عبودية العصر الحديث مرشحة للتفاقم ومطالب بدور فاعل للدولة

خبراء : القوانين الغائبة وزيادة الفقر يعزز الاتجار بالبشر فى مصر

محمد حميدة من القاهرة: شدد خبراء مصريون على ضرورة دراسة المجتمع جيدا والوقوف على الوضع الحالى لقضية الاتجار بالبشر قبل صياغة مشروع قانون لمواجهة المشكلة ,مؤكدين على ضرورة ممارسة الدولة لدورها بأكثر فاعلية للقضاء على المشكلة التي يتوقع لها مزيد من الانتشار والتزايد ليس فى الدول النامية فقط بل الدول المتقدمة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية . وقال الخبراء أن تقرير الخارجية الأميركية الذى صدر حديثا عن هذه المشكلة quot;المؤرقةquot; يدق ناقوس الخطر quot;بأننا دخلنا فى مرحلة العبودية الحديثة quot;, ويزيد من المخاوف تأثر اقتصاد الدول المتقدمة بالأزمة العالمية فى ظل التشابك بين الاقتصاد الدولية المختلفة ,وهو ما ينذر بارتفاع ضحايا الاتجار بالبشر سنويا الى مستويات خطيرة .

وتؤكد الأرقام والإحصاءات المسجلة أن عدد ضحايا الاتجار بالبشر يبلغون سنويا 12,3 مليون شخصا على مستوى العالم . وقال تقرير وزارة الخارجية الأميركية أن مليون طفل مصري يتم استغلالهم في الدعارة والتسول وأن السياحة الجنسية في مصر تزداد يوما بعد يوم. وبالرغم من الجهود التى تبذلها الدولة للقضاء على المشكلة إلا أن التقرير وضع مصر في الفئة الثانية التي تتعلق بالدول التي لا تمتثل كليا للحد الأدنى من معايير قانون حماية ضحايا المتاجرة، بعكس الفئة الثالثة التي تعد الأسوأ . وأوضح أن مصر مازالت تعد مصدرا ووسيطا ومقصدا للاتجار بالنساء والأطفال لغرض العمالة الإجبارية والاستغلال الجنسى , مشيرا إلى أثرياء الخليج الذين يسافرون إلى مصر بهدف عقد زيجات مؤقتة مع فتيات دون سن الثامنة عشرة .

من جانبه يرى الدكتور عبد المطلب عبد الحميد رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن الأزمة المالية العالمية فى ظل التشابك بين الاقتصاد المختلفة تعزز من الاتجار بالبشر , مضيفا أن المشكلة تندرج تحت ما يسمى الاقتصاد الخفى أو غير المشروع ,ومدى تأثيرها يتوقف على ما يتم اتخاذه من الإجراءات التى تحد من مستوى الفقر وعمالة الأطفال واستغلال النساء . ومع الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية استغنت الآلاف من الشركات العالمية عن أعداد مهولة من العاملين بها وانخفضت الأجور وبالتالي المعيشة تزداد سوءا ويشكل ذلك أرضا خصبة للتجار والوسطاء للتجارة فى البشر مستغلين ظروفهم الصعبة . وتوقع عبد المطلب ان تنمو الظاهرة بشكل خطير مع استمرار الأزمة المالية العالمية .

وقالت الدكتورة نهال فهمى خبير اقليمى فى الاتجار بالبشر أن الظاهرة وجدت طريقها إلى الدول المتقدمة ولم تعد قاصرة على دول إفريقيا والدول النامية لدرجة يستحق أن يطلق عليها quot;عبودية العصر الحديثquot;, مضيفة أن النساء والأطفال الأكثر تأثيرا حيث تؤكد التقديرات أن 56 % من المضارين أطفالا ونساء والنسبة الباقية للرجال الذين يتعرضون للاستغلال والوقوع تحت تأثير العمل الجبرى وخاصة الذين يسافرون إلى الخارج تحت شروط معينة ويفاجئون بواقع مختلف تماما وهؤلاء تقدرهم بإعداد مهولة .

وتؤكد الدكتورة نهال أن الاتجار بالبشر مشكلة عالمية متفاقمة لأسباب شتى منها الحروب والنزاعات العرقية وزيادة معدلات الفقر . وقالت أن أطفال الشوارع والمهاجرين بطرق غير شرعية الأكثر عرضة للمخاطر المحتملة للاتجار .وشددت على ضرورة دراسة الحالة المجتمعية فى مصر قبل صياغة مشروع قانون quot;نخن نحتاج دراسة الوضع الحالة ,ان نحدد الأنماط السائدة فى المجتمع المصري ,حتى يكون القانون لمكافحة هذه الظواهر او الأنماط تحديداquot;.

وأضاف الدكتور عبد المطلب أن القوانين لمكافحة الظاهرة غير كافية مشيرا إلى أن القضية تحتاج إلى قوانين عميقة ورادعة تواجه أو على الأقل تقلل من المشكلة. وشدد على أن تلعب الدولة دورا أكثر فاعلية كمنظم ومتابع ومراقب وتفتح فرص عمل وتقوم بإصلاح السوق واثنى على إصلاح السوق الحر كوسيلة للخروج من هذه المشكلة .

يذكر أن التقرير الذي صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية هو الأول من نوعه الصادر عن الإدارة الأميركية الجديدة، تضمن 52 بلدا في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط بشكل أساسي.ويمثل هذا العدد زيادة قدرها 30 %، ففي التقرير الذي صدر عام 2008 كانت اللائحة تتضمن 40 بلدا، وتم إزالة بعض البلدان من اللائحة السابقة بينما أضيفت بلدان أخرى مثل أنجولا وبنغلاديش والعراق ولبنان وكمبوديا وباكستان ونيكاراغوا والفلبين وقطر والسنغال والإمارات العربية المتحدة.وارتفع عدد الدول المهددة بعقوبات أمريكية من 7 عام 2008 إلى 17 هذا العام، وتتضمن العقوبات إيقاف المساعدات الأمريكية باستثناء المساعدات ذات الطابع الإنساني، ووضع قيود على التعاملات التجارية ومعارضة القروض المقدمة من صندوق النقد الدولي.

وبين الدول الجديدة بعض خصوم الولايات المتحدة مثل كوبا وإيران وكوريا الشمالية وميانمار والسودان وسورية وبينها أيضا بعض حلفاء الولايات المتحدة مثل السعودية والكويت. وأضيفت ماليزيا إلى قائمة الدول quot;الأسوأquot; من ناحية الاتجار بالبشر، إلى جانب زيمبابوي وتشاد وأريتريا وموريتانيا والنيجر وسازيلاند.