فينتيان: بعد عقود من العزلة تتمتع لاوس التي يقودها الشيوعيون بازدهار اقتصادي مدعوم في جزء منه بارتفاع الطلب على سلعتها الوفيرة وهي الارض.
وتتوافد شركات الاعمال الزراعية من الصين الى اليابان وكوريا الجنوبية وحتى تايلاند على تلك الدولة التي لا تطل على شواطيء في جنوب شرق اسيا لزراعة كل شيء من المطاط وحتى الخضراوات العضوية والنباتات التي تستخدم في صنع الوقود الحيوي.
وقال المسؤول بالسفارة التايلاندية تشالايمبون بونجتشابوبنابا quot;لاوس ستصبح بستان اسيان في غضون عامينquot; مشيرا الى رابطة دول جنوب شرق اسيا العشرة التي تنتمي اليها لاوس.
ولاوس احدى أفقر دول اسيا حيث يعيش كثير من سكانها على أقل من دولار في اليوم. لكنها تفتح اقتصادها الصغير تدريجيا أمام الاستثمار الاجنبي منذ تبنى الشيوعيون اصلاحات السوق في منتصف الثمانينيات.
وفي تقديراته لعام 2008 توقع البنك الاسيوي للتنمية أن تحقق لاوس نموا بنحو ثمانية في المئة يقوده قطاعي التعدين والطاقة المائية غير أن quot;نمو الزراعة يبقى الاهم لزيادة الدخل والعمالةquot;.
بيد أن الاستثمار السريع في الزراعة حتى الان - حيث تمت الموافقة على 39 مشروعا بقيمة 458 مليون دولار في عام 2006 مقارنة مع ستة بلغت قيمتها 14 مليون دولار في عام 2002 بحسب وزارة التخطيط والاستثمار - لا يمضي بشكل سلس.
وقال مستشار أجنبي للحكومة المركزية التي فرضت في مايو ايار الماضي حظرا على منح امتيازات جديدة تجاهلته الاقاليم الى حد كبير ان نظام منح الامتيازات quot;يتسم بالفوضىquot;.
ويقول نشطاء ان النزاعات على الاراضي تتزايد حيث تتعدى المزارع على حقول قروية أو غابات قريبة مقتطعة أقوات أصحابها دون تعويضات أو مقابل تعويضات لا تذكر.
وقال مارتن ستيورات فوكس الاستاذ المتقاعد والخبير في لاوس عن سكانها البالغ عددهم 5.8 مليون نسمة quot;لدى لاوس احدى أصغر معدلات الكثافة السكانية بين دول جنوب شرق اسيا. هناك أراض متاحة ويمكن للحكومة أن تأخذها من الناس بسهولة وتوقع اتفاقات مع المزارع.quot;
ومع ارتفاع الاسعار وندرة الاراضي في بلادها تتجه شركات المزارع الى الخارج بحثا عن التربة الخصبة والطقس المواتي والسياسات المؤيدة للاستثمار.
ففي أفريقيا استأجرت شركة (أفينك) الكورية الجنوبية حوالي 250 ألف فدان لزراعة الصويا والذرة في جمهورية الكونجو الديمقراطية. كما تقوم شركة سايم داربي الماليزية بتطوير مزارع للمطاط والنخيل في ليبيريا التي تتمتع باستقرار نسبي.
وبدأت مزارع لانتاج المطاط وزيت النخيل والسكر تظهر في كمبوديا المجاورة الخارجة من عقود من الحرب الاهلية وquot;حقول القتلquot; المسؤول عنها الخمير الحمر.
وفي لاوس تم تسليم نحو 375 ألف فدان لمستثمرين من القطاع الخاص لمدة تتراوح بين 30 و50 عاما quot;مقابل أسعار ايجار منخفضة بشكل لا يصدقquot; بحسب جماعات (تيرا) المدافعة عن البيئة.
وفي الشمال حيث افتتح الشهر الماضي طريق سريع مؤدي الى الحدود الصينية تستثمر شركات صينية بكثافة في المطاط لتلبية الطلب من صناعة السيارات الصاعدة في بلادهم.
وتعتزم شركة يونان لصناعة المطاط الطبيعي زراعة نحو 170 ألف فدان في لاوس وتعتزم مضاعفتها بحلول العام 2010 الى نحو 333 ألف فدان ثم الى 830 ألف فدان بحلول العام 2015.
