كامل الشيرازي من الجزائر: في سيناريو تعود عليه الجزائريون عشية حلول شهر رمضان من كل عام، تعرف مختلف الأسواق المحلية منذ أيام، إلتهابًا جنونيًا في أسعار المواد الواسعة الاستهلاك، وشهدت بورصة الخضار والفواكه كما اللحوم الحمراء والبيضاء، قفزات خيالية في ظرف قصير جعلت السواد الأعظم من الشارع المحلي في حيرة مشوبة بالاستياء إزاء هذا الوضع الذي يهدد بطوارئ حقيقية تطال الموظفين المحدودي الدخل، وكذا العوائل الفقيرة إبان شهر الصوم. وقبيل أيام على افتتاح الشهر الفضيل، عادت لعنة الغلاء لتفرض نفسها بقوة في مختلف الأسواق الجزائرية بشكل غريب ومقلق، جعل الشارع المحلي في حالة استنفار كبير، ويخيّم القلق إزاء هذه الموجة المتجددة التي تهدد برمضان حار قد يحرق جيوب المستهلكين. وفي جولة واسعة قادت quot;إيلافquot; عبر عدد من أسواق الجزائر العاصمة وضواحيها، لاحظنا ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء إلى حدود 400 دينار للكيلوغرام الواحد، وسط توقعات بوصول سعر الدجاج إلى حدود 450 دينارًا في الأيام الأولى لرمضان. ومن جهتها، شهدت أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعًا هي الأخرى حيث قاربت الألف دينار للكيلوغرام، ولم تنجُ اللحوم المجمّدة من شبح الزيادة هي الأخرى، إذ انتقلت من 310 دينارات للكيلوغرام إلى 380 دينارًا، وهو ما اعتبره تجار ومستهلكون في تصريحات لـquot;إيلافquot; أمرًا مهولاً، وقال لطفي البائع للحوم المجمدة بضاحية بابا حسن (18 كلم غربي العاصمة)، أنّه حائر للغاية ويشعر بالخجل حيال زبائنه، متسائلاً كيف يمكن للكادحين الذين يستهلكون اللحوم المجمّدة هروبًا من الطازجة، أن يدفعوا ثمنًا باهظًا لاقتناء رطل من اللحم المجمّد كأضعف الإيمان؟، علمًا أنّ أسعار اللحوم الطازجة حافظت على غلائها منذ رمضان العام الماضي.
بدورها، ارتفعت أسعار الخضروات، حيث باتت البطاطا تُباع بـ45 دينارًا، بعدما كانت تتراوح بين 20 إلى 25 دينارًا، ويتوجس الكثير من المواطنين من أن تصير quot;عروس المائدةquot; صعبة المنال مع هبوب رياح المضاربة والاحتكار التي جعلت من أسعار الطماطم والفلفل بنوعية والبصل والجزر والبنجر والبازلاء بأسعار لا تنزل تحت سقف 60 دينارًا، فالفلفل الأخضر يُباع بـ70 دينارًا، والقاعدة نفسهاتنسحب على أسعار الفواكه التي قفزت بمرتين إلى ثلاث مرات، إذا ما استثنينا البطيخ والعنب والتين الشوكي بحكم طرحها للبيع في أوجّ موسمها.
وتعود نفس الأسئلة لتطرح نفسها، عن دور الوزارة الأولى وسط هذه الفوضى، وعما تقوم به فرق الرقابة الرسمية، في ظل غياب فادح لجمعيات المستهلكين، وما يترتب على ذلك من أضرار جسيمة يجد الجزائري البسيط نفسه مضطرا لتحمل تبعاتها، في وقت يواجه مراقبون اتهامات لمجموعة من quot;المتحكمين داخليًاquot; أو من يُنعتون بـquot;بارونات السوقquot;. وأعلن quot;رشيد بن عيسىquot; وزير الزراعة الجزائرية مؤخرا، أنّ إنتاج بلاده من البطاطا بلغ 25 مليون قنطار السنة الجارية، مقابل 21.7 مليون قنطار السنة الفارطة، أي بارتفاع بنسبة 15 بالمئة، بيد أنّ الغريب هو عدم تأثير هذه الوفرة على استقرار الأسعار، التي تعاكس التيار باتجاهها رأسًا نحو مزيد من الارتفاع، وحتى استيراتجية التخزين التي اعتمدتها السلطات مطلع الصيف، لم تؤت أكلها على ما يبدو، وسط توقعات بانخفاض الأسعار بعد انقضاء العشرة أيام الأولى من رمضان
التعليقات