د.عبد الوهاب القحطاني: نمو سوق المال السعودية يحتاج للاستثمارات الأجنبية مهما كان حجم السيولة الوطنية لأن حجم السوق يزيد سنة بعد أخرى . ومهما كانت الأحوال المالية في المملكة فإننا بحاجة لرأس المال الأجنبي سواء على المدى القصير أو الطويل . والسؤال الذي يتردد في ذهن المستثمر الأجنبي هو ما مدى شفافية الأنظمة والقوانين واللوائح التي تحكم الشركات والسوق المالية في سوق الأسهم السعودية ليحقق عائداً مجدياً على استثماره ؟


ولقد صدرت موافقة هيئة سوق المال على قيام شركات الوساطة في المملكة بإبرام اتفاقيات الاستثمارات الأجنبية للمستثمرين من خارج المملكة لغير المقيمين فيها، وهذا بلا شك سيدعم سوق المال ويزيد من تدفق الاستثمارات الأجنبية إليها، لكنني أستعيد الذاكرة إلى الوراء قليلاً عندما فتحت هيئة سوق المال الفرصة للوافدين للاستثمار المباشر في سوق المال، حيث خسر الكثير منهم جراء الانهيارات المتتالية ما جعلهم يحجمون عن المزيد من الاستثمارات في سوق الأسهم السعودية . أعلنها بصراحة أن هيئة سوق المال لن تنجح في استقطاب الاستثمارات الأجنبية طويلة الأجل عندما يجد المستثمرون أنهم لم يحققوا أرباحاً جراء استثمارهم في سوق الأسهم . أقصد بذلك أن المستثمر الأجنبي الذي اشترى سابك في حدود 130 ريالا سيجدها دون ذلك على المدى البعيد بسبب انهيارات السوق التي شهدناها في فبراير 2006 وما بعدها من انهيارات متابعة كان أحدها عندما تراجعت سابك من 221 ريالا إلى 113 ريالا في غضون 7 شهور، أي أنها فقدت حوالي 50 بالمائة من ذروتها في 2007م . هل يعد هذا استثماراً مجدياً للمستثمر الأجنبي ؟ لا اعتقد ذلك .


جذب الاستثمارات الأجنبية بحاجة للثقة في سوق الأسهم السعودية من خلال أنظمة ولوائح تمنع الصناديق الحكومية وصناديق البنوك من الصعود بالسوق إلى الأعلى لتصريف أسهمها عليهم ثم الضغط عليها لتعود إلى الهاوية لتشتريها من المتداولين بأسعار أقل من أسعار الاكتتاب . الصناديق الحكومية، وعلى وجه الخصوص صندوق الاستثمارات العامة من الصناديق التي ساهمت في انهيار السوق المالية لتحقق أرباحاً خيالية على حساب المتداولين بالرغم من مساهمته الكبيرة في تماسك بعض الشركات القيادية مثل سابك . وهذا الصندوق بحاجة لتغيير سياسته حتى نستطيع جذب الاستثمارات الأجنبية إلى سوق المال السعودية لأن ما يتبعه هذا الصندوق في الوقت الحالي لا يساعد على بناء الثقة في سوق الأسهم السعودية من قبل المواطنين والمقيمين، ناهيك عن بناء الثقة بالسوق لدى المستثمر الأجنبي غير المقيم في المملكة . يجب ألا تأخذنا العاطفة تجاه الصناديق الوطنية التي كان لها دور كبير في انهيار السوق عندما ضخت أسهمها لتسبق المتداولين بالخروج من السوق في بعض الأسهم القيادية . وقد يكون لدخول المستثمرين الأجانب غير المقيمين في المملكة دور إيجابي في آلية حوكمة سوق الأسهم السعودية عندما يطالبون شركات الوساطة وهيئة سوق المال والوزارات المعنية بالصناديق الحكومية التي تستثمر في سوق الأسهم بدرجة عالية من الشفافية . والخطير في الأمر أنهم عندما يجدون أن استثماراتهم لا تحقق العائد المأمول فإنهم سيقومون بالخروج من سوق الأسهم. وهذا ما نخشاه .