كامل الشيرازي من الجزائر: نفى عدد من الخبراء الاقتصاديين الجزائريين، ما تردد عن صلة النفط بالأزمة الغذاء العالمية، وأرجع هؤلاء المسألة في أساسياتها إلى إفرازات ظاهرة المضاربة والعوامل المناخية غير الملائمة خصوصا مع الإفراط في استخدام محاصيل زراعية في صنع الوقود، بجانب تزايد الطلب على القمح بعدد من الدول الناشئة، ما تسبب في تهديد الأمن الغذائي لعديد الدول، إثر التهاب أسعار المواد الأكثر استهلاكا على غرار الحبوب بمختلف أنواعها ومشتقات الحليب والزيوت.


وفي ملتقى دراسي احتضنته العاصمة الجزائرية على مدار يومين، قال الخبير الاقتصادي الجزائري quot;مسعود مجيطنةquot;، أنّ أزمة الغذاء المستفحلة خلال الأشهر الأخيرة، راجعة بحسبه إلى المنحنى المتصاعد الذي أخذته أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع أكثر منه إلى ارتفاع أسعار النفط الخام بالأسواق الدولية، وضرب quot;مسعود مجينطةquot; مثالا بتنامي المضاربات في سوق القمح بشيكاغو، ما أفرز ارتفاع سعر القمح بـ80 بالمئة زيادة عن سعره الحقيقي.

بينما رأى د/ quot;ناصر مرادquot; أنّ الأزمة الغذائية العالمية متصلة بالتغيرات المناخية في جهات متعددة من العالم، وتصور الأكاديمي الجزائري أنّ الفيضانات المدمرة وموجات الجفاف وكذا الاحتباس الحراري إلى جانب ارتفاع تكاليف الطاقة والنقل، أثرت بشكل سلبي على مستويات المحاصيل الزراعية، كما انعكست على أوضاع أكبر البلدان المنتجة للحبوب والألبان واللحوم كأستراليا وأوكرانيا والأرجنتين ونيوزيلندا، ويقحم الدكتور quot;ناصر مرادquot; أيضا تأثير تراجع المستويات التاريخية للمخزونات، في وقت ارتفع حجم الاستهلاك العالمي من اللحوم ومشتقات الحليب.

من جهته، يعتقد الوزير الجزائري السابق للاقتصاد quot;حسين بن يسعدquot;، أنّ مشكلة الغذاء كامنة في فشل السياسات الزراعية على مستوى دول العالم الثالث في صورة القارة الإفريقية التي تعاني دولها من ظاهرة المجاعة، ما جعل خبراء يجمعون على أنّ العام الحالي هو عام بداية الكوارث للدول الأكثر فقرا، لأنّ كلفة الأسعار تترجم إلى فواتير استيراد لا تستطيع بلدان كثيرة دفعها أو تحمل ثقلها،.

ويركّز الأستاذ quot;عبد القادر بريشquot; على أنّ الاستخدام المتزايد للمواد الأولية الزراعية في إنتاج أنواع جديدة من الوقود، دفع كثير من الدول إلى استخراج مصادر طاقوية جديدة مثل الوقود البيولوجي المستخرج من محاصيل زراعية، ما أنتج اختلالات واضحة ولا توازن بين العرض والطلب، سيما وأنّ استخدام الوقود العضوي كان له يد في زيادة أسعار المواد الغذائية، وهو سيناريو كان كارثيا بالنسبة إلى بلد كالبرازيل الذي دأب على إنتاج quot;الايثانولquot; من محصول قصب السكر، ولعلّ إقدام الولايات المتحدة واللفيف الأوروبي باستخراج الوقود من الحبوب، سيزيد من حجم الهواجس التي صارت تتهدد 37 دولة بأزمة غذاء، بينهم العرب، أين يتواجد أكثر من بلد عربي في وضع حرج على غرار الجزائر والمغرب وتونس ومصر.

من جانبه، صرح quot;عبد الحميد آيت عمارةquot; الخبير في المجال الزراعي، أنّ الأزمة الغذائية العالمية الحالية quot;تنذر بنهاية الغذاء بأسعار معقولةquot; على المستوى الدولي، كما أبرز أن إرتفاع أسعار المواد الغذائية على المستوى العالمي بين سنتي 2007-2008 ينذر بـquot;انفراج الوضعquot;، وبرّر تصوره بأنّ تلك الأسعار تقل بـ30 بالمئة عن تكلفة الإنتاج بفضل نظام دعم الدول ذات الفائض الزراعي قد تم رفعها للتقليص من إجمالي الإعانات.

ويرجّح خبراء في منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو)، أن تشهد أسعار الحبوب سيما القمح اللين صعودا لافتا في غضون الفترة القادمة، قد يصل إلى مستوى 45 في المئة عن السعر المتداول حاليا، وستلعب المضاربة والحسابات السياسية دورها ضمن هذا المنظور، تلعب فيه دول الاتحاد الأوروبي (تنتج 122 مليون طن) دورا مفصليا، إلى جانب الصين (106 مليون طن)، الهند (75 مليون طن)، الولايات المتحدة (56 مليون طن)، روسيا (48 مليون طن).

واستنادا إلى بيانات الفاو، يرتقب أن ترتفع أسعار الحبوب بشكل غير مسبوق منذ العام 1945، بحيث ترتفع قيمة القمح بنسبة 100 في المئة ، فول الصويا 80 في المئة ، الذرة 20 في المئة ، وأصدرت منظمة الأغذية والزراعة العالمية في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تقريرا أعربت فيه عن مخاوفها من اتساع رقعة الجوع، وقال رئيسها جاك ضيوف أنّ الكرة الأرضية مهددة بكارثة quot;امتلاك المال لكن لن يف بالغرض لشراء غذاءquot;، وهو ما يفرض على كثير من الدول المهددة إلى مضاعفة استثماراتها بالزراعة في غضون خمس سنوات، فهي الآن أمام معادلة صعبة:quot;لن تنتج الغذاء بشكل كاف إذا لم تستثمر في إنتاج الغذاء بشكل كافquot;.