تحقيق: عزت عبدالمنعم: الصناديق السيادية الخليجية مثلت في الفترة الأخيرة حالة مهمة وقدرت مصادر غربية حجم أصول هذه الصناديق بتريليون ونصف التريليون دولار ويتوقع أن ترتفع في عام 2010 لنحو خمسة تريليونات دولار ويرجع التخوف إلي مقولة إنها قد تسعي لاستخدام نفوذها المالي للسيطرة علي أصول استراتيجية كما أن جزءاً من المخاوف يعود إلي أن بعض الحكومات تري أن قواعد اللعبة غير منصفة كون المؤسسات المدعومة حكومياً أقل خضوعاً لقواعد السوق من منافساتها من الشركات الغربية الخاصة ويطالب صناع القرار في الدول الغربية بوضع الضوابط وتطبيق معايير الشفافية علي الصناديق السيادية الخليجية في الوقت الذي تبقي فيه صناديق التحوط العالمية دون ضوابط مشابهة. وتهدف السياسة الاستثمارية للصناديق السيادية ليس فقط لتحقيق عوائد مجزية ولكن أيضاً إلي تقديم صورة واضحة للعالم عن الدور الايجابي الذي تقوم به في دعم رؤوس أموال الشركات التي تستثمر فيها حيث إن بعضها مهدد بالاغلاق كما أن تمثل عامل استقرار لمستثمر طويل الأجل مستعد لتحمل الخسائر الدفترية كما حدث مؤخراً في أزمة الائتمان. ليست في محلها يقول سعادة عبدالله بن حمد العطية نائب رئيس الوزراء وزير الطاقة والصناعة إن الاعتراضات علي الصناديق السيادية ليست في محلها فهي لا تتدخل في السياسة، وهناك تخوف من بعض الدول أن تتحول هذه الصناديق السيادية إلي التأثير سياسياً، ولكن اعتقد أن الصناديق السيادية خاصة الخليجية ليست لها مشاريع سياسية ولا تسعي للاستحواذ علي بعض الشركات العالمية أو شراء أو غيره، وقد رأينا عندما أنهارت بعض البنوك العالمية اتجهوا للطلب من الصناديق السيادية أن تشارك في دعم هذه البنوك العالمية عند حدوث أزمة الائتمان. 36 صندوقاً وفي بحثها الذي أعده إم آر. راجهو رئيس إدارة البحوث بالمركز المالي الكويتي حول دور صناديق الثروات السيادية التي تتخذ من المنطقة مقراً لها وذلك من حيث استثماراتها في أسواق الأسهم المحلية أشار إلي أن هناك 36 صندوقاً للثروات السيادية تملك 131 شركة خليجية مدرجة وتشكل مجتمعة ما نسبته 27% من القيمة الرأسمالية لأسواق الأسهم الخليجية المقدرة بمبلغ 300 بليون دولار وبمعزل عن صناديق الشركات الأكبر والأكثر تداولاً مثل صناديق هيئة أبوظبي للاستثمار والهيئة العامة للاستثمار في الكويت فإن صناديق الثروات السيادية تضم أيضاً مجموعة متنوعة من الوكالات الحكومية التي تدير الأموال سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وقد تشمل هذه الفئات من الوكالات صناديق التقاعد والوزارات والشركات المملوكة بالكامل للحكومات وبمعني آخر فإن أي كيان مملوك بنسبة 100% للحكومات يمكن أن يصنف كصندوق ثروة سيادية، وفي حين أن مقتنيات هذه الصناديق مجتمعة تبلغ حوالي 131 شركة فإن الشركات الخمس والعشرين الأكبر تشكل 90% من المجموعة، وتعتبر هذه المقتنيات محفظة استراتيجية طويلة الأمد لفئة مؤسسات مستثمرة هي الأكثر سيطرة في أسواق المنطقة من بين كل المؤسسات المستثمرة الأخري وتضم المحفظة أسهم أشهر الشركات في أسواق الأسهم الخليجية وتأتي شركات المملكة السعودية في صدارة قائمة شركات هذه المحفظة حيث يبلغ عددها 8 شركات وتليها الإمارات العربية المتحدة ب 7 شركات علماً أن الشركات المكونة للمحفظة هي في غالبيتها شركات كبيرة وتتمتع بوزن ثقيل في المؤشر ويأتي أداء المحفظة قريباً جداً من أداء المؤشر العام بسبب هذا الواقع وإن كان بدرجة انحراف ضئيلة عن أداء المؤشر. المملكة العربية السعودية تمتلك صناديق الثروة السيادية الخمسة في المملكة العربية السعودية حصصاً في27 شركة تشكل 36 % من القيمة الرأسمالية للأسواق الخليجية والمقدرة بمبلغ مذهل قدره 300 بليون دولار. ومن الواضح أن حكومة المملكة العربية السعودية هي الرائدة بين صناديق الثروة السيادية السعودية بحصة ضخمة تبلغ حوالي 80 %. وتشكل شركة سابك وشركة الاتصالات السعودية، غالبية حصص الملكية المباشرة للحكومة السعودية. أما من منظور الملكية المؤثرة فإن الحكومة السعودية تملك حصصاً مؤثرة في 14 شركة مدرجة تمثل 7% من مجموع تلك الاستثمارات المباشرة وفي حين أن الملكيات موزعة بشكل أفضل من توزيع حصص الحكومة ومازالت مجموعة سامبا المالية وشركة الاتصالات السعودية تشكل 40% من إجمالي حصص المملكة العربية السعودية. وبينما يملك صندوق الاستثمار العام حصصاً في 9 شركات، فإن مجموعة سامبا تمثل 66 % من مجموع تلك الحصص. الإمارات تمتلك صناديق الثروة السيادية البالغ عددها 7 صناديق في الإمارات العربية المتحدة حصص ملكية في 27 شركة إماراتية مدرجة تبلغ قيمتها الإجمالية 61 مليار دولار أمريكي. وتبرز وزارة المالية والصناعة كصاحبة أكبر صندوق للثروة السيادية في الإمارات بفضل حصتها البالغة 60 في المئة في شركة اتصالات، ويليها عن كثب هيئة الاستثمار في دبي التي تملك حصصاً في 8 شركات، وتتركز معظم مقتنياتها في بنك دبي الوطني - الإمارات حيث تملك حصة بنسبة 56 في المئة فيه وتليها حصة بنسبة 32% في المئة في شركة إعمار العقارية. وفي حين أن هيئة الاستثمار في أبو ظبي، وهي واحدة من أضخم صناديق الثروات السيادية في العالم، قد تكون لها استثمارات مباشرة غير ذات أهمية في الأسهم المحلية، إلاّ أن لها حصصا ملكية ضخمة في هذه الأسهم من خلال مجلس أبو ظبي للاستثمار الذي تملكه الهيئة بنسبة 100 في المئة. ويملك مجلس أبو ظبي للاستثمار حصصاً في أسهم 9 شركات مدرجة في الإمارات وممثلة إلي حدّ كبير في حصتها البالغة 73 في المئة في بنك أبو ظبي الوطني و 65 في المئة في بنك أبو ظبي التجاري. أما صناديق الثروة السيادية الأخري مثل شركة مبادلة للتطوير أو صندوق التقاعد العام وهيئة التأمينات الاجتماعية، فهي تملك حصصاً غير ذات أهمية في الشركات المحلية. قطر تمتلك صناديق الثروة السيادية في قطر والبالغ عددها 5 صناديق حصصاً مؤثرة في 9 شركات مدرجة بقيمة استثمارات إجمالية تبلغ 29 بمليون دولار أمريكي، وتمثل 21 في المئة من القيمة الرأسمالية للسوق. وتبرز مؤسسة بترول قطر كأكبر صندوق للثروة السيادية من خلال حصتها البالغة 70 في المئة في شركة صناعات قطر والمقدرة قيمتها بمبلغ 16 بليون دولار أمريكي. وهذا الاستثمار بمفرده يشكل أكثر من 55 في المئة من مجموع استثمارات صناديق الثروة السيادية في قطر. وتأتي في المرتبة الثانية هيئة الاستثمار القطرية بقيمة استثمارات تبلغ 10 بلايين دولار أمريكي موزعة علي 3 شركات، وتمثل حصتها البالغة 50 في المئة في بنك قطر الوطني 62 في المئة من مجموع استثماراتها. أما هيئة التقاعد فهي تتمتع بأعلي درجة من التأثير من حيث عدد الشركات المستثمر فيها (5 شركات). ويتمثل الاستثمار الرئيسي لهذه الهيئة في شركة الاتصالات القطرية التي تشكل 62 في المئة من كل استثمارات الهيئة في أسهم الشركات القطرية المدرجة. الكويت تبدو حصة صناديق الثروة السيادية في الكويت الأقل بين الدول الخليجية، حيث تسيطر علي 12 في المئة فقط من سوق الأسهم الكويتي. ويبلغ مجموع استثمارات هذه الصناديق 25 بليون دولار أمريكي وتمثل معظمها الهيئة العامة للاستثمار التي تملك حصة بنسبة 65 في المئة من تلك الاستثمارات. وفي حين أن هذه الهيئة قد استثمرت في 8 شركات كويتية مدرجة، فإن استثماراتها في شركة زين وبيت التمويل الكويتي تمثل نحو 80 في المئة من إجمالي استثماراتها. وتبرز مؤسسة التأمينات الاجتماعية باعتبارها صندوق الثروة السيادية الذي يتمتع بأعلي درجة نفوذ حسبما يتضح من استثماراتها في 21 شركة كويتية مدرجة وتقدر قيمتها الاستثمارية الإجمالية بمبلغ 3.5 بليون دولار أمريكي. وتأتي حصتها البالغة 15 في المئة في شركة أجيليتي (سابقاً شركة المخازن العمومية) كأكبر استثمار لها، وتليها حصتها البالغة 10 في المئة في البنك الأهلي الكويتي. سلطنة عُمان هناك 9 صناديق للثروة السيادية في عُمان بقيمة استثمارية تبلغ 6 بلايين دولار أمريكي، وتمثل 23 في المئة من القيمة الرأسمالية الإجمالية للسوق. وتعتبر حكومة عُمان أكبر صندوق للثروة السيادية في السلطنة بحصة تبلغ 44 فمتركزة في شركة واحدة هي شركة عُمان تل. أما من حيث التأثير والنفوذ، فإن صندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية قد استثمر في أسهم 10 شركات عُمانية مدرجة، غير أن حصته من السوق تبلغ 9 في المئة فقط. ويتمتع بنك مسقط برعاية 6 من أصل 9 صناديق للثروة السيادية تملك مجتمعة حصة بنسبة 33 في المئة من رأسماله. البحرين استثمرت صناديق الثروة السيادية الأربعة في البحرين مجتمعة وبصورة تراكمية ما قيمته 5 بلايين دولار أمريكي تمثل 18 في المئة من إجمالي القيمة الرأسمالية لسوق الأسهم البحريني، وهي حصة أقل نسبياً من مثيلتها في أسواق خليجية أخري مثل سوق السعودية وسوق الإمارات. وتشمل قائمة الاستثمارات هذه صندوقاً خارجياً واحداً للثروة السيادية وهو المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في الكويت. علماً بأن الصندوق السيادي الأكبر في البحرين هو شركة ممتلكات البحرينية القابضة التي تملك حصة بنسبة 45 في المئة من السوق. ويليها عن كثب وكالة صندوق التقاعد التي استثمرت في 10 شركات بحرينية مدرجة. وتملك الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية حصة بنسبة 20.5 في المئة في البنك الأهلي الكويتي. أما شركة باتلكو، وهي شركة الاتصالات الرئيسية في البحرين، فهي مملوكة لثلاثة صناديق ثروة سيادية بنسبة تقارب 55 في المئة مما يجعلها أضخم شركة من حيث القيمة. بينما تملك شركة ممتلكات البحرينية القابضة حصة بنسبة 49 في المئة وبقيمة تبلغ 1.7 بليون دولار في بنك البحرين الوطني. نقاش واسع وتخضع صناديق الثروات السيادية لنقاش واسع في الفترة الأخيرة نظراً لاستثماراتها في الأسواق المالية العالمية وفئات الأصول العالمية. غير أن ملكياتها في أسواق الأسهم المحلية لم تشهد الكثير من المناقشات نظراً لنقص المعلومات المتاحة. فحصص ملكياتها هي في معظمها استثمارات استراتيجية بطبيعتها وتظل طويلة الأمد بالنظر إلي العوائد التي حققتها الشركات المستثمر بها في الماضي. وتتركز استثمارات هذه الصناديق أيضاً في قطاعات استراتيجية مثل الاتصالات والبتروكيماويات والبنوك وغيرها. وقد لعبت الحكومات دائماً دور المستثمرين المسيطرين في هذه المنطقة، وستواصل هذا الدور مستقبلاً. كما ستكون المحفظة الذهبية حيوية ومتفاعلة مع المستجدات بطبيعتها وذلك لأن المستثمرين الجدد يزيحون المستثمرين القدامي من طريقهم لاحتلال مكانة الصدارة. ولذلك سيكون من الممتع والمجزي أيضاً أن يتابع المرء تكوين وهيكل هذه المحفظة. |
- آخر تحديث :
التعليقات