انتقدت منظمات حقوقية الولايات المتحدة لقرارها تزويد أوكرانيا بألغام أرضية، مع استمرار الحرب في أوروبا الشرقية.
وفي مقابلة مع بي بي سي قالت مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش، ماري ويرهام، إن القرار يمثل "تطورا صادما ومدمرا" لأولئك الذين يعملون على القضاء على الألغام الأرضية المضادة للأفراد.
إن موافقة واشنطن هي محاولة لإبطاء القوات الروسية، التي تتقدم بثبات في شرق أوكرانيا خلال الأشهر الأخيرة.
وقال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إنهم اتخذوا قرارهم بسبب الطريقة التي غيرت بها روسيا تكتيكاتها في ساحة المعركة - بإرسال الجنود أولاً بدلاً من "القوات الميكانيكية".
كما أدانت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية القرار الأمريكي "بأشد العبارات الممكنة".
وأضاف البيان الصادر عن مديرة الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، تامار غابيلنيك: "لقد تم حظر هذه الأسلحة المروعة والعشوائية، بموجب معاهدة حظر الألغام لعام 1997، نظرا للتأثير المدمر الذي تخلفه على حياة المدنيين وسبل عيشهم".
وأضافت أنه بموجب المعاهدة، "لا توجد ظروف يمكن لأوكرانيا في ظلها، كدولة طرف، أن تحصل على تلك الأسلحة أو تخزنها أو تستخدمها".
إن استخدام الألغام الأرضية ليس محظورا بموجب القانون الدولي. لكن أكثر من 160 دولة وقعت على معاهدة حظر الألغام، التي تلتزم بحظر إنتاج واستخدام وتخزين الألغام المضادة للأفراد. وأوكرانيا هي دولة موقعة على هذه المعاهدة.
ومع ذلك، بعد احتلال روسيا غير الشرعي لشبه جزيرة القرم في عام 2014، أبلغت أوكرانيا الدول الموقعة الأخرى أن تطبيقها للمعاهدة في المناطق المحتلة سيكون "محدودا وغير مضمون".
وقالت ويرهام، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش: "لقد تم تحقيق الكثير من التقدم على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، في إطار المعاهدة الدولية التي تحظر الألغام الأرضية. لذلك من غير المعقول أن تتخذ الولايات المتحدة هذه الخطوة".
الألغام الأرضية المضادة للأفراد هي متفجرات غالبا ما يجري إخفاؤها ومصممة للانفجار عندما يخطو الناس فوقها أو بالقرب منها.
لقد كانت واشنطن تقدم بالفعل ألغاما مضادة للدبابات لأوكرانيا، لكن الألغام الأرضية المضادة للأفراد - والتي يمكن نشرها بسرعة - مصممة لصد تقدم القوات البرية.
وقالت هيومن رايتس ووتش سابقا إن أوكرانيا استخدمت مرارا وتكرارا ألغاما مضادة للأفراد من صنع سوفييتي، كانت تُطلق بالصواريخ على مدينة "إزيوم" وما حولها في صيف عام 2022، عندما احتلتها روسيا.
وتستخدم القوات الروسية الألغام الأرضية على نطاق واسع في أوكرانيا، منذ أن شنت غزوها الشامل في فبراير/ شباط عام 2022، إذ نشرت روسيا ألغاما أرضية للدفاع عن مواقعها وإبطاء الأوكرانيين.
وأحد المخاوف الرئيسية للناشطين فيما يتعلق بالألغام الأرضية هو الخطر الذي تشكله هذه الأسلحة على المدنيين، حيث تقتل بشكل عشوائي لأنها مدفونة تحت الأرض أو متناثرة على السطح.
هناك قضية أخرى وهي عملية إزالة الألغام بمجرد انتهاء الصراع، وقد يستغرق تطهير الأراضي الملغمة فترة طويلة من الزمن. كما أن العملية مكلفة، حيث أفاد البنك الدولي العام الماضي أن إزالة الألغام في أوكرانيا ستتكلف نحو 37.4 مليار دولار.
وقال أوستن إن الولايات المتحدة سعت إلى الحصول على تأكيدات، حول كيفية استخدام الألغام.
وتتوقع واشنطن أن يتم استخدام الألغام - التي يقول المسؤولون إنها ستُسلم قريبا - على أراضي أوكرانيا، ولكن بعيدا عن المناطق المكتظة بالسكان.
وقال أوستن إن الألغام الأمريكية ستكون أكثر أمانا للاستخدام، من تلك التي تطورها أوكرانيا بنفسها، حيث أن الألغام الأمريكية هي ما تسمى "غير دائمة"، ما يعني أنها تفقد شحنتها بعد بضعة أيام ولا يمكنها الانفجار.
وردا على الأخبار الواردة من واشنطن يوم الأربعاء، قالت "هالو تراست"، أكبر مؤسسة خيرية لإزالة الألغام الأرضية في العالم: "إن احتمال انتشار المزيد من الألغام الأرضية المضادة للأفراد في أوروبا الشرقية يشكل خطرا واضحا وماثلا".
ووفقا لبيانها، قالت هالو تراست إن أوكرانيا أعيد تصنيفها هذا الشهر على أنها "ملوثة بشكل كبير" بالألغام الأرضية، وتشير بعض تقديرات المؤسسة الخيرية إلى وجودها في ما يصل إلى 40 في المئة من أراضي البلاد.
وتستمر منظمة هالو تراست في الإشارة، وفقا لتقديراتها، إلى زرع أكثر من مليوني لغم أرضي في أوكرانيا منذ بدء الحرب الشاملة في عام 2022.
ويعد توفير الألغام الأرضية المضادة للأفراد أحدث خطوة، من جانب الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها، لدعم جهود الحرب في أوكرانيا قبل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب في 20 يناير/كانون الثاني.
إنه تحول كبير في السياسة بالنسبة لجو بايدن نفسه، الذي وصف ترامب سابقا بأنه "متهور" لرفعه القيود الأمريكية طويلة الأمد على استخدام الألغام، عندما كان آخر مرة في البيت الأبيض.
وفي وقت سابق، دافع وزير الخارجية الأوكراني، ديميتري كوليبا، عن موقف الولايات المتحدة، قائلاً إنه يتوافق مع القانون الدولي، لكنه أضاف أن هناك "مبررات أخلاقية لموقف المدافعين عن حقوق الإنسان، وأنا أتفهمها تماما".
وقال: "لكننا نخوض حربا ضد عدو شرس، ويجب أن يكون لدينا الحق في استخدام كل ما نحتاجه في إطار القانون الدولي للدفاع عن أنفسنا".
التعليقات