جدة، مانهايم - وكالات: أشاد وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر اليوم الثلاثاء بالاستثمارات الخليجية الضخمة التي قال إنها تساعد على عودة الاقتصاد العالمي إلى مسار النمو، كما دعا دول الخليج إلى الاستمرار في الاستثمار في الولايات المتحدة.

وقال غايتنر في خطاب في جدة غرب السعودية quot;اعتقد أنه على العالم أن يبدي تقديره الكامل لمستوى الطموح والاستثمار الذي نراه في السعودية وفي منطقة الخليج من أجل إرساء اسس النمو المستقبليquot;. ويقوم غايتنر بزيارة إلى المنطقة، حيث يجري محادثات مع المسؤولين في دول تعد من أبرز حاملي سندات الخزينة الأميركية.

وشدد المسؤول الأميركي على أهمية الانفاق من أجل العودة إلى النمو. وقال quot;هنا في السعودية ما زال الاقتصادي غير النفطي ينمو بدفع من خطة لتحفيز الاقتصاد تعد من الأكبر بين دول مجموعة العشرين، ومن خطوات جرئية في المجال الماليquot;.

وكان غايتنر يتحدث أمام رجال الأعمال في غرفة التجارة والصناعة في جدة، قبل لقائه من مسؤولين سعوديين، ومع العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز. ويفترض أن ينتقل غايتر الأربعاء إلى الإمارات، حيث يلتقي المسؤولين عن الصندوقين الاستثماريين السياديين الرئيسيين في أبوظبي.

وقال محللون إن السعودية والإمارات وباقي دول الخليج التي بحوزتها سندات خزينة أميركية بمليارات الدولارات، تنتظر من وزير الخزانة الأميركي تطمينات حول وضع الاقتصاد الاميركي. وقال الخبير الاقتصادي المخضرم المقيم في الرياض جون سفاكينياكيس إن quot;زيارة غايتنر ستكون أشبه بتقرير مرحلي حول تطور وضع الاقتصاد الأميركيquot;. وأضاف إن quot;هناك حاجة لوجود بعد التفسيرات حول وضع الاقتصاد الأميركي، إذ إن السعودية حاملة مهمة للسندات الأميركيةquot;.

وذكر محللون أن الاهتمام الأميركي الأبرز يتمحور حول ضرورة إبقاء الدول الخليجية على معظم احتياطاتها الخارجية في أصول ترتكز على الدولار الأميركي، بما في ذلك سندات الخزينة الأميركية.

وتؤكد هذه الزيارة أهمية السعودية كبلد من أهم مصدري النفط في العالم، ويملك موجودات خارجية تقدر قيمتها بأربعمئة مليار دولار، فيما يعتقد أن معظم هذه الموجودات ترتكز على الدولار الأميركي. ونظراً إلى اعتماد السعودية على تصدير النفط الذي يسعر بالدولار، فإن المحللين لا يتوقعون تغييراً جذرياً في سياسة السعودية حول موجوداتها بالدولار.

إلا أن المملكة التي أطلقت مشاريع استثمارات طموحة لتحفيز نمو الاقتصاد تقوم ببيع بعض من أصولها الخارجية لتمويل هذه المشاريع. وتشير توقعات إلى أن الموجودات السعودية الخارجية انخفضت قيمتها من 2.443 مليار دولار في نوفمبر الماضي إلى 2.395 مليار دولار في نهاية مايو.

كما تشير تقديرات إلى أن الأصول الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي انخفضت بقيمة 300 مليار دولار، الأمر الذي ساهم على الأرجح في ضعف الدولار. إلى ذلك، شدد غايتنر في السعودية على أن أبواب بلاده ما زالت مفتوحة أمام الاستثمارات العربية.

وقال quot;منذ الجدل الذي دار حول صفقة موانئ دبي (العالمية) في مطلع 2006، طبقت حكومتنا سلسلة من الإصلاحات التي تهدف إلى حماية الأمن القومي، وإنما مع تأمين مزيد من الوضوح والشفافية للمستثمرينquot;. وأضاف إن quot;هذه الإصلاحات لم تؤثر على سياسية الاستثمارات المفتوحة التي نعتمدهاquot;.

وأشار غايتنر إلى أنه منذ فشل هذه صفقة الاستحواذ على عدد من الموانئ الأميركية، بلغت الاستثمارات الخارجية المباشرة الآتية من دول الخليج إلى الولايات المتحدة 25 مليار دولار، بما في ذلك استحواذ عملاق البتروكيماويات السعودي سابك على شركة quot;جي أي بلاستيكسquot; مقابل 11 مليار دولار.

جايتنر متفائل بالانتعاش رغم بيانات أوروبية متشائمة
على صعيد آخر، قال وزير الخزانة الأميركي تيموثي جايتنر اليوم الثلاثاء إن الجهود العالمية في مواجهة الركود بدأت تؤتي ثمارها رغم بيانات من أوروبا أشارت إلى انتعاش ضعيف على أفضل تقدير. وطمأن جايتنر مستمعيه في السعودية، أحد أكبر مشتري السندات الأميركية، إلى أن واشنطن تتحمل مسؤولية خاصة في ما يتعلق بالمساعدة في دعم خطى انتعاش الاقتصاد العالمي.

إلا أن بيانات صدرت اليوم الثلاثاء أظهرت أن المستثمرين الألمان باتوا أكثر تشاؤماً من المتوقع، في مؤشر يقول محللون إنه يعني أن اقتصاد ألمانيا لن يبدأ في النمو قبل العام المقبل، على أقرب تقدير. وقال كارستن برزيسكي الخبير الاقتصادي في (اي.ان.جي.) فاينانشال ماركتس quot;يمكن أن يكون الاقتصاد الألماني ضمن أول الخارجين من الركود. لكن الأمر يتعلق بهل سيحدث هذا وليس متىquot;.

وكان الإنتاج الصناعي لمنطقة اليورو مخيباً للآمال أيضاً، حيث نما بدرجة طفيفة في مايو، بعد نتائج سيئة في إبريل، ولا يزال منخفضاً بنحو 17 % عن مستواه قبل عام. ويترقب المسؤولون والمستثمرون على السواء لمعرفة ما إذا كان صعوداً أولياً في البيانات الاقتصادية خلال الأسابيع القليلة الماضية يعني نهاية لأسوأ ركود منذ الثلاثينات.

ويخشى الكثيرون أن يكون ذلك مجرد انتعاش قصير الأجل مدعوم بتريليونات الدولارات التي ضختها الحكومات في أنحاء العالم لإنقاذ بنوكها وتحفيز اقتصاداتها، وهي أموال مقترضة سيستغرق سدادها سنوات. وأظهرت سنغافورة، وهي اقتصاد صغير، لكنه يقع في مفترق طرق رئيس في النظام التجاري العالمي، مدى التقلبات التي يمكن أن تطرأ على الاحصاءات. وسجلت سنغافورة زيادة ملحوظة بنسبة 20.4 % في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول على أساس سنوي بعد ركود على مدى أربع فصول.

وفي جدة، قال جايتنر إن الاقتصاد العالمي يواجه تحديات هائلة، لكنه تحدث بنبرة تدعو إلى الاطمئنان بشأن الاحتمالات المستقبلية إذا استمر تقديم دعم quot;ثابت وقوي ومستمرquot; إلى أن يقود الاستثمار والإنفاق الخاص إلى انتعاش اقتصادي. وأكد أن quot;قوة الركود العالمي بدأت تنحسر. فللمرة الأولى في فصول عدة بدأ صندوق النقد الدولي وعدد من المحللين من القطاع الخاص تعديل توقعاتهم بالزيادة للنمو في النصف الثاني من العام الحالي وفي العام المقبلquot;. وتستثمر السعودية كثيراً من احتياطياتها من العملة الصعبة في سندات حكومية أميركية، وأكد جايتنر أن واشنطن لن تتنصل من واجباتها.

وأضاف قائلاً في تصريحات أمام غرفة التجارة والصناعة في جدة quot;نظرا لدور الدولار في النظام المالي العالمي والتأثير الكبير للاقتصاد الامريكي على الظروف الاقتصادية العالمية فإننا ندرك تماماً أن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية خاصةquot;.

وبينما كان يتحدث في جدة، أظهرت بيانات أوروبية انتعاشاً ضعيفاً على أفضل التقديرات. فأظهر استطلاع أن معنويات المحللين والمستثمرين في ألمانيا تراجعت في يوليو للمرة الأولى منذ أكتوبر 2008. وأشار الاستطلاع الشهري الذي يجريه مركز زد.اي.دبليو البحثي الألماني، ومقره مانهايم، انخفاض المعنويات الاقتصادية إلى 39.5 من 44.8 في يونيو. وقال مايكل شرودر الخبير في المعهد إن هذا يأتي متماشياً مع نمو صفر في الاقتصاد الألماني للفترة الباقية من هذا العام. لكن النمو الصفري أفضل من التباطؤ. وأوضح برزيسكي الخبير الاقتصادي في (اي.ان.جي فاينانشال ماركتس) quot;بدأ الاقتصاد الألماني يستقر، لكنه لن يكون قوياً بمثل الدرجة التي قد تدفعنا أحدث البيانات إلى الاعتقادquot;.

وزاد الإنتاج الصناعي لمنطقة اليورو في مايو مقارنة مع الشهر السابق للمرة الأولى منذ أغسطس 2008 حسبما أفاد مكتب الإحصاءات التابع للاتحاد الأوروبي. وزاد الإنتاج 0.5 % مقارنة مع الشهر السابق، لكنه انخفض 17 % مقارنة مع الشهر المقابل من العام الماضي.

وفي ما يخص الأسواق، أدت زيادة مفاجئة في الثقة في أسهم المؤسسات المالية الأميركية إلى صعود الأسهم العالمية قبل نشر نتائج بنك جولدمان ساكس. فارتفع مؤشر quot;ام.اس.سي.ايquot; للأسهم العالمية بنسبة 1 % الساعة 10:45 بتوقيت غرينتش، كما زاد مؤشر الأسواق الصاعدة أكثر من 2 %.

وارتفعت الأسهم الأميركية أكثر من 2 % أمس الاثنين بعد تعليقات متفائلة عن أداء القطاع المالي من المحللة مرديث ويتني عززت الآمال بأن النتائج الفصلية للبنوك ربما تأتي أقوى من المتوقع.