بشائر محمد: كان الإنسان الذي (لا يملك مالا) يعبر فيما مضى عن مدى فقره وإفلاسه بقوله إنني quot;قاعد على الحديدةquot; فيفهم السامعون أنه لا يملك درهما ولا دينارا لكن الآن وبعد التغييرات التي طرأت علينا من ارتفاع مبالغ فيه في أسعار الحديد فقد أصبح تعاطينا مع هذا القول مختلفا جدا، فلا يستطيع الشخص المفلس بالطبع التعبير عن نفس الحالة السابقة بجملةquot; قاعد على الحديدة quot;لأنه سيصدم بألف صوت يطالبونهquot;ببيع هذه الحديدةquot; الثمينة للقضاء على الفقر.فضلا عن العروض التي ستقدم له من جهات كثيرة للحصول على هذه الحديدة، فالحديد غير متوفر في الأسواق رغم الغلاء ، مما يجعل الطلب عليه على أشده . حتى بدأنا نخطئ في التفريق بينه وبين الذهب .
بيد أن الحل للخروج من هذه الأزمة بسيط جدا وفي المتناول ، وفيه من الفوائد ما لو علمها الناس لبادروا إليها مسرعين ، فأخبروني لماذا ونحن من أنعم الله عليهم بالأمن والأمان - فلا قصف ولا حروب ولا اعتداءات- لماذا لا نستغني عن الحديد ونبني بيوتنا من الخشب أو القش أو السعف أو الزجاج . أليست هذه المواد أرخص من الحديد ؟ ثم لو بنينا بهذه المواد فسوف نحقق الكثير من الفوائد التي تعود علينا وعلى مجتمعنا بالخير ، فمن كان بيته من خشب فسوف يتردد ألف مرة قبل أن يلعب بالنار ، ومن كان بيته من زجاج فلن يرمي الناس بالحجارة بكل تأكيد ، ومن كان بيته من قش فسوف يخاف أعواد الثقاب المشتعلة التي يلقيها على الآخرين.
قد يبدو الأمر للوهلة الأولى غير ممكن لكن التجارب السابقة التي مررنا بها تقول عكس ذلك ، فقد توهمنا لفترة مضت أن تغيير عاداتنا الغذائية وطريقة أكلنا أمر مستحيل وغير ممكن على الإطلاق، إلا أننا وبعد أن احترقنا بنيران الغلاء غيرناها وبكل سرور وتأقلمنا مع عاداتنا الغذائية الجديدة فأصبحت جداتنا تطلب الفوتوشيني على الغداء. وشيوخنا يعزمون جيرانهم على صواني اللازانيا وأكلنا كل شيء مغاير لعاداتنا القديمة وقد (نأكل هوا) في المرحلة القادمة. ولم يضرنا شيء ولله الحمد بل حققنا الكثير من الفوائد على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.