وليد خدوري

أعلنت وزارة المال العراقية في منتصف أيلول (سبتمبر) ان موازنة البلاد لعام 2009 ستصل إلى رقم قياسي يبلغ نحو 78.88 بليون دولار. وستكون أعلى موازنة في تاريخ العراق وتقارن بموازنات سنوية معدلها نحو 17 بليون دولار في أواخر الثمانينات. وذكر الناطق باسم الوزارة لوكالات الأنباء ان الموازنة أُعدت على أساس سعر مستهدف للنفط نحو 80 دولاراً للعام المقبل. وأضاف ان 60.26 بليون دولار ستُخصص للنفقات التشغيلية، و18.62 بليون دولار للاستثمار وتحسين البنية التحتية. ومعروف ان السبب الرئيس في ارتفاع مستوى الموازنة يعود إلى زيادة عائدات العراق من النفط، التي تشكل 90 في المئة تقريباً من موارد الموازنة.

وينتظر المواطن العراقي بفارغ الصبر ان تبدأ الحكومة فعلاً بالإنفاق على الأساسيات التي تعني الناس بعد اكثر من خمس سنوات على الاحتلال وتحسن الوضع الأمني نسبياً عن الماضي، إلا ان ثمة شعوراً عاماً عند المواطنين بأن فقدان الإدارة الجيدة وشيوع الفساد قد يهدران معظم هذه الأموال بحيث لا يُستعمل كثير منها لمصلحة المواطن.

وتثير هذه الموازنة العالية تساؤلات في أروقة الكونغرس، إذ يطالب بعض أعضاء مجلس الشيوخ بأن تقلص الحكومة الأميركية من اعتماداتها المخصصة للتنمية والإعمار في العراق، على ضوء زيادة دخل الحكومة العراقية من الريع النفطي، وأن تبدأ حكومة العراق في تمويل بعض مشاريعها بنفسها. لكن بعيداً من أرقام الموازنات والريع النفطي، تبقى هموم كثيرة تقلق المواطن العراقي، منها في المجال الاقتصادي ارتفاع معدلات التضخم وفقدان الخدمات الضرورية، مثل الكهرباء والبنزين والماء النظيف.

فبالنسبة إلى ارتفاع معدلات التضخم، قدم الاقتصادي العراقي كمال البصري دراسة قيمة إلى نائب رئيس الوزراء برهم صالح، سنحاول ان نستعرض هنا بعض أهم ملامحها واستنتاجاتها. ويذكر البصري ان مرافق اقتصادية تعطلت عام 2003. ويضيف: laquo;اتجهت معدلات التضخم نحو الارتفاع السريع في السنوات الأربع الأخيرة، فارتفع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك خلال أعوام 2003 و2004 و2005 و2006 بمعدل 33.6 في المئة و26.9 في المئة و36.9 في المئة و53 في المئة على التواليraquo;.

ويشير البصري إلى ان معدل التضخم في الولايات المتحدة وأوروبا ارتفع في حدود ثلاثة إلى أربعة في المئة سنوياً. ووصل هذا المعدل في بعض الاقتصادات السريعة النمو، مثل الصين والهند، إلى نحو ثمانية في المئة. وفي الدول العربية وصلت معدلات التضخم إلى مستويات أعلى، كما في مصر والأردن (أكثر من 10 في المئة) وفي بعض دول مجلس التعاون الخليجي (نحو 14 في المئة).


* كاتب متخصص في شؤون الطاقة