وضعوا حلولهم في اتباع سياسات مالية حصيفة
تباين الآراء حول التأثير المباشر لأزمة المال على الاقتصاد السعودي
خالد الزومان من الرياض:تباين خبراء اقتصاديون أي تأثير مباشر لأزمة الرهن العقاري الأميركية التي تحولت إلى أزمة مالية عالمية على الاقتصاد السعودي إلا أنهم ربطوا الحلول الناجعة في مواجهة أي تأثير في توسيع قاعدة الدخل الوطني وتنويع قاعدة الصناعات والخدمات ودعمها، فضلاً عن اتباع سياسات مالية حصيفة خلال الفترة المقبلة.
وأكد أستاذ الاقتصاد في معهد الإدارة عبدالله الربيعان لــquot;إيــلافquot; أن التأثير المباشر يقع على المستثمرين الأفراد والشركات في الخارج ولا تأثير مباشر على الاقتصاد السعودي ولكن الآثار تتمثل في الآثار غير المباشرة التي يأتي في مقدمتها الطلب العالمي للنفط الذي سيتناقص بموجب تراجع الطلب العالمي من الأسواق التي ستكتوي بالكساد العالمي ومن ثم ستعيد ترتيب خيارتها الاستهلاكية، ونحن في المملكة لدينا فوائض جيدة من إيرادات النفط التي سجلت مستويات كبيرة لكنها لا تكاد تغطي الأهداف الانفاقية أكثر من خمس سنوات لذا يجب اتباع سياسات مالية حصيفة لتجاوز سلبيات الفترة المقبلة.
من جانبه يقول مستشار أوراق المال الدكتور خالد المانع لــquot;إيــلافquot; إنه: quot;حتى الآن لا يبدو أن هناك آثارا سلبية بشكل يقلق وربما يمكننا القول إن انخفاض بعض أسعار السلع الأساسية مثل الحديد وخلافة كانت نتائج ايجابية ولكن الانعكاسات السلبية المتوقعة تكمن في تقدير حجم الطلب على النفط التي إذا انخفضت نتيجة للتوقعات بانخفاض معدلات النمو الاقتصاد العالمي جراء الأزمة سيؤدي حتما إلى انخفاض في الأسعار وهذا سيؤثر بطبيعة الحالفي الدخل القومي الإجمالي، ومن جهة أخرى قد تتأثر قدرة البنوك الاقراضية لتمويل الصفقات الكبيرة على اعتبار أنها تستفيد حاليا من المصارف العالمية في الاقتراض وإعادة إقراض المنشآت المحلية ولاشك بان أي تعثر لهذه البنوك العالمية سوف يؤثرفي قدرة البنوك الاقراضية في الداخل بشكل أو بآخر خصوصا في ما يتعلق بالصفقات الكبيرة قياسا بالاقتصاد السعوديquot; .
ووضع المانع الحلول في الاستفادة من الوفورات المالية الضخمة التي تحققت من بيع النفط في الفترة السابقة و التي تتجاوز حاليا قرابة 1.6 تريليون ريال كـأصول في مؤسسة النقد في تنمية تلك القطاعات التي لا تعتمد على النفط مثل التعدين والبتروكيماويات والصناعات التحويلية فيها وغيرها من الصناعات مثل السياحة وذلك بهدف جعلها مصدر دخل متنوع لا يتأثر بالتغيرات الدولية إلا بقدر المنافسة فيها ويجب التركيز على تمويل السلع التي تصدر من المملكة إلى العالم الخارجي بشكل اكبر واقل روتينية من الوضع الراهن ففي ظني أن دعم صندوق الصادرات ليس ماديا فقط بل أيضا إجرائياً وإداريا .
وفي الوقت نفسه فإن التصورات بالنسبة إلى النفط كسلعة أساسية تعتمد عليها المملكة وبقية دول الخليج فلم يتوقع لها أن تنخفض إلى أسعار غير مجدية اقتصاديا قياسا بحجم اقتصادياتها ولكن وجود خلل هيكلي اقتصادي يقود إلى مثله في الحقلين الاجتماعي والديمقراطي ولذلك فان التسريع في عمل التكامل الخليجي والعملة الموحدة يساهم الدول الخليجية في إيجاد أسواق سلسلة تساعد صناعاتها الجديدةفي الوقوف على أقدامها قبل التفكير في اختراق الأسواق الأخرى ولعل صناعة الحديد خير مثال .
ويعتقد الدكتور المانع أن السعودية على وجه التحديد وبقية دول المنطقة باتت في أمسّ الحاجة لخلق الإنسان المؤهل علميا للمنافسة في سوق العمل سواء الداخلية أم الخارجية لان التحديات القادمة خصوصا في حال حدوث أزمة كساد عالمية سوف تجعل العمالة المدربة في الدول الغربية التي من الممكن أن تسرح نتيجة لتعثر شركاتها، quot;وستكون أكثر جذبا من عنصر العمل الداخليquot; وهذا في حد ذاته تحد مختلف وجوهري لأنه يعنى بالمواطن وكفاءته ومن ثم انعكاسه على مستوى رفاهيته مباشرة.
من جانبه يرى الكاتب الاقتصادي و المصرفي فضل البوعينين في حديثه لــquot;إيــلافquot; أن الآثار ستنعكس على كبح عجلة النمو المحلي المعتمد على إيرادات النفط التي ستتأثر سلباً بالركود العالمي وهناك تأثير مباشر على استثمارات المصارف الخارجية وبعض الاستثمارات الحكومية ، بالإضافة إلى أن فرضية المساهمة في خطة إنقاذ عالمية تحمل الاقتصاد نفقات ضخمة لن تجد المعارضة معها، وربما تقود الأزمة إلى تعثر القروض الدولية التي قدمتها المملكة لبعض الدول المتأثرة بالأزمة، وستفرض الأزمة على الاقتصاد السعودي تحمل تبعات دعم بعض الاقتصاديات العربية والإسلامية المتضررة وبالتالي تقديم أموال ضخمة ويمكن أن تحدد تبعات الأزمة حجم الاقتصاد السعودي العام المقبل والأعوام الخمسة المقبلة.
وتابع البوعينين quot;ساعدت الأزمة الحالية على فقدان الثقة بالاقتصاد الأميركي وقدرته على قيادة العالم وبالتأكيد ستؤثر هذه الأزمةفي السياسة النقدية السعودية المرتبطة بالسياسة النقدية الأميركية والصادرات البتروكيماوية سيتأثر وتتبعه سوق الأسهم. ويجد البوعينين أن الحلول المحدودة بعد الأزمة تكمن في ترشيد الإنفاق الحكومي والمحافظة على الاحتياطيات لمعالجة أي مشاكل مالية قد تحدث بسبب الركود العالمي مستقبلا وضمان جودة مشروعات التنمية والتعجيل في المشروعات الإنتاجية وترشيد المساعدات الخارجية وإصلاح سوق المال وجعلها مقرا لزيادة الثروات من خلال الشركات المنتجة الداعمة للاقتصاد الوطني والدخول في شراكات صناعية عالمية مع الصين وأوروبا لدعم الاقتصاد وتوسيع الموارد ومراجعة السياسات المالية والنقدية الراهنة وتعديلها بما يتوافق مع متطلبات المرحلة ورسم خطط شاملة لحماية الاقتصاد من تبعات الأزمة الحالية تعتمد على الأدوات المتاحة وتسترشد بخطط التنمية العالمية وخفض الواردات ووضع ضريبة مضافة على المواد الاستهلاكية غير الضرورية ورفع الضريبة على المواد الضارة بصحة الإنسان والبيئة وتوجيه حصيلة الضرائب المحققة إلى مشروعات التنمية مستقبلا إذا ما تضررت بسبب الركود.
و شهد اقتصاد السعودية تضاعفا سنويا تقريباً منذ العام 2002، مع توقعات بأن يصل الناتج المحلي الاسمي الإجمالي إلى 500 مليون دولار هذا العام. وتتمتع المملكة بكمية كبيرة من السيولة في الوقت الذي تعاني فيه معظم الدول من أزمة الائتمان. و ورافق الأداء الاقتصادي القوي، المقرون بعوائد النفط الكبيرة وتعزيز الموارد المالية الحكومية والتزام الحكومة بتنويع الاقتصاد، الإعلان عن مشاريع بنية تحتية تقدر قيمتها بأكثر من 350 مليار دولار.
وخالف رئيس القسم الاقتصادي في صحيفة اليوم محمد السهلي الآراء السابقة وأكد أن التأثير سيكون مباشراً على السعودية، إذ خسرت عدد من البنوك التي تمثل ثقلا في الاقتصاد السعودي مبالغ مستثمرة ضخمة في الأسواق الأميركية ، وسيؤثر التراجع في الطلب على النفط وهي السلعة الاساسية على الموازنة المقبلة للمملكة، مشدداً على أن الحلول تكمن في عدد من الخطوات الاصلاحية لهيكلة الاقتصاد الداخلي واتباع سياسات مالية حصيفة لتدارك الخسائر المرتقبة والتي ستؤثر على العالم ككل.
التعليقات