نجلاء عبد ربه من غزة : يبدو أن أبعاد الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، شكل للفلسطينيين قاطني قطاع غزة بالتحديد هاجساً يلهيهم عن حقوقهم الثابتة في قضيتهم الفلسطينية المغتصبة، وأصبح المواطن يعيش على أمل دخول غاز الطهي أو المحروقات من السولار والبنزين، ناهيك عن هواجس قطع الكهرباء وما تعانيه الأسر الفلسطينية في قطاع غزة منه.

وإن كانت إسرائيل قد لعبت على وتر تلك الأساسيات الحياتية للإنسان، فإنها معنية بشكل أو بآخر، بعقاب جماعي لمواطني سكان قطاع غزة، سيما وأن الصواريخ التي تُطلق على البلدات والمدن الإسرائيلية، مصدرها من قطاع غزة.

ويعتقد مراقبون فلسطينيون أن القضية الفلسطينية تراجعت بشكل واضح في ظل سيطرة حركة حماس على غزة، وكشف فضائح الجانبين، حركتي حماس وفتح، على الفضائيات المختلفة، مما أدى إلى فقدان ثقة الشعوب العربية والإسلامية، وهما العمق الطبيعي للشعب الفلسطيني، لنضال إستمر أكثر من 60 عاماً من عمر النكبة.

ويرى الكاتب السياسي الدكتور مازن حمدونه أن تراجع المطالب الفلسطينية من حق تقرير العودة والقدس واللاجئين إلى quot;متى سيفتح المعبر، وهل ستقتطع الكهرباء اليوم عند منطقتنا، مروراً بنفاد غاز الطهي من منازل الفلسطينيين في غزةquot;، أدى إلى تدهور خطير في السياسة الخارجية الفلسطينية، لولا، والكلام للدكتور حمدونه quot;جهد الرئيس محمود عباس في إعادة القضية الفلسطينية على رأس القضايا العربية والإسلامية، وأهمهاquot;.

وأعلنت إسرائيل أنها زودت قطاع غزة بكميات من الوقود المختلفة, حيث تم ضخ 300طن من الغاز المنزلي ومليون لتر من السولار الصناعي الكفيل بإعادة تشغيل محطة الكهرباء من جديد بعد توقفها عن العمل ليومين، إضافة إلي 100الف لتر من سولار المواصلات.

وتأتي هذه المكرمة الإسرائيلية بحسب الكاتب والمحلل السياسي يوسف صادق، كبادرة حسن نية من الجانب الإسرائيلي أثناء زيارة وزير المخابرات المصرية عمر سليمان لتل أبيب في إطار بحث مشروع التهدئة المصرية بين الفلسطينيين والجانب الإسرائيلي.

ويعتقد صادق أن إسرائيل قد توافق على مشروع التهدئة في الوقت الحالي، ريثما تنتهي التحقيقات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت بشأن قضايا عديدة للفساد. ويضيف quot;سيكون عامل الوقت مهماً في تلك القضية، وستراهن إسرائيل على خلط الأوراق من جديد، وضرب قطاع غزة بعد زيارة بوش المحتلمة خلال الشهر الحاليquot;.

وأمضى الكثيرون من سكان قطاع غزة ليلتهم الثانية وسط ظلام دامس ساد معظم المدن والبلدات المختلفة، وذلك بعد أن توقفت محطة توليد الكهرباء عن العمل بسبب نفاد الوقود منها. ويفصح عدد من هؤلاء المواطنين أنه quot;كلما بدأت إسرائيل بتزويد قطاع غزة بالمحروقات اللازمة، تقصف الفصائل الفلسطينية معبر ناحل عوز المخصص لإدخال مشتقات البترولquot;، مما تضطر إسرائيل بالتذرع في إغلاق المعبر لأسباب أمنية.

وكان عاملان إسرائيليان قتلا مؤخراً في عملية فدائية نفذها ثلاثة فلسطينية داخل معبر ناحل عوز، مما ساهم في تحجج إسرائيل لعدم إستئناف ضح المحروقات المختلفة، مما أدى إلى توقف أعداد كبيرة من السيارات عن العمل في القطاع فيما اضطر الكثير من سكانه إلى تشغيل سياراتهم باستخدام غاز الطبخ المنزلي وهو الأمر الذي أدى إلى نفاده من الأسواق، فضلاً عن توقف عمل 95% من المصانع في القطاع، وإغلاق أكثر من 50 مخبزاً في مختلف أنحاء قطاع غزة.

وما بين تسيير الحياة اليومية لسكان قطاع غزة، و إستمرار الإنقسام الفلسطيني الداخلي، يقف مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة أمام قضايا ثانوية، قياساً بالثوابت الأساسية التي إعتمدتها منظمة التحرير الفلسطينية