أشرف أبوجلالة من القاهرة: مع استمرار موجة التراجع العالمي وزيادة حدتها سوءا في كثير من دول العالم، كان من الطبيعي أن تشهد بعض الأسواق تراجعا متزامناً في معدلاتها الوظيفية وهو ما شاهدناه بالفعل خلال الفترة الأخيرة متمثلا ً في استغناء كبريات المؤسسات المصرفية والشركات التجارية حول العالم عن نسبة كبرى من عمالتها سواء المحلية أو الإقليمية. ولأن منطقتنا العربية وبخاصة منطقة الخليج باتت جزءا لا يمكن له أن يتجزأ من نسيج الاقتصاد العالمي، كانت لابد وأن تطالها هي الأخرى تلك الموجة ، التي بدأت أولا ً بإعلان مصرفي مورغان ستانلي وغولدمان ساكس الأميركيين عن تخفيضهما لـ 10 % من نسبة عمالتهما الإقليمية في ظل أزمة أجور متوقعة العام المقبل مع هبوط أسعار النفط.


ثم تلاه إعلان كبريات الشركات العاملة في مجال التطوير العقاري عن أنها تعتزم التخلص من 15 % من العاملين لديها. وهو ما انتهجته أيضا شركة نخيل الحكومية الإماراتية هذا الأسبوع، بإعلانها عن أن لديها فائضا في نسبة العمالة يصل لـ 500 فرد. وهنا علقت صحيفة quot;فاينانشيال تايمزquot; البريطانية في تقرير حديث لها بالقول إن دبي ومنطقة الخليج لم يعودا يمثلان ملاذا للاستقرار الاقتصادي وسط عاصفة الأزمة المالية العالمية الحالية. وقالت انه في الوقت الذي تتزايد فيه معدلات فقدان الوظائف في الدول ذات الاقتصاديات النامية، تزايدت أعداد المتقدمين لطلب الوظائف الإقليمية.


وأشارت الصحيفة إلى أن شركة هايس إكزكيوتيف، أكبر شركة للتوظيف في بريطانيا، كانت تتلقي عند بدء عملها في منطقة الخليج قبل ثلاث سنوات وتحديدا ً في نوفمبر عام 2005 نحو 500 طلب وظيفة كل أسبوع من خارج منطقة الخليج، وقد ارتفعت تلك النسبة الآن إلى 3000 طلب أسبوعيا ً مع استمرار حدة الأزمة الراهنة سوءا. ونقلت الصحيفة عن دافيد جونسون ، المدير الإقليمي لشركة التوظيف quot;وايتهيد مانquot;، الذراع التنفيذية لمؤسسة quot;هيدهانترزquot; قوله :quot; تأتينا الكثير من السير الذاتية التي لا تجذب الاهتمام من أشخاص لا يمتلكون خبرات من المنطقة العربية quot;.


واكدت الصحيفة في الوقت ذاته أن شركات التوظيف التي تخشى تحمل التكاليف الباهظة الخاصة بالسفر والإقامة، لم يعد أمامها خيارا الآن سوى الاستعانة بموظفين موجودين بالفعل في منطقة الشرق الأوسط، والتخلي عن فكرة استقدام كوادر وظيفية من خارج المنطقة. وأضاف جونسون :quot; نظرا إلى تحول السوق بشكل سريع إلى سوق للمشترين، ازدادت الأمور صعوبة بالنسبة إلى عملاء الشركات من هذه التجربة ، لذا بات على الأرجح اختيار الموظف ليكون من المنطقة أمرا مفضلا ً quot;.


وقالت شركة هايس ، التي شهدت نموا من أربعة استشاريين إلى 80 على مدار الثلاث سنوات الماضية، إن ثلاثة أرباع الوظائف الشاغرة التي تحاول ملئها من العملاء، قد تم تعليقهم. وقال جاسون أرميز، المدير العام لشركة هايس في دبي إن التكرار وتجميد عملية التوظيف من الممكن أن يمتزجا ويشكلا سببا ً مباشرا ً في مغادرة كثير من المغتربين إمارة دبي. وأضاف :quot; قد يفقد نحو خمسة آلاف محترف وظائفهم في دبي على مدار الثلاثة أشهر المقبلة. كما أن صناعتي الإعلان والإعلام اللذين شهدا تطورا ً على خلفية الانتعاشة التي شهدتها السوق العقارية، ربما يواجهان خفضا ً كبيراً في العاملين فيهما بسبب خفض الشركات لميزانيات التسويق الخاصة بهاquot;.


وأضافت الصحيفة أنه في الوقت الذي بدأت تفقد فيه دبي رونقها وبريقها، بدأت مدن أخرى أقل وهجا تبدو أكثر جذبا ً، وجاءت مدينتا الدوحة وأبو ظبي أكثر المستفادين. وأشارت الصحيفة إلى العاصمتين القطرية والإماراتية من بين أكثر مدن العالم ثراءً، بفضل احتياطاتهم النفطية واستثماراتهم الخارجية. كما أنها تقومان بتنويع اقتصادياتهما، مع التأكيد على الصناعة والثقافة والتعليم. وفي هذا السياق اعترف أرميز قائلا ً :quot; لقد باعت دبي نفسها من خلال احدى وجهات النظر، لكنها تدفع الثمن باهظا ً الآن هنا نظرا ً إلى وجود شعور بأن أفضل الاستثمارات المالية قد تم تنفيذها بالفعل في دبي. ويبحث الآن العاملون في قطاع العقارات عن دور لهم في السعودية والكويت اللتين لم يكن يتقدم لهما أحد منذ عام تقريبا ً quot;.