وتستحوذ فيتنام وهي احدى أسرع الاقتصادات نموا في اسيا على امتيازات في كمبوديا وجنوب لاوس لزراعة شجر المطاط وغيره من المحاصيل.
وتنتشر الشركات اليابانية والهندية والاسكندنافية بوسط لاوس بينما تحول الشركات التايلاندية عملياتها عبر نهر ميكونج الى لاوس للاستفادة من خفض التعريفة الجمركية التي تمنحها أوروبا على الواردات من الدول الفقيرة.
ويقول البعض ان حجم قطاع المزارع غير معروف بشكل حقيقي لان لاوس ليست لديها بيانات تفصيلية رغم أنها تعمل على اعداد بيانات.
وهناك قضية أخرى وهي أن هناك مستويات متعددة من المسؤولين الحكوميين يمكنهم منح امتيازات وهو ما يترك الباب مفتوحا أمام الفساد.
وقال المستشار الاجنبي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه نظرا لعدم السماح له بالحديث quot;تواجه الحكومة الوطنية صعوبة في ادراك ما يحدث. حتى على مستوى المقاطعات .. تمنح امتيازات لا يعلم الاقليم بشأنها.quot;
وطلب خبراء وباحثون أجانب اخرون عدم الكشف عن اسمائهم خشية قيام السلطات بطردهم أو عرقلة أعمالهم.
وفي مايو ايار الماضي أعلن رئيس الوزراء بواسون بوفافانه تعليقا الى أجل غير مسمى لمنح الامتيازات الكبيرة بخصوص التعدين والزراعة quot;لمعالجة الخلل في استراتيجيتنا السابقةquot;.
وتحولت بعض المزارع الى معسكرات لقطع الاشجار بشكل غير قانوني. ففي احدى الحالات جرد أحد المستثمرين الاجانب الذي وعد بزراعة مساحات واسعة من جوز الهند منطقة الامتياز من الاشجار القيمة ثم غادر البلاد.
غير أنه بعد شهر واحد من قرار تعليق منح الامتيازات منح اقليم فينتيان نحو 1750 فدانا لمشروع كوري جنوبي للمطاط بحسب تقارير لوسائل اعلام رسمية.
وقال باحث بمنظمة أجنبية غير حكومية quot;شركات المزارع تحتاج الى الارض والمسؤولون المحليون يمكنهم توفيرها. يذهبون الى قرية ويقولون .. هذه الارض تدهورت ويمكن استخدامها لمشروع تطوير مزرعة.quot;
وفي شمال لاوس الذي كان يوما ما يضم مساحات شاسعة من التلال المغطاة بالخشخاش يقوم المزارعون حاليا بزراعة شجر المطاط بموجب عقود مع شركات صينية.
وقال أكاديمي أجنبي درس المزارع في اقليم اودومكساي quot;قيل لهم أنهم سيصبحون اثرياء ويمتلكون الكثير من الشاحنات فيجو المكشوفة.quot; وفي الحقيقة سيضطر المزارعون للاعتناء بالاشجار لسبع سنوات قبل الحصول على أي محصول.
وتقول الحكومة ان المزارع تكافح الفقر من خلال تشغيل قرويين بمن فيهم أقليات عرقية أعيد توطينهم من مناطق مرتفعة مع وعود بانشاء مدارس وتوفير رعاية صحية ومنحهم أراض جديدة.
غير أن منتقدين يقولون ان هذه السياسة ضمنت مورد عمالة رخيصة للمزارع.
ولا يزال تامانج (56 عاما) بانتظار الحصول على ما وعدته الحكومة به قبل نحو عامين عندما انتقلت أسرته المكونة من ثمانية أفراد الى قرية في وسط البلاد حيث يجرى تطوير مزرعة كبيرة لنبات الاوكالبتوس الذي يستخدم للاغراض الطبية.
وقامت شركة اوجي بيبر اليابانية مالكة المزرعة ببناء مدرسة التحق بها بعض أطفاله.
وقال خارج بيت أسرته المبني من الخشب quot;قبل نحو عامين كان من السهل الحصول على الطعام.. لكن الوضع بات أكثر صعوبة الان. اننا ننتظر أن تعطينا الحكومة الارض لكننا لم نسمع عن شيء حتى الان.quot;
- آخر تحديث :
التعليقات