ابوظبي: كشفت دائرة التخطيط والاقتصاد فى امارة ابوظبي اليوم عن ان الأداء الاقتصادي المتميز الذي حققته دولة الامارات خلال السنوات الماضية صاحبته بعض الافرازات السلبية من ضمنها الزيادة الكبيرة في حجم الانفاق الاستهلاكي الخاص (العائلي) الذى وصل الى 320 ملياردرهم. وقال التقرير الاسبوعي لدائرة التخطيط الذي صدر اليوم ان حجم الانفاق العائلي اصبح يشكل ما يقارب من نصف الناتج المحلي الاجمالي للدولة بعد أن ارتفع بنسبة 122 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية من 144 مليار درهم عام 2002 الى 320 مليار درهم عام 2007 بمتوسط معدل نمو سنوي بلغ 18 في المئة وهو ما يعادل أكثر من ضعف معدل النمو الاقتصادي الحقيقي للدولة خلال الفترة نفسها.

وأضاف التقرير ان الانفاق الاستهلاكي والزيادة المفرطة فيه من شأنها امتصاص جانب مهم من السيولة على حساب الاستثمار المنتج حيث ان بعض التشوهات التي يعانيها الاقتصاد الاماراتي اليوم هي نتاج طبيعي للثقافة الاستهلاكية لبعض شرائح المجتمع. واشار الى ان احصاءات شبه رسمية تشير الى ان انفاق الفرد في دولة الامارات على شراء المواد الاستهلاكية يزيد على سبعة أضعاف متوسط الانفاق في بقية الدول العربية. واوضح ان تمدد الانفاق الاستهلاكي على حساب الاستثمار والادخار له انعكاسات سلبية عديدة على الاقتصاد المحلي خاصة أن غالبية السلع المستهلكة في المجتمع هي سلع أجنبية حيث تعتمد دولة امارات على نحو 85 بالمائة من احتياجاتها السلعية على الاستيراد.

ورأى ان استمرار النزعة الاستهلاكية لدى بعض أفراد المجتمع يفاقم من تدفق السيولة النقدية من السوق المحلية إلى الأسواق العالمية بينما تتحول المؤسسات الاقتصادية المحلية الى مؤسسات مستوردة لسلع استهلاكية تعزز هذه النزعة حيث تتصدر دولة الامارات الدول العربية جميعها من حيث حجم الواردات. ولفت الى ان هناك احصاءات شبه رسمية تقول ان انفاق الفرد في دولة الامارات على شراء المواد الاستهلاكية يبلغ نحو 27 دولارا يوميا في حين يبلغ متوسط الانفاق اليومي في بقية الدول العربية نحو 5ر3 دولار وان هذه الفجوة مرشحة للاتساع طالما أن هناك بعض الأطراف التي تسعى باستمرار الى تكريس الأنماط الاستهلاكية والمبالغة في الانفاق.

واضاف التقرير الأسبوعي لدائرة التخطيط والاقتصاد في امارة ابوظبي ان نتائج للمسح الميداني الذي أجرته ادارة الاحصاء في دائرة التخطيط والاقتصاد حول دخل وانفاق الأسر في امارة أبوظبي خلال العام الماضي وحتى نهاية الربع الأول من هذا العام اظهرت الميول الاستهلاكية لدى أفراد المجتمع حيث تستقطع نحو 60 في المئة من دخل الأسر بينما ترتفع هذه النسبة الى 87 في المئة تقريبا لدى الأسر التي يقل دخلها الشهري عن 10 الاف درهم. وقال انه بحسب احصاءات مصرف الامارات المركزي فقد ارتفع اجمالي حجم القروض الشخصية الاستهلاكية خلال الربع الأول من هذا العام الى نحو 4ر48 مليار درهم مقابل 5ر43 مليار درهم في نهاية العام الماضي بنسبة نمو تجاوزت 11 في المئة خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام. وأفاد بأنه رغم اختلاف الاراء حول أسباب نمو ظاهرة القروض الشخصية في المجتمع فان هناك شبه اجماع على أن بعض البنوك هي المسؤول الأول عن تفشي هذه الظاهرة لأنها هي التي تمنح هذه القروض وهي التي تفتح الباب على مصراعيه أمام عملاء الاقتراض حتى أصبحت القروض ثقافة مجتمعية لا يستغني عنها المواطن الاماراتي مع اختلاف توجهات الناس وأهدافهم تجاه مبلغ القرض.

واكد التقرير ان البنوك نجحت في تحقيق أرباح صافية بلغت نحو 5ر7 مليار درهم خلال الربع الأول من هذا العام وهو ما يعادل 5ر30 في المئة من اجمالي أرباحها خلال العام الماضي التي بلغت 45ر24 مليار درهم فهي لا تزال غير قادرة على وضع معادلة متوازنة بين حقها في الترويج للقروض والائتمان المصرفي وبين الحاجة في كبح الميول التوسعية لدى الافراد في الحصول على القروض الشخصية. واعلن ان القروض الشخصية الاستهلاكية وصلت الى مستويات حرجة تتطلب ضرورة تشديد القيود على منحها ووضع معايير وضوابط جديدة لتحديد أجل وقيمة هذه القروض وفقا لمعطيات المرحلة خاصة بعد أن أسهمت هذه القروض خلال المرحلة الماضية في دفع معدلات التضخم الى مستويات قياسية كما أصبحت بعض البنوك تقدم قروضا تعادل 50 ضعف الراتب.