كامل الشيرازي من الجزائر: صرح مسؤول حكومي جزائري، الثلاثاء، أنّ بلاده تستورد سنويا ما قيمته 3 مليارات دولار من قطع المناولة الموجهة خصيصا لصيانة وإصلاح آلات ومعدات الإنتاج الصناعي، والمقتناة من 8 ممونين رئيسين، وتحتل فرنسا المرتبـة الاولى بـ 422 مليون دولار متبـوعة بـايطاليا (189 مليونا) والصين (165 مليونا) وألمانيا (136 مليونا) واسبـانيا (122 مليونا) والولايات المتحدة الاميركية (115 مليونا) واليابان (89 مليونا) وتركيا بـ 85 مليون دولار.

وأرجع عموري براهيتي المسؤول في الوزارة الجزائرية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية، هذه الفاتورة الثقيلة إلى ضعف اهتمام المتعاملين الجزائريين بقطاع المناولة، واتجاههم إلى الاستثمار في قطاعات اقتصادية أخرى تعرف حاليا quot;اكتظاظا كبيرا مثل قطاع الصناعات الغذائيةquot;، وذلك رغم الأهمية البالغة لقطاع المناولة الصناعية الذي يعد بحسبه quot;موجّها للتنمية والاندماج الاقتصادي في الجزائرquot;.

وركّز المسؤول ذاته على حساسية تعريف المتعاملين الجزائريين بهذا القطاع المهم وتطويره بهدف التخفيف من العبء المالي الذي يفرضه استيراد هذه القطع والذي ينتظر أن يعرف خلال السنوات القليلة القادمة انخفاضا، خصوصا مع تميّز الظرف الاقتصادي الحالي للجزائر بعدة مؤشرات ايجابية ومشجعة على الاستثمار خصوصا بعد أن أعادت شركة تأمين القروض quot;كوفاسquot; مؤخرا تصنيف الجزائر في المرتبة quot;أ 4quot; في ترتيب صحة الاقتصاديات العالمية.

من جهته، لاحظ عبد الله غجاتي رئيس البورصة الجزائرية للمناولة والشراكة، أنّ المؤسسات الجزائرية باتت مجبرة في الوقت الحالي على تكييف كفاءاتها ونظمها، لمواكبة التطور الذي يعرفه العالم على جميع المستويات حتى تتمكن من دخول السوق المتوسطية، وتم إنشاء البورصة الجزائرية للمناولة والشراكة سنة 1991، وهي جمعية ذات غرض غير مربح و تتكون من مؤسسات عمومية وخاصة و تتمثل مهامها أساسا في إحصاء الطاقة الحقيقية الجزائرية للمناولة وإجراء العلاقات بين عرض و طلب المناولة والاشتراك على المستوى الوطني والدولي، أين تنشط ما يربو عن 300 مؤسسة من دول الضفة الجنوبية للمتوسط وهي المغرب وتونس وليبيا وتركيا والأردن وسوريا ومصر ولبنان.

ولم تحظ المناولة الصناعية في الجزائر باهتمام السلطات هناك غداة استقلال البلاد في يوليو/تموز 1962م، واستمر الحال على منواله إلى غاية أواخر ثمانينات القرن الماضي، نظرا لطبيعة النظام السياسي السائد آنذاك، و الذي لم يسمح ببروز مؤسسات صغيرة ومتوسطة غير تلك التابعة للقطاع العام، على الرغم من أهمية المناولة وعجز المؤسسات الحكومية آنذاك عن النهوض بمهمة تحقيق الانسجام في عملية تصنيع السلع التجهيزية والسلع التحويلية.

وشرعت الجزائر خلال العقد الأخير في إعادة هيكلة مؤسساتها، بشكل سمح بظهور العديد من الشركات المختصة بالمناولة الصناعية، وهو إحراز مهّد لتبنّي استراتيجية محلية لتنظيم وترقية المناولة، والتي تجسدت في إنشاء المجلس المحلي للمناولة، وكذلك إنشاء شبكة بورصات المناولة، كما أقرّت الحكومة الجزائرية سلسلة تدابير لتشجيع التحاق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالتيار العالمي للمناولة، وترقية عمليات الشراكة مع كبار أرباب العمل سواء كانوا محليين أو أجانب، بجانب تنسيق نشاطات بورصات المناولة و الشراكة الجزائرية في ما بينهما.

وعلى الرغم من كل هذه الآليات التي وضعتها الجزائر، إلا أنها مازالت غير كافية، في وقت يطالب مختصون بإعداد ميثاق خاص بالمناولة وكذا إعداد عقد نموذجي خاص بالمناولة يحدّد العلاقة بين الآمر بالأعمال والمناول من خلال بيان واجبات وحقوق كل طرف، لاسيما مع تموقع منظومة المناولة في الجزائر كنموذج استراتيجي بات يمكن المؤسسات الكبرى من الإسراع في وتيرة نموها وتحسين المردودية والإنتاجية وبالتالي إنشاء متزايد للثروة (القيمة المضافة ) وخلق مناصب شغل.