بغداد: قال مسؤولون عراقيون وإيرانيون الأحد إن القوات الإيرانية انسحبت جزئياً من منطقة نفطية متنازع عليها بين طهران وبغداد، مما قد ينزع فتيل خلاف حدودي يوتر العلاقات الحساسة بين البلدين.

وأكّد علي الدباغ، المتحدث باسم الحكومة العراقية، أن مجموعة صغيرة من القوات الإيرانية التي كانت سيطرت على بئر نفطية في منطقة نائية على الحدود بين البلدين الأسبوع الماضي لم تعد مسيطرة على البئر التي يعتبرها العراق جزءاً من حقل الفكة النفطي.

وتابع quot;جرى إنزال العلم الإيراني. وتراجعت القوات الإيرانية 50 متراً، لكنها لم تعد أدراجهاquot;. واستطرد quot;الحكومة العراقية طلبت من القوات العودة إلى حيث كانتquot;. وقال مسؤول حدودي في إيران إن القوات الإيرانية عادت إلى مواقعها الأصلية بعد تفكيك حاجز أقامته القوات العراقية بالقرب من بئر النفط المتنازع عليها.

وصرح المسؤول لتلفزيون برس تي. في. الإيراني الحكومي شريطة عدم الكشف عن هويته quot;القوات العراقية كانت قد أقامت الحاجز المفكك الآن بالقرب من البئر النفطية رقم 4 في الفكةquot;. وتسبب هذا النزاع في عقد اجتماعات طارئة ومحادثات هاتفية ثنائية، ودعت بغداد إلى انسحاب فوري للقوات الإيرانية، لكنها سعت أيضاً إلى احتواء أي ضرر، ربما يلحق بالعلاقات مع إيران المجاورة.

وارتفعت أسعار النفط العالمية يوم الجمعة بعد تقارير وسائل إعلام بأن قوات إيرانية سيطرت على حقل نفط عراقي. وجاءت الأنباء في الوقت الذي يستعد فيه العراق للتوقيع على عقود مع شركات نفطية عالمية بارزة، في إطار جهوده لتحسين قطاعه النفطي وتوفير العملة الصعبة، رغم أعمال العنف والعقبات الأخرى أمام الاستثمار.

وقالت شركة بي.اف.سي. أنيرجي التي تعمل في دراسات الطاقة إن الحادث يمكن أن يكون له تأثير مستمر على التعامل مع الشركات الأجنبية، ولاسيما تلك المرتبطة بالحقول التي تقع على الحدود العراقية الإيرانية أو بالقرب منها. وأوضحت في تحليل لها في 18 ديسمبر/ كانون الأول أنه quot;سواء كان الحادث عارضاً أو مدبراً، سيرفع توغل إيران المخاطر المرتبطة بهذه الاستثمارات. ومن المتوقع أن يكون حل النزاعات الحدودية ملحاً للشركاتquot;.

ويمثل النزاع مع إيران، التي يقطنها غالبية من الشيعة، وهي خصم يشترك مع العراق في صلات تاريخية ودينية عميقة قضية حساسة على نحو خاص للعديد من المسؤولين العراقيين قبل أشهر من الانتخابات البرلمانية العراقية التي تجري في السابع من مارس/ آذار.

وفيما تسعى الحكومة العراقية إلى الخروج من ظل الولايات المتحدة بعد الحرب لا يمكن حتى للمسؤولين العراقيين الذين لديهم علاقات طيبة بطهران أن يتحملوا أن ينظر إليهم على أنهم يرضخون للضغوط الأجنبية، ولاسيما إيران. وانتقد بعض أعضاء الأقلية السنية العراقية حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي بسبب ردها الضعيف على المواجهة.

وقال صالح المطلك، وهو سياسي عراقي بارز، إنه حان الوقت لإبلاغ النظام الإيراني بأن يكفّ عن التدخل في الشؤون العراقية.
وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية أن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي ونظيره العراقي هوشيار زيباري أكدا في اتصال هاتفي مساء السبت على الحاجة لتنظيم لقاء بين مسؤولين من البلدين quot;بنية تنفيذ الاتفاقات الحدودية الثنائيةquot;.

وقال الدباغ إن لجنة عراقية إيرانية مشتركة ستبدأ دراسة ترسيم الحدود في المنطقة الصحراوية جنوب شرقي بغداد. ورغم تصريح الدباغ، ما زال هناك ارتباك في العراق بشأن وضع القوات الإيرانية، مما يعكس صعوبة في تحديد الحدود بشكل واضح في مثل هذه المنطقة النائية وغير المأهولة.

ونقاط التفتيش الحدودية منتشرة على الجانب العراقي من الحدود، حيث يمكن رؤية المنشآت الإيرانية على مسافة عبر رقع جرداء من الرمال والأتربة.

وهناك تاريخ طويل من النزاعات الحدودية بين البلدين، بما في ذلك نزاع تصاعد إلى حرب دموية امتدت ثماني سنوات في الثمانينات. وتحسنت العلاقات بعد عام 2003، عندما بدأ شيعة العراق يمسكون مقاليد الأمور في بلادهم، وتعمقت الروابط التجارية والسياحة الدينية بين البلدين.

ويقول عراقيون إن البئر واحدة من سبع آبار، تمثل حقل الفكة، وهو حقل صغير نسبياً، وينتج حالياً نحو عشرة آلاف برميل يومياً. غير أن مسؤولين عراقيين يقولون إن البئر لم تعمل سوى فترة قصيرة قبل الحرب الإيرانية العراقية في أواخر السبعينيات، ولم تعمل منذ ذلك الحين. وتقول إيران إن الحقل يقع داخل حدودها.

وطرحت وزارة النفط العراقية على الشركات العالمية عقد تطوير حقل الفكة والحقول القريبة في مناقصة في يونيو/ حزيران. غير أن كونسورتيوم من شركات صينية رفض العرض المالي من الوزارة لقاء إدارة الحقول.

وتأمل الحكومة أن تحدث الكثير من الصفقات الجديدة التي سيوقّع البعض منها بالأحرف الأولى خلال الأسبوع الجاري تحولاً في صناعة النفط المتداعية، وترفع الطاقة الإنتاجية إلى 12 مليون برميل يومياً خلال الست أو سبع سنوات المقبلة. وسيضع ذلك العراق في المرتبة الثانية بعد أكبر منتج في العالم، وهي السعودية.