) ، بسب أسعار البضائع الصينية الرخيصة، دفعت الصين الولايات المتحدة الأميركية إلى المرتبة الرابعة بعد أن كانت تحتل الثالثة وفق الأحصائيات الألمانية بخصوص وارداتها من الخارج. وفي العام 1950 عندما أعلنت الإحصائية لأول مرة كانت الولايات المتحدة الأميركية تأتي في المرتبة الأولى على رأس القائمة دون منازع فيما كانت الصين تحتل المرتبة 38 فقط.

وفي العام 2006 صدرت الشركات الصينية بضائع للسوق الألمانية بمقدار 48,8 مليار يورو. ولم تكن البضائع محصورة بالقمصان والبيرة ومنتجات النسيج فقط، بل تجاوزتها إلى تصدير التلفيزيونات والثلاجات والأدوات المنزلية المختلفة. و قد قفزت الصادرات الصينية في مجال الألكترونيات المستخدمة في البيوت لتشكل زيادة 40 بالمئة و20 بالمئة في مجال الحاسوب. وثمة شركات عديدة لا تحمل أسماء صينية تتاجر بنجاح وتغرق السوق الألمانية مثل شركة لينوفا التي تصدر الحاسوب وشركة كونكا المصدرة للأدوات الأحتياطية وشركة هاير وغالانس المصدرة للحاجيات المنزلية وشركة تي سي إل الخاصة بالتلفونات المحمولة.

وتثير سياسة الصين بإغراق أسواق العالم ببضائعها الرخيصة بعض القلق والغضب خاصة في الولايات المتحدة الأميركية التي تعتبر الصين ثاني أكبر مصدر لها. والواقع أن الصين الشعبية تورد أكثر مما تستورد. وقد حصلت على 178 مليار دولار في العام 2006 عبر تجارتها مع الدول الأخرى. ويعتبر هذا المبلغ بالمقارنة مع العام 2005 زيادة 74 بالمئة. وتملك الصين في الوقت الحاضر حوالي 1200 مليار دولار كاحتياطي في ميزانيتها القومية.

وتشتكي الولايات المتحدة الأميركية وتنتقد بصوت عال استخدام الصين لوسائل غير مشروعة وعادلة في المباراة الاقتصادية بحيث تدمر فرص أماكن العمل للأميركيين. ويأتي النقد بالدرجة الأولى ضد موقف الحكومة الصينية من تحديدها سعر صرف عملتها بأقل من قيمتها والتمسك بذلك مما يجعل البضائع الصينية في السوق العالمية رخيصة الثمن بالقياس مع البضائع المنتجة في غيرها من البلدان. ومن المنتظر أن تكون أحدى أهم النقاط التي ستركز عليها القمة الأمريكية الصينية التي تبدأ غدا الثلثاء هو رفع سعر صرف اليوان الصيني في مقابل الدولار. ويبدو أن الحكومة الصينية سبقت محادثات القمة قبل أيام لتعديل سعر صرف اليوان نحو الأعلى بعض الشيء. ولكن هل الأمر هو مجرد إعلان حسن نية لتذليل بعض العقبات أمام نجاح المفاوضات؟ المحللون الاقتصاديون لا يستبشرون بانفراج الأزمة بهذه السهولة.