لندن: سيسعى وزير الخزانة الأميركي تيموثي جايتنر إلى طمأنة دول الخليج العربية هذا الأسبوع بأن أصولها الهائلة المقومة بالدولار الأميركي لا تزال تمثل استثماراً قوياً. ويظهر انخفاض حدث أخيراً في الأصول الأجنبية السعودية أنه من غير المتوقع بعد الآن أن يظل مستوى شراء دول الخليج المتحالفة مع واشنطن لأذون الخزانة الأميركية في العقود الأخيرة أمراً واقعاً. وتربط خمس من دول الخليج عملاتها بالدولار.

وسيعرض جايتنر ضمانات بشأن قدرة الولايات المتحدة على الخروج من الركود خلال زيارته إلى كل من السعودية والإمارات صاحبتي أكبر وثاني أكبر اقتصاد في العالم العربي على الترتيب في جولة ستقوده إلى اوروبا أيضاً.

وقال محللون ودبلوماسيون إنه من غير المرجح أن يواجه الوزير الأميركي أي تحد للهيمنة العالمية للدولار خلال زيارته لمنطقة الخليج. وكانت الصين وروسيا قد عبرتا عن مخاوفهما بشأن بقاء العملة الأميركية الضعيفة كعملة مهيمنة على الاحتياطيات العالمية. غير أن بكين التي تملك كميات هائلة من الأصول الأميركية تلمح إلى أن أي تغيير سيكون في الأجل البعيد.

وقالت مونيكا مالك الخبيرة الإقليمية لدى المجموعة المالية-هيرميس في دبي quot;تسعى الولايات المتحدة إلى طمأنة السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي بشأن التوقعات بخصوص الدولار والاستثمارات الأميركية نظراً إلى التحديات التي تواجه الاقتصاد الأميركي والوضع الماليquot;.

وأضاف المحلل المقيم في الرياض جون سفاكياناكيس أن الرحلة تمثل quot;زيارة مهمة إلى إحدى أكبر حائزي السندات الحكومية الأميركية وأحد الداعمين المؤثرين للدولارquot;.

وهون مسؤولون أميركيون من شأن التكهنات بأن جايتنر سيسعى إلى أي مبادرات كبرى، لكنهم أشاروا إلى أن أحد الأهداف هو ضمان ألا يفقد المستثمرون الأجانب الثقة في الولايات المتحدة كوجهة رئيسة لاستثماراتهم. وقال مسؤول أميركي quot;سنرغب في التأكيد على أننا منفتحون على الاستثمار الأجنبي من المنطقةquot;.

وقالت مالك إن تغير التوازنات في التجارة العالمية قد ترك بالفعل آثاره على احتياطيات دول مجلس التعاون الخليجي. وأضافت quot;من المرجح أن يكون قد حدث بالفعل بعض التنويع في احتياطيات دول مجلس التعاون الخليجي في ما يخص العملات خلال السنوات القليلة الماضية، نظراً إلى ضعف الدولار ونمو التجارة مع آسيا وأوروباquot;.

وانخفض صافي الأصول الأجنبية السعودية بنحو 183 مليار ريال (48.80 مليار دولار) منذ نوفمبر بحسب بيانات لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) مع لجوء المملكة إى احتياطياتها التي جمعتها على مدى عقود بفضل ارتفاع أسعار النفط.

وكان محافظ البنك المركزي السعودي محمد الجاسر قد قال في مايو إن المملكة لا تبيع أي أصول أجنبية، لكنها تسحب من الاحتياطيات لمواصلة الإنفاق للحفاظ على نشاط الاقتصاد. وأبلغ وزير المالية السعودي إبراهيم العساف رويترز في مايو بأن المملكة العضو في مجموعة العشرين حافظت على تنويع احتياطياتها من العملة الصعبة فيما يعكس بوجه عام توجهات تجارة المملكة واحتياجاتها.

وسيلقي جايتنر خطاباً أمام قادة أعمال سعوديين الثلاثاء في جدة قبل أن يجري محادثات في الإمارات في اليوم التالي. ولا تزال الولايات المتحدة الشريك التجاري الرئيس للسعودية، لكن دولاً آسيوية أو أوروبية تحرز تقدماً. فقد فاز كونسورتيوم يضم مؤسسة بناء السكك الحديدية الصينية باتفاق سعودي بقيمة 1.8 مليار دولار، كما فازت مجموعة الفضاء والطيران الأوروبية (اي.ايه.دي.اس) بثاني عقد دفاعي لها في المملكة متغلبة على شركات أميركية.

وهناك غرض آخر لزيارة جايتنر، يتمثل في ضمان عدم استمرار نفور المستثمرين الخليجيين بسبب الجدل السياسي الذي أعقب استحواذ شركة موانئ دبي العالمية في عام 2006 على شركة بريطانية، والذي كان من شأنه أن يمنحها سيطرة على موانئ أميركية.

واعترض بعض المشرعين الأميركيين على الصفقة لدواعي الأمن القومي، وانتهى الأمر بأن نقلت موانئ دبي العالمية المملوكة للدولة تشغيل الموانئ إلى شركة أميركية.

وقال المسؤول الأميركي quot;نتبع أسلوباً جديداً في مرحلة ما بعد (صفقة) موانئ دبي العالمية، ونريد ضمان أن يكون نزيهاً وشفافاً ويمكن التنبؤ به، وأن يركز بشكل مناسب على المخاوف الحقيقية للأمن القوميquot;.