صناعة النفط و الأجيال
أرامكو نقلت الأنظمة الأميركية لأجيال من السعوديين

محمد العلي من الدمام: لم يدرك السيد عيسى بن عبد الله والذي كان يرتاد البحر منذ بزوغ يومه وحتى موعد الغروب من أجل البحث عن قوته اليومي بأن حياته المعيشية ستتغير بشكل كبير، فغرفته الصغيرة بمنزل والده وخلافاته المتكررة مع زوجه لعدم وجود ما يشبع عياله في بعض الأيام ستنتهي حتمًا، وذلك بعد أن ذهب مع أحد أقاربه إلى مدينة الظهران للعمل في إحدى الشركات. حيث بدأ بن عبد الله في صناعة حياته المعيشة من جديد، بعد أن إلتحق بركب الموظفين الجدد في ظل الأنظمة والقوانين التي تفرضها سياسة الشركة الأميركية على موظفيها بالالتزام بكافة الأنظمة والتي لم يستوعبها بن عبد الله في بداية الأمر، إلا انه أدركها بكل تأكيد عندما بلغ سن التقاعد.

وبدأ عيسى حياته في هذه الشركة والتي بدأت بالعمل في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية بعد اكتشاف البترول عام 1925 م وذلك حينما بدأت شركة ستاندرد أويل أف كاليفورنيا quot;سوكال آن ذلك وشيفرون حاليًاquot; في حفر بئر الدمام الأولى والتي لم تأت نتائجها محققة للتطلعات ولكن لأن الدلائل كانت تشير إلى وجود الزيت والغاز فقد استمرت الشركة في حفر تسع أبار متتالية إلى أن تحقق الحلم في 3 مارس 1928حيث أنتجت بئر الدمام رقم 7 كميات كبيرة من البترول بعد حفرها على عمق 1441مترًا في طبقة أطلق عليها اسم ا( الطبقة الجيولوجية العربية ) فدخلت بذلك المملكة عصر صناعة البترول .

وقد بدأت أعمال التصديرات للزيت الخام في نفس العام عن طريق فرضة صغيرة في الخبر كان الزيت عن طريقها يشحن إلى البحرين، وفيما بعد تم بناء فرضة راس تنورة التي بدأت في استقبال ناقلات الزيت حيث تم شحن أول دفعة من الزيت عن طريقها في 11 ربيع أول 1358هـ الموافق 1 مايو 1939م وذلك في احتفال رسمي رعاه جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود ndash; يرحمه الله - وقد زاد إنتاج الزيت بشكل ملحوظ فقبيل عام 1944م كان متوسط الإنتاج لا يتعدى 20.000 برميل يوميا وفي عام 1949م وصل الإنتاج 50.000 برميل يوميًا أما في عام 1970م فقد بلغ معدل الإنتاج 305 مليون برميل يوميًا إلى أن سجل رقمًا قياسيًا عام 1980محيث وصل إلى 9.631.366 برميل يوميًا .

حتى تحول العمل المناط إلى الشركة الأميركية الجديدة بعد أن بدأت قصتها البترولية من خلال قيامها بجميع أعمال الزيت من إنتاج وتكرير وتوزيع وأعمال تصدير وذلك عندما وقعت حكومة المملكة العربية السعودية مع شركة يتاندرد أويل أف كاليفورنيا اتفاقية الامتياز الأساسية عام 1931 م . وقد حولت هذه الشركة الامتياز إلى شركة (كاسوك ) إحدى الشركات التابعة لها وقد آلت نصف ملكية هذه الشركة (كاسوك ) إلى شركة تكساك فيما بعد. وفي عام 1944م تغير اسم كاسوك إلى شركة الزيت العربية الأمريكية ( أرامكو) وفي عام 1973م حصلت حكومة المملكة على حصة مشاركة في أرامكو بنسبة 25ف المئة مالبثت أن زادت إلى 60في المئة في العام التالي وفي عام 1980م أصبحت حصة الحكومة في أرامكو 100في المئة بأثر رجعي إلى سنة 1976م بعد أن دفعت الحكومة قيمة أصول ارامكو تقريبا . وقد تم تأسيس أرامكو السعودية في نوفمبر 1988م بمرسوم ملكي كريم لتناط بها الأعمال الإدارية والتشغيلية التي كانت تقوم بها ارامكو نيابة عن الحكومة ويرأس مجلس إدارتها معالي وزير البترول والثروة المعدنية أما المجلس الأعلى فيرأسه العاهل السعودي . والآن تتولى أرامكو السعودية أعمال التنقيب عن الزيت في جميع أنحاء المملكة وتتولى أعمال التكرير وإدارة المصافي وتجميع الغز الطبيعي وأعمال التوزيع والتصدير .

ومن فلسفة شركة ارامكو السعودية التنمية المتسارعة للعمالة الوطنية وتطوير مهاراتهم وهذا يتضح من النسب التي تبين بأن حوالى 80 في المئة من الوظائف الإشرافية يمثلها سعوديون كما أن حوالى 90 في المئة من مشغلي معامل الزيت والغاز هم من السعوديون. حيث يعمل في شركة أرامكو السعودية حالياً ما يقارب الستين ألف موظف وعامل بتخصصات مختلفة، كما أن مجموع حقول النفط والغاز التي اكتشفتها الشركة ثمانون حقلاً تقريبًا منذ بداية تنقيبها عن النفط.

أكبر الشركات الداعمة للسوق المحلي
وتعد أرامكو السعودية من أكبر شركات المملكة الداعمة للسوق المحلي ويساعد ما تدفعه الشركة من أجور وما تشتريه من بضائع وخدمات من السوق المحلي على تطوير الاقتصاد الإقليمي والمحلي، حيث تقوم أرامكو السعودية بإعطاء أغلب تعاقداتها إلى شركات يملكها أو يشترك في ملكيتها سعوديون، وقد قام التجار والمصنعون السعوديون بتوريد ما يقارب 90 في المئة من المواد التي اشترتها ارامكو السعودية في السنوات الأخيرة، وقد حرصت ارامكو السعودية على خدمة المناطق التي تعمل بها بالإضافة إلى المملكة بشكل عام، فقد قامت الشركة ببناء أكثر من 116 مدرسة وقد ساعدت على تطوير شبكة الطاقة الكهربائية بالمنطقة الشرقية.

ومن الناحية البيئية، تعمل الشركة على مراقبة تأثير عملياتها على النظام البيئي في الخليج العربي وفي أماكن العمل الأخرى، فقد قامت بوضع خطة شاملة للتعامل مع انسكابات الزيت حيثما حدثت، وتعمل الشركة على استخدام جميع الإمكانيات التقنية والوسائل التدريبية الحديثة. كانت السنوات الماضية القريبة بالنسبة إلى أرامكو السعودية وقتًا للاستعداد، حيث قامت الشركة بافتتاح المرفق تلو الآخر وجميعها تتناسب والمتطلبات المستقبلية للطاقة والقيم في المملكة ولعملائها الخارجيين.

الاحتفال بمناسبة 75 عامًا
تحتفل الشركة الرائدة في مجال صناعة وتكرير النفط quot;ارامكو السعوديةquot; في الحادي والعشرين من الشهر الحالي quot;مايوquot; بمناسبة مرور خمسة وسبعين عامًا على توقيع اتفاقية الامتياز في 29مايو من عام 1933م التي من خلالها أعطت شركة سوكال الأميركية امتياز التنقيب على البترول في المملكة، إضافة إلى جهود موظفيها عبر العقود وتفعيل طاقاتهم الكامنة وذلك بحضور كبار الشخصيات المحلية والعالمية وسوف يقام الاحتفال في العديد من مرافق ارامكو السعودية في المملكة.
وفي تصريح إعلامي لرئيس الشركة، كبير إدارييها التنفيذيين، الأستاذ عبدالله بن صالح بن جمعة قال quot;إن نجاح الشركات ذات المستوى العالمي يرجع لقدرتها على تحقيق رؤية واضحة وجريئة. وقد استمر تجدد تلك الرؤية عبر السنين بفضل الدعم المستمر والرعاية الكريمة من قادة المملكة.
وأضاف رئيس الشركة قائلاً: quot;إنه لا يمكن أيضًا لأية شركة بأي حال من الأحوال أن تحقق نجاحًا إلا بجهود موظفيها وتفانيهم في العمل على جميع المستويات وفي مختلف التخصصات. وقد ظهر جليًا في تاريخ أرامكو السعودية أن نجاحاتها وإنجازاتها كانت بفضل تضافر جهود موظفيها من مختلف الجنسيات... ولذلك فمن حقنا أن نحتفل بإنجازات موظفي الشركة بمناسبة مرور خمسة وسبعين سنة على إنشائها.

وسيستهل يوم الاحتفال بالموظفين بحفل افتتاحي في منطقة المكاتب المركزية للشركة في الظهران، حيث سيلقي رئيس الشركة كلمة ستبث مباشرة بالصوت والصورة للموظفين في مواقع أعمالهم على شبكة الإنترانت الخاصة بالشركة. وفي وقت لاحق من صباح ذلك اليوم ستقام الاحتفالات في 11موقعًا من مواقع أعمال الشركة في أنحاء المملكة، وسيحضر كل حفل عضو من أعضاء الإدارة العليا أو التنفيذية لإلقاء كلمة بهذه المناسبة. كما سيشتمل كل حفل على عرض فلمٍ أنتج بهذه المناسبة ومعرض للصور يبرز تاريخ الشركة وإسهامات موظفيها في تقدمها وتطورها وستشمل احتفالات الشركة أيضاً على عددٍ من النشاطات والفعاليات منها: معرض متنقل، حيث يتم في الوقت الحالي بناء مقطورتين قابلتين للتوسعة، إحداهما ستحتوي على معرض متنقل عن تاريخ أرامكو السعودية وأعمالها وإسهاماتها في تنمية المملكة وتطورها. فيما تحوي الثانية على ستة أجهزة لمحاكاة قيادة السيارات، لتوعية السائقين وخاصة فئة الشباب منهم بقواعد السياقة الآمنة. وستطوف هاتان المقطورتان جميع أنحاء المملكة.

أرامكو الطليعة في الإنتاج
لا تزال ارامكو السعودية في طليعة الشركات الرائدة والرئيسة التي تزود العالم بالطاقة، إضافة إلى ذلك فإن هذا الحقل يفتح مجالات جديدة وواعدة لتعزيز عملية التنمية والتطوير الوطنية ويزود شبكات الكهرباء ومحطات تحلية المياه بالوقود اللازم، وفي الوقت نفسهيفعّل المعمل صناعة البتروكيمائيات التي تتسم بالتقدم والازدهار اقتصاديات المشروع يشكل هذا المشروع لبنة مهمة في تنمية الصناعة السعودية وستزيد قيمة منتجات المعمل والفوائد الناتجة عن إنشائه عن بليون دولار في كل سنة، وبهذا سيبلغ معدل العائد على الاستثمار فيه حوالي 28في المئة، وسيتم تجفيف الغاز الخام الرطب وتحليته وإجراء المزيد من المعالجة عليه لإنتاج 15بليون قدم مكعبة قياسية من غاز البيع في اليوم وحوالى 130ألف برميل من المكثفات، وستؤدي عمليات التوسع المستقبلية إلى زيادة طاقة المعالجة في المعمل إلى 22بليون قدم مكعبة قياسية في اليوم والحصول على مزيد من السوائل البترولية، وسيقوم المعمل بإنتاج مواد عالية القيمة تساهم في تغذية الصناعة البتروكيميائية في المملكة